أحمد عبدالمحسن يكتب: الحزب الديمقراطي.. إلى أين؟
وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض بعد حالة غضب متنامي داخل الرأي العام الأمريكي بسبب سياسات سلفه دونالد ترامب الذي أصاب المؤسسات الأمريكية بصدمات متتالية خلال السنوات الأربع التي بقي فيها في سدة الحكم.
الخطاب الشعبوي الذي انتهجه ترامب، والتراجع المؤسسي، جعل الإدارة الأمريكية في حرج بالغ بسبب الممارسات “الشرق أوسطية” -حسب وصف المتابعين- التي اتبعها الرئيس المثير للجدل، فتزايدت موجة الانتقادات والغضب الجماهيري بل والعالمي، حتى خسر ترامب في انتخابات تابعها العالم كله.
لكن إلى أين وصل جو بايدن خلال سنوات حكمه؟ لم يكن بايدن أفضل من سلفه بفارق يجعل هناك أريحية لدى الرأي العام الأمريكي، فإن كان الرئيس الحالي أفضل من السابق على مستوى “شعبوية الخطاب” إلى أن خطابه السياسي يزداد فشلا في كل يوم.
فخطته التي وضعها قبل عقود للسيطرة على روسيا، كلفت الاقتصاد الأمريكي مبالغ باهظة إذا ما وضعت المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا في الميزان، ودعمه لإسرائيل في حربها على غزة جعل واشنطن تخسر الكثير من الحلفاء إضافة إلى تعاطفات الرأي العام العالمي الذي رأي الولايات المتحدة وهي منبر الحريات شريك في “حرب إبادة”، كذلك التوترات الاقتصادية في مواجهة الصين التي لم تسفر عن شئ فلا أسفرت عن انتصار ولا عن هزيمة واستسلام.
كل ذلك إضافة إلى حالة الصراع التي يعانيها الداخل الأمريكي، فبايدن بكبر سنه وحالة (الشيخوخة) البادية في خطاباته، جعلته مثارًا للتشكيك في قدرته على إدارة الدولة بذهن غير حاضر على الإطلاق، حتى وإن افتخرت دومًا الولايات المتحدة بكونها “دولة مؤسسات” قادرة على تسيير أعمالها بكفاءة منقطة النظر حتى وإن غاب الرئيس، إلا أن وجود رئيس بحالة من (الخرف) إن صح التعبير أصبحت عبئًا على الإدارة، وهو العبء الذي يراه كل متابع للشأن الأمريكي.
ورغم كل تلك المشكلات إلا أن بايدن يبدو عازمًا على خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي المقابل تبدو استعدادات دونالد ترامب جادة للغاية من أجل العودة إلى البيت الأبيض ممتطيًا حصان الحزب الجمهورية وشعارات عودة أمريكا إلى مجدها.
تتضاءل فرص بايدن يوميًا، وتتزايد فرص ترامب يوميًا، يخسر الرئيس الحالي مساحات كبرى من مؤيديه، ويكسب سلفه أراضٍ جديدة.. ويقف الحزب الديمقراطي في موقف شديد الحرج بين نارين، نار تأييد رئيس حالي أثبت عدم قدرته على إدارة الدولة، ونار مرشح منافس قد يؤرخ له التاريخ باعتباره بداية تفكك الإمبراطورية الأمريكية.