أحمد بهاء شعبان في حوار لدرب: الإفراج عن المحبوسين الحد الأدني المطلوب من الحوار وبدونه لا معني له

– رئيس الحزب الاشتراكي: هذه رؤيتنا للحوار.. وطلبنا أن يكون علنيا حتي يكون الشعب هو الحكم وليس إعلام الصوت الواحد


– إغلاق المجال العام وتشديد القبضة الأمنية والهجوم المستمر من إعلام غير موضوعي وغير أخلاقي أضعف الأحزاب وجعلها غير فاعلة


– الأزمة الاقتصادية وحرمان الناس من التعبير ووجود محبوسين أمور تشكل مناخ غير مواتي للاستقرار وينذر بمخاطر يجب أن نتجنبها


– هناك من لا يعجبه أن يتم الحوار ويحاول عرقلة هذه الدعوة ونتمني أن تستمر وأن تصل إلي نتائج حقيقية تجنيبا للبلاد في المستقبل من أي أزمات


– كل نواحي الحياة في المجتمع مأزومة وهناك مشكلات خارجية تحيط بنا من كل جانب والاستناد إلي وحدة المجتمع في مواجهتها هو الحل الوحيد


– أطراف عديدة في المجتمع محرومة من الحوار.. وأحزاب الموالاة جزء من المشكلة وليست حلا


-الشعب المصري صمد وتحمل ما لا يتحمله أو تحمله شعب آخر وحقه أن يعيش في دولة ديمقراطية حرة


حوار – محمود السقا


بعد ما أعلنت لجنة الحوار الوطني عن التشكيل الكامل لمجلس الأمناء، والذي يتكون من 19 عضوًا، حاورت “درب” المهندس والكاتب والسياسي المخضرم أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري عن أهم ما يدور حول الحوار، وناقشنا معه أسباب وآليات ومحددات وإستراتيجيات هذا الحوار، وضمانات نجاحه، والخروج بنتائج إيجابية يتم البناء عليها للمستقبل القريب، وإلي أي مدي يمكن أن يصبح الحوار ناجاحا وكيف يتحقق هذا النجاح وما هي الأجندة السياسية التي سيطرحها حزبه بشكل خاص، والحركة المدنية الديمقراطية بشكل عام، وإلى نص الحوار:

– كيف ترى دعوة الحوار الوطني وسط القيود المفروضة على الحريات العامة والسيطرة الأمنية على مفاصل الحياة السياسية؟

الحقيقة أن هذا هو أحد الأسباب التي تدعو إلي خوض تجربة الحوار لمحاولة فك الاحتباس السياسي وتوسيع المجال العام، والاستفادة من هذا الوضع لبناء تنظيم جديد للعلاقة بين القوي السياسية والدولة، لأنه في ظل الوضع القائم يستحيل أن تكون هناك ممارسة سياسية حقيقية وسيظل الشعب بعيدا عن مناقشة همومه الحقيقية، والتردي علي مستويات عديدة يؤدي في النهاية إلي مزيد من الأزمات وهناك طبعا مشكلة كبيرة وخاصة علي المستوي الاقتصادي وكلنا نعرف مأساة الديون التي يستنزف تسديد فوائدها جانب كبير جدا من الدخل القومي وبالتالي ربما تكون هذه هي إحدي الأسباب الدافعة لفتح الحوار، وربما يكون السبب خارجي كما حدث من قبل.
ولكن في كل الحالات يستحيل استمرار القبضة الأمنية علي نحو ما هو موجود الأن لأن في النهاية الشعوب قد تصبر عام أو اثنين أو عشرة نتيجة ظروف خارجية أو نتيجة القبضة الأمنية الشديدة التي تتعلق بها ولكن في النهاية سيكون هناك تمرد علي هذا الوضع، ونحن جميعا نريد للوضع الاستقرار، لأن مصر مشاكلها كبيرة ولا تتحمل أي انفجار جماهيري ضخم الأن، وهناك ضرورة لحل مشكلة الوضع السياسي المأزوم حتي يمكن تعاون كل المصريين من أجل حل مشاكل وجودهم الحيوي.
وأضاف، نحن الأن نواجه مشكلة كبيرة علي المستوي الاقتصادي، ومشكلة كبيرة علي المستوي السياسي، وعلي مستوي الأمن القومي خصوصا فيما يخص قضية سد النهضة وغيرها وهذه القضايا تجبرنا جميعا علي البحث عن مخارج حقيقية غير المخارج الشكلية المعروفة وهو أمر يقتضي توسيع هامش الحريات ومنح القوي السياسية الحقيقية التي لها رؤية وموقف وانحيازات اجتماعية واضحة الفرصة للمشاركة في تحمل مسئولية الأوضاع في البلاد، وإلا ستكون العاقبة وخيمة علي المجتمع وعلينا جميعا.

-هل من الممكن أن يكون هناك تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية حقيقية في مصر بعد ذلك الحوار؟

أظن أن الواقعية تقتضي أن يكون هناك نظرة موضوعية لنتائج هذا الحوار، تحميل هذا الحوار أكثر مما يحتمل من الصعب جدا أن يتحقق لأن موازين القوي مختلة اختلالا كبيرا، ولأن حجم المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر ضخم للغاية ولا يمكن الرهان علي حوار لبضعة أسابيع أو أشهر في حل كل هذه الاختناقات، لكن الممكن والمأمول وهو الحد الأدني المطلوب أن نصل إلي توافقات تفتح المجال أمام تطور سياسي وديمقراطي يساهم في إخراج الحياة السياسية من معزلها أو الكهف التي تعيش فيه، والبحث عن بدائل للسياسيات القائمة ستأخذ وقتا طويلا حتي يمكن تحقيقها.

– الدولة أعلنت خطتها الاقتصادية قبل الحوار بطرح ما يعرف وثيقة ملكية الدولة فهل متاح تقديم بديل لها ؟

الدولة استبقت هذا الحوار بمجموعة من الإجراءات أعلن عنها عن بيع أجزاء من ملكية الدولة علي مدي أربع سنوات بما قيمته 40 مليار ونشرت وثيقة ملكية الدولة وفيها تغيرات اجتماعية، وسياسية، واقتصادية، عميقة تزيد من الفجوة الاجتماعية بين الشعب والطبقة الحاكمة، وبالتالي يصعب ببساطة شديدة تغيير موازين القوي التي مررت هذه الإجراءات الشاقة علي المجتمع إلا علي مدي طويل وإلا في ظروف سياسية تسمح بالحوار وبتنظيم طاقات المجتمع والمجتمع المدني وتنشيطه وبناء توازن جديد للقوي تكون فيه كلمة الشعب مقدرة ولها تأثير.

– ما هي أهم الملفات التي ستطرحها المعارضة في أجندة الحوار؟

هذه الملفات محددة في البيان الذي صدر عن الحركة المدنية الديمقراطية في “8 مايو 2022” وتحددت فيه ست بنود وهي:
أولا: الإصلاح السياسي، والتحول الديمقراطي.
ثانيا: الإصلاح الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية.
ثالثا: الإصلاح التشريعي والمؤسسي.
رابعا: ملف حقوق الإنسان والحريات العامة.
خامسا: الأمن القومي والمصالح الوطنية.
سادسا: تعميق المواطنة، ومكافحة التمييز.

والحقيقة أن هذه العناوين العامة يندرج تحتها الكثير والكثير من العناوين الفرعية ومن غير المنتظر أن تحسم كل هذه القضايا خلال جولة الحوار، ولكن مجرد طرحها والمطالبة بتغييرها وإصلاحها يكفي في هذه اللحظة لـ القول بأن المعارضة طرحت برنامجها علي المجتمع.
وأضاف أن أهم ما في هذا الحوار حسب طلبنا أن يكون هذا الحوار علنيا أي يكون الحكم فيه ليس إعلام الصوت الواحد أو ذوي المصالح والتربيطات إنما الرأي العام الشعبي الذي يدفع ثمن أخطاء السياسات ويتحمل نتائج القرارات التي تتخذ في غيبة منه لأنه من المؤكد أن صوت الشعب الحقيقي غير مسموع في هذه الجلبة الواسعة.

– ما هو الحد الأدنى المطلوب من الحوار السياسي الذي إذا حدث يصبح الحوار ناجحا ونتج عنه تغيير أو إصلاح؟

أعتقد أن الحد الأدني المطلوب ونحن اعتبرناها بادرة حسن نوايا أساسية بدونها لا يصبح للحوار معني، هو الإفراج عن أعداد وازنة من المعتقلين السياسيين في قضايا الرأي والذين لم تتلوث أياديهم بدماء المصريين أو انتموا إلي جماعات إرهابية، وخصوصا الذين طالت مدة حبسهم نتيجة أسباب غير معقولة أو مقبولة كأن كتب تعليقا علي صفحة الفيس بوك وغيرها من الأسباب التي لا تكفي لاستمرار حبسهم لسنوات تحت مسمي الحبس الاحتياطي الذي تحول إلي عقوبة كبيرة لأي صاحب رأي وتهديد مستمر للحياة السياسية، فهذا المحدد أحد المحددات الأساسية لكي يمهد لحوار ناجح.
واستكمل قائلا، أما الحوارالناجح الحقيقي فعلي الأقل ذلك الحوار الذي ينتهي بـ إجراءات عملية لفتح المجال العام ووضع حد لتكميم أفواه القوي السياسية والسماح للمجتمع بأن يتنفس هواءا نقيا يمكن من خلاله أن يناقش أوضاعه وأن يبدأ رحلة الإصلاح الحقيقية وبدون ذلك يصبح هذا الحوار مثله مثل حوارات عديدة جرت قبل ذلك مجرد إجراء شكلي لا يؤدي إلي نتائج عملية وستظل الأزمة معلقة إلي إشعار آخر.

– من هي الأطراف التي تري أنها من المفترض أن تشارك في الحوار الوطني، وتحت أي محددات وضمانات؟

الحقيقة هناك خلط كبير وفيه جانب منه متعمد لفتح الحوار إلي مدي يصبح فيه اقرب إلي مكلمة واسعة أو سوق عكاظ جديد يمتلأ بالضجيج ويتحدث فيه كل من هب ودب، ومن الأشياء اللطيفة أننا وجدنا كل أحزاب الموالاة تعتبر نفسها أحزابا معارضة وجاهزة للحوار مع السلطة وأنا استخدمت تعبيرا لـ جوروج الخامس يحاور جورج الخامس، كما كان في الماضي أيام الاحتلال يقال، والحقيقة أن الحوار مقصود به حوار بين السلطة بما تمثله من انحيازات سياسية واجتماعية وما اتخذته وتتخذه من تصرفات تنحاز إلي طبقة اجتماعية بعينها وبين المعارضة السياسية التي تعترض علي هذه السياسيات وتطرح برامج بديلة تنحاز إلي جماهير الشعب في مجملها ولها رؤية نقدية لسياسات الدولة، أما أحزاب الموالاة فهي جزء من المشكلة وليست حلا للمشكلة وليست لديها مع النظام أي مشكلة لأنه هي في النهاية صنيعته وصاحبة الحظوة لديه، ولذلك هناك حاجة ماسة إلي حوار مجتمعي ويبدو من اتساع نطاق الرغبة في الحوار أو المشاركة أن هناك أطرافا عديدة في المجتمع نقابات وهيئات مجتمع مدني وجامعات وجمعيات مجتمع مدني وغيرها، محرومة من حقها في الحوار ولها كامل الحق في أن تطلب المشاركة فيه ولكن هذا أمر مختلف عن الحوار المطلوب أو الذي نتحدث عنه وهو الحوار بين القوي السياسية المعارضة صاحبة الرؤية والبرامج المختلفة عن رؤية السلطة وبين ممثلي النظام أصحاب القرار وصناع السياسات طوال الفترة الماضية.
أما الضمانات فقد عبرنا عنه كما أشرنا إليها سابقا في بيان الحركة المدنية وهي ليست شروط حتي لا يتم تأويلها تأويلا يفسد خطوات الحوار، هي ضمانات نري أنها ضرورية بشكل إجرائي وموضوعي لاستقامة الأمور والوصول إلي نتائج حقيقية يمكن أن يبني عليها وأول هذه الضمانات هي أن يكون هذا الحوار بين السلطة والمعارضة السياسية وليست حوار سداح مداح مع كل من يريد أن يتحدث أو يبدي رأيه.

النقطة الثانية وهي أننا طلبنا أن يكون هذا الحوار مع مؤسسة الرئاسة أو من يمثلها لسبب بسيط وهو أننا نعلم جميعا أن مصر دولة رئاسية تدار بشكل أساسي من قبل رئيس الجمهورية وبالتالي هو صاحب القرار ويجب أن يكون الحوار مباشرة مع مؤسسة الرئاسة وإلا سيكون إضاعة لوقت السلطة ولوقتنا أيضا ولوقت المجتمع.

النقطة الثالثة أن هذا الحوار يجب أن يكون حوارا أمام الرأي العام ومفتوحا للشعب حتي يري ويسمع الخلافات وحدودها، والسياسات وتباينتها، ويحكم في النهاية إذا كانت المعارضة لديها ما يمكن أن يقوم الوضع أو يسهل علي تحسين الظروف أو العكس لأنه إذا ترك الحوار لـ إعلام الصوت الواحد سيتم تشويه المعارضة كما شوهوها علي مدي عقود وإلصاق كل التهم بها علي نحو ما تعودنا وبالتالي ستضيع القضية وتعود ريمة إلي عادتها القديمة.

– ما هى في اعتقادك الدوافع الحقيقية للدعوة للحوار الوطنى الآن؟ وما هى النتائج المتوقعة الممكن تحققها فعلا من الحوار؟

أعتقد أنها دوافع مركبة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي، منها ما هو موضوعي ومنها ما هو ذاتي، وهذه الدوافع المتداخلة هي التي دعت السلطة لإطلاق هذا الحوار ومنها مثلا علي سبيل المثال الأزمة الاقتصادية المترتبة أولا وقبل أي عناصر خارجية علي مجمل السياسيات والانحيازات الاجتماعية للسطلة علي مدي سنوات طويلة أدت في النهاية إلي بناء اقتصاد تابع وهش قائم علي الاستيراد والاستدانة ووصلنا إلي نقطة يصعب فيها استمرار الوضع علي ما هو عليه، ورأينا الحكومة تطرح برامج لبيع والتصرف في ملكيات الدولة وهو أمر الحقيقة يجب إعادة النظر فيه لأن هذه الملكيات ليست ملكيات خاصة ولا شخصية، وإنما هي ملكية الأجيال الجديدة بأكملها ولها الحق في ألا تبدد بأي شكل بالأشكال، فالأزمة الاقتصادية الحاكمة والتي زادتها بلا شك كورونا والحرب الروسية الأوكرانية احتداما، وإدراك أن هذا المسار محفوف بالمخاطر الشديدة علي المجتمع وعلي استقراره وكل المؤسسات الاقتصادية الدولية تشير إلي المشاكل التي يواجهها الاقتصاد المصري وهذا دافع مهم.

أما الدافع الثاني فأنا أفترض أن السلطة لديها أجهزة لاستشعار الأوضاع وتحسس الرأي العام وإدراك مشاكل المجتمع وأكيد هذه الأجهزة التي لديها خبرات متراكمة تدرك أن استمرار الوضع كما هو عليه يهدد مستقبل الوطن بمشكلات في المستقبل، لأن الأزمة الاقتصادية وحرمان الناس من التعبير ووجود محبوسين كثيرين في السجون كل هذه الأمور تشكل مناخ غير مواتي للاستقرار وينذر بمخاطر نحن جميعا في حاجة ماسة لتجنبها مهما كانت الظروف، وحتي لنجنب المجتمع ويلات كبيرة في المستقبل وأظن أن هذه التركيبة من هذه الأوضاع الذكية والخاصة والعامة تجعل من الدعوة إلي هذا الحوار دعوة منطقية.

– وهل ترى أن هناك داخل السلطة على ذلك؟

يبدو أن هناك من لا يعجبه هذا الأمر ويحاول أن يعرقل هذه الدعوة ونتمني أن تستمر وأن تصل إلي نتائج حقيقية تجنيبا للبلاد في المستقبل من أي أزمات لسنا في وارد احتماله، خصوصا في هذه الظروف المعقدة ليس علي المستوي الوطني فحسب وإنما علي مستوي العالم بأكمله أما عن النتائج المتوقعة فلا يمكن في السياسة أن تتوقع وتضمن أي نتائج لأي عملية يتم فيها الحوار، والحوار هو نوع من الصراع ولكنه صراع سلمي للوصول إلي قواسم مشتركة تحددها في المقام الأول توازنات القوي في الواقع، ومن الظاهر أن التوازن مختل لصالح السلطة نظرا لأنها تملك الإمكانيات المادية الهائلة والتنظيم البشري الكبير وأجهزة الدولة ومشروعية الحكم، وأيضا يجب أن لا ينسي أن المجتمع حتي في صمته يملك قوة كبيرة خطورتها أنها ممكن أن تنفجر في أي لحظة وقديما قال أرسطو تكلم حتي أراك فالمجتمع الصحي هو الذي يتحدث بصوت عالي ويطرح همومه ومشاكله علي أرضية الحوار للوصول إلي تفاهمات حول حلولها ولا يجب أن تستأسر طبقة بمصالح المجتمع كله وتدير المجتمع لصالح شريحة محدودة من المجتمع علي حساب الأغلبية العظمي لأن هذا الأمر محفوف بالمخاطر.

– هل يمكن للحوار أن ينجح إذا لم يشارك ممثلوا التيار المدني أو تم استبعادهم تحت أي مزاعم أو مبرارات ؟

الحقيقة طبعا أنه في هذه الحالة لن يكون لهذا الحوار أي معني إذا تم هذا الأمر، وأعتقد أن السلطة واعية إلي هذا المأزق وتحاول تجنبه وحتي من مجرد توجيه الدعوة إلي معارض أو فئة معارضة مثلها الأستاذ حمدين صباحي، واتخاذ خطوات من أجل الحوار مع التيار المدني الديمقراطي يشير إلي أن الدولة بشكل واضح تعي أن هذا الحوار هو حوار مع المعارضة السياسية.
ولكن إذا ضغط من أجل إخراج التيار المدني من هذا الحوار لن يكون له مبرراً وسيكون أشبه بـفرح العمدة ينتهي وتنتهي معه كل أوهامه لأنه سيغيب الهدف الحقيقي من الحوار وهو الوصول إلي أرضية مشتركة لحل مشكلات المجتمع المتراكمة، والمشكلة ليست فقط علي الجانب الاقتصادي فنحن نعاني مشاكل كثيرة جدا في كل قضايا المجتمع حتي في سلوك الناس ومجموعة القيم التي تعرضت للتآكل والانهيار فيها مشكلة وهناك مشكلات في التعليم والصحة والأمن القومي وغيرها، وتقريبا كل نواحي الحياة في المجتمع مأزومة، وهناك مشكلات خارجية تحيط بنا من كل جانب وتهديدات واضحة جدا علي مستويات عديدة يجب الوعي بها والاستناد إي وحدة المجتمع في مواجهتها حتي لا تفاجئنا الظروف بما لا يمكن لنا أن نواجهه.

– كيف ترى زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للسعودية فى الفترة المقبلة؟ خاصة وأنه سيجتمع مع زعماء الخليج العربي والأردن ومصر والعراق؟

أعتقد أن هذه الزيارة زيارة خطيرة خاصة وأنها ستكون تالية لزيارته إلي إسرائيل وهناك ملفات مهمة جدا أعتقد أن هذه الملفات ستناقش في حضرة السيد الأمريكي وخصوصا أن هناك تحركات مصرية أردنية عراقية بحرانية سعودية إلي مدي كبير جدا في المنطقة خلال الفترة الأخيرة تشي بأن هناك شيء ما سيتمخض عن هذه الزيارة، وهل هذا الشيء خاص بـ التصدي لإيران ومحاولة توجيه ضربة لها علي نحو ما تضغط إسرائيل وبعض الأطراف العربية أو أنها لحل مشكلة أوروبا وإخراجها من مأزق عدم قدرتها علي توفير الطاقة لشعوبها في هذه المرحلة الحرجة من الحرب الروسية الأوكرانية أو غيرها من الأسباب.

وأعتقد أن جانب من الاهتمام بقضية الحريات والحوار وغيره يعود إلي أن الحزب الديمقراطي الأمريكي عادة هو الحزب المهتم بهذه القضية وأعتقد أن هذا الملف سيطرح ويشار إليه ولو بشكل هامشي، ولكن أنا أعتقد أن طموحنا لبناء مجتمع ديمقراطي لا يجب أن يكون صدي لضغوط أمريكية أو غير أمريكية نحن نطالب بحرية الفكر والعقيدة والانتماء السياسي والنشاط العام لأننا نستاهل هذه الحرية ونستحق أن نعيش في مجتمع ديمقراطي حقيقي، ليس استرضاء لأمريكا أو لأي طرف آخر، فمصر دولة حضارية قديمة ولها وزن في بيئتها ومجتمعها ومحيطها الاستراتيجي ومن حق الشعب المصري الذي صمد وتحمل ما لا يتحمله أو تحمله شعب آخر أن يعيش في دولة ديمقراطية حرة وأن يحفظ النظام العام له حقوقه وحياته ومستقبله وهذا هو الدافع الأساسي لنا للمشاركة في هذا الحوار وليس استجابة لضغطو أمريكية، أو أملا في مساندة خارجية لأن أمريكا نفسها ليست دولة ديمقراطية وتدعم أكبر دولة عنصرية في العالم وهي إسرائيل، وأمريكا هي صاحبة كل الضربات والكوارث التي حاقت بمنطقتنا لعله في تذكر ماذا حدث علي يدها في العراق ما ينبهنا إلي أن المتغطي بأمريكا عريان كما يقول المثل الشعبي الدارك.

– إلى أي مدى من الممكن أن تؤثر الدعوة الرئاسية للحوار الوطني وما تلاها على النظرة الغربية لمصر؟

بشكل عام لا شك أن وجود محبوسين كثيرين وغياب الحريات يثير تعليقات من هنا أو هناك، سواء في بعض مؤسسات حقوق الإنسان أو الصحف أو الجماعات المدنية في الغرب، وهذا أمر تعودت عليه الدولة المصرية منذ عقود طويلة ولا أعتقد أنه يمثل بالنسبة لها تحديا كبيرة، لأن هذه المؤسسات وهذه الدول الحقيقة تستخدم غياب الحرية أحد أسلحة الضغط لتمرير سياستها وتحقيق مصالحها وليست جادة ولا مخلصة في الدفاع عن الديمقراطية بأي شكل من الأشكال وأنا لا أعتقد حتي أن النظام الغربي كما يتجسد مثلا في الولايات المتحدة نظاما ديمقراطيا، وإلا بأي حال هذا النظام أفرز ترامب رئيسا لأكبر دولة في العالم وأكبر نظام يدعي الديمقراطية في العالم، ثم أن الولايات المتحدة نفسها بنيت علي انتهاك أصحاب الأرض الأصليين وذبحهم وإبادتهم إبادة غير مسبوقة، والغرب الاستعاماري شوفنا يستعبد شعوبنا ويستنفذ طاقتها وهم غير جادون بأي شكل من الأشكال في الدفاع، هم يدافعوا عن الديمقراطية لديهم لإدارة مجتماعتهم، أما الديمقراطية بالنسبة لنا هي وسيلة للضغط علي النظام للحصول منه علي ما يريدون من مصالح وليسوا مخلصون حقيقون لقضية الديمقراطية وأنا لا أنظر إلي هذه الضغوط الخارجية علي نظمنا في مجتماعتنا في العالم الثالث نظرة حقيقية لأنني أعتقد أنها غير مخلصة لقضية الديمقراطية، وإنما هي أداة من أدوات الضغط لتحقيق المصالح في المقام الأول.

– يوجه دائما انتقاد للمعارضة بأنها “تتحدث فقط ولا تقدم حلولاً أو أفكاراً قابلة للتطبيق”.. فما تعليقك؟

هذا كلام فارغ، لأنه من حيث المبدأ لا يمكن أن نعتبر أن في مصر معارضة فاعلة، واعترف أن الأحزاب السياسية ضعيفة ولكن لأسباب موضوعية يجب أن تكون واضحة، وهي إغلاق المجال العام وتشديد القبضة الأمنية والهجوم المستمر من إعلام غير موضوعي وغير أخلاقي أيضا علي كل كمعارض وتشويه أفكاره واتهامه بالخيانة، وهنا سأضرب مثل بسيط وهو ثورة 25 يناير التي يقر الدستور الذي استفتي عليه الشعب وفاز بأصوات ضخمة وهو مشروعية النظام الحالي تعتمد علي هذا الدستور وهو يقر بأن ثورة 25 يناير كانت ثورة نبيلة المقاصد والأهداف والمشاركين والأن تتهم هذه الثورة بأنها مؤامرة تخريبية وقام بها عملاء وخونة وهو إهانة للشعب المصري كله الذي شارك بالملايين فيها، فالانتقادات التي تقدم للمعارضة هي انتقادات الحقيقة للنظام لأنه حينما تكون محروما كأحزاب سياسية من الحديث أو من الكتابة أو من النشر أو من الظهور في البرامج الإعلامية وطرح أفكارك علي المجتمع، وحينما تكون محروما من التواصل مع العمال والفلاحين والطبقة العاملة والطلاب والمثقفين، وحينما تكون محاط بقيود علي كل المستويات وقانون شديد الوطأة يمنعك من التعبير عن الرأي، في هذه الظروف لا يمكن إدانة المعارضة، إنما المدان هو الذي وضع هذه القيود علي حركة المعارضة السياسية، وإلا فليشرح لنا أحد هؤلاء السادة لماذا في 25 يناير وفي 30 يونيو كانت هناك ملايين في الشوارع بل وعشرات الملايين أين ذهبت هذه الملايين ولماذا انفضت عن الاهتمام بالشأن العام، لأن تكلفة الاهتمام بالشأن العام الأن أصبحت غالية جدا وباهظة بالنسبة لكل مواطن مصري يؤثر السلامة لكن حينما يكون هناك قواعد لإدارة العمل السياسي في المجتمع تحفظ المواد الدستورية من الاعتداء عليها مثل المادة الخامسة في الدستور التي تقر بأن المجتمع المصري مجتمع تعددي يقوم علي حرية تشكيل الأحزاب وحركتها السياسية، وهذا غير مطبق في الواقع، الذي يتحدث فقط ولا يقدم حلولاً أو افكاراً قابلة للتطبيق هو من يطبل لكل خطوة في الإعلام دون أن يمنح المواطن الفرصة لكي يناقش هذا “الإنجاز” لمن سيذهب عائده ومن الذي سيدفع تكاليفه.

– وما الذي تراه كمقترح لإصلاح وضع الحريات العامة وحرية الصحافة والإعلام؟

أعتقد أنه مثل ما تحدثت في السابق أن الاقتراحات، أولا الإفراج عن محبوسي الرأي الذين لم تلوث أياديهم بدماء المصريين.
ثانيا: مراجعة قانون الحبس الاحتياطي، حيث أنه كان في جيلي أنا حينما يتم إلقاء القبض علينا كانت أقصي مدة للحبس الاحتياطي لا تتجاوز 45 يوم ثم يفرج عن المحبوس إذا لم يقدم إلي محاكمة رسمية، الآن الحبس الاحتياطي الحد الأدني عامين وفي أواخر الدورة الأولي يمكن أن يضاف لها سنتين أخرتين وغيرها، فأول ضمانات إصلاح وضع الحريات العامة هو إعادة النظر في قانون الحبس الاحتياطي، ثم قوانين العمل السياسي كلها بداية من قانون الأحزاب وقانون التجمهر وقوانين النشر، و الإفراج عن المواقع الإليكترونية المحجوبة. وفتح المجال العام للحركة السياسية السلمية حتي لا تستغل من الأطراف المعادية.
وأيضا فتح المجال الإعلامي لأراء أخري فلا يمكن ألا نسمع سوي صوت واحد بمختلف نغماته ليل ونهار.
فهذه المقترحات ضرورية وإذا لم يتم النظر فيها نكون قد فوتنا فرصة حقيقية لجانب من الإصلاح، لأنه ليس هذا هو كل مجالات الإصلاح، ولكن علي الأقل هو جانب يسمح بطرح باقي الجوانب المهمة.

– ما هو تعليقك علي ما أثير حول تدخلات خليجية لعمل مصالحة بين مصر وجماعة الإخوان وتركيا؟

قرأت هذا التوجه ولا أعرف مدي صحته، وأظن أنه من الصعب إحداث هذه المصالحة لأنه هناك دم كثير سال في العلاقة ما بين مصر الشعب والنظام، والإخوان المسلمين وباقي فصائل الإسلام السياسي المؤمنة بالعنف وسيلة لتغيير المجتمع.

– ما هي رؤيتك لحل أزمة السد الأثيوبي؟

هذه القضية الحقيقة علي درجة عالية من الخطورة وهي قضية محورية تمس حياة المصريين ومستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة، ولا يجب التفريط فيها بأي معني من المعاني وأعتقد بإخلاص أنه تم إساءة التعامل مع هذا الملف الخطير علي مدي عشرات السنين حتي وصلنا إلي هذه المرحلة التي نستجدي فيها حلا ونقابل بتعنت أثيوبي خطير علي مدي ما نعرفه جميعا.

وأنا الحقيقة لا أملك حلولا منفردة لقضية شديد الخطورة مثل هذه القضية ولا يجب أن أتعامل بخفة معها ولكن اقترح دعوة كل الخبراء” خبراء السدود، والمياه، ونهر النيل، والزراعة، والفلاحة، وخبراء التخيط، والمستقبليات، وعلماء الجامعات، والمعنيين ورجال السياسة المحنكين” لعقد مؤتمر وطني جامع لعدة قضايا في مقدمتها ثلاث قضايا اساسية” قضية الأمن القومي المصري المهدد وفي القلب منه مسئلة سد النهضة، ثم قضية الزراعة وكيف نخرج من فخ استيرادنا لحاجتنا الأساسية من القمح وزيوت وغيرها، وقضية الصحة العامة التي تدهورت بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، ثم قضية التعليم وكلنا نعرف المدي التي وصلت إليه”.
هذه القضايا الأساسية يجب أن ندعو إليها المختصين في أوسع محفل للحوار الموضوعي الجاد والمسئول حتي يمكن أن نصل إلي حلول عملية ناجمة عن احتكاك الأفكار والعصف الذهني بين علماء وخبراء كبار يضعوا مصر علي طريق حل حقيقي للمشكلة، وأعتقد أن هذا أفضل من أن يفتي كل منا وقد يفتي بشكل خاطيء كما حدث في عهد محمد مرسي حينما اجتمع المشايخ للإدلاء برأيهم فأحدثوا كارثة كبري في هذه القضية.

– هل تم توجيه الدعوة للحزب الاشتراكي المصري.. وما هي رؤية الحزب للإصلاح السياسي والاقتصادي؟

تم توجيه الدعوة لمكونات الحركة المدنية الديمقراطية، ونحن أحد اطرافها.. وأتصور أن الحوار سيكون حوارا جماعيا ما بين ممثلي الدولة وممثلي هذه الحركة التي تعد الأن ملفاتها وتتحاور بشأن الرؤي والأفكار والبرامج التي ستقدمها من خلال هذا الحوار، ورؤيتنا للإصلاح السياسي والاقتصادي هي جزء من رؤية هذه الحركة.
أما علي مستوي الحزب الاشتراكي المصري بالتأكيد لدينا رؤية مذكورة في التقرير السياسي للحزب الذي أعد في عام 2019 وتم إدخال التطورات عليه بعد ذلك، ولدينا أفكار في كل القضايا المهمة التي ستطرح للحوار، والأن هناك لجنة فنية مكونة من ممثلين للأحزاب ومنها الحزب الاشتراكي المصري لوضع مخطط هذه الرؤي والأفكار التي سيتم عرضها في الحوار.

واختتم رئيس الحزب الاشتراكي المصري حديثه قائلا، وعموماً فإن رؤيتنا فيما يخص الإصلاح السياسي والاقتصادي، فهناك جانب منها عبرت عنه من خلال محاولة الإجابة علي هذه الأسئلة، والجانب الأخر موجود في بيان الحركة المدنية الديمقراطية الذي وقعنا عليه والذي تضمن محاور القضايا المطلوب إحداث إصلاح فيها علي المستوي السياسي والمستوي الاقتصادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *