وثائق باندورا| زعماء ومشاهير أخفوا ملايين الدولارات عبر شركات “أوفشور” لغسل الأموال والتهرب الضريبي (بينهم ملك الأردن وتوني بلير وشاكيرا)

600 صحفي شاركوا في التحقيق استنادا إلى 11.9 مليون وثيقة وسلط الضوء على 29 ألف شركة أوفشور.. أكثر من ثلثيها في جزر فيرجين

الملك عبدالله أسس 30 شركة أوفشور واشترى 14 عقارا فخما في الولايات المتحدة وبريطانيا بقيمة تزيد عن 106 ملايين دولار

ارتباط اسم بوتين بشركاء أصول في موناكو.. والقائمة تضم رئيس وزراء التشيك ورئيسي كينيا والإكوادور وكلوديا شيفر

فرانس24/ أ ف ب

كشف تحقيق نشره الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، عن أن العديد من القادة بينهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس وزراء التشيك أندريه بابيس، ورئيسا كينيا أوهورو كينياتا، والإكوادورجييرمو لاسو، أخفوا ملايين الدولارات عبر شركات خارجية (أوفشور) لا سيما لأغراض التهرب الضريبي.

ويستند التحقيق الذي أطلق عليه اسم “وثائق باندورا” وساهم فيه نحو 600 صحافي، إلى حوالي 11,9 مليون وثيقة مصدرها 14 شركة للخدمات المالية، وسلط الضوء على أكثر من 29 ألف شركة أوفشور.

وورد ذكر نحو 35 من القادة والمسؤولين الحاليين والسابقين في الوثائق التي حللها الاتحاد في إطار ادعاءات تراوح بين الفساد وغسل الأموال والتهرب الضريبي.

زعماء ومشاهير

وجاء في هذه الوثائق أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أسس ما لا يقل عن 30 شركة أوفشور في بلدان أو مناطق تعتمد نظاما ضريبيا متساهلا، ومن خلال هذه الشركات اشترى 14 عقارا فخما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بقيمة تزيد عن 106 ملايين دولار.

في المقابل، رفضت سفارة الأردن في واشنطن التعليق فيما نقلت هيئة “بي بي سي” عن محامين للملك عبد الله الثاني قولهم إن كل الممتلكات تم شراؤها من أموال خاصة، مشددين على أن الشخصيات البارزة عادة ما تعمد إلى شراء ممتلكات عقارية عبر شركات أوفشور للمحافظة على خصوصيتها ولأسباب أمنية.

أما رئيس وزراء التشيك أندريه بابيس، استثمر 22 مليون دولار في شركات وهمية استخدمت في تمويل شراء قصر بيجو، وهو دارة شاسعة في موجان جنوب فرنسا، وبدوره أودع رئيس الإكوادور جييرمو لاسو أموالا في صندوقين مقرهما في ولاية داكوتا الجنوبية في الولايات المتحدة.

وعلق بابيس في تغريدة “لم أقدم يوما على أي فعل غير قانوني، لكن هذا لا يمنعهم من محاولة التشهير بي والتأثير على الانتخابات التشريعية التشيكية” المقررة الجمعة والسبت.

ولم يرد ذكر اسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل مباشر في الوثائق، لكنه يرتبط عبر شركاء بأصول في موناكو، ومن بين الأسماء الواردة رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير الذي اشترى عقارا في لندن عبر شركة في الخارج.

وكشفت الوثائق أيضا أن عائلة رئيس أذربيجان إلهام علييف وشركاء له ضالعون في صفقات عقارية تبلغ قيمتها مئات الملايين في بريطانيا، فيما يملك رئيس كينيا أوهورو كنياتا وستة من أفراد عائلته مجموعة من شركات الأوفشور.

وأظهرت وثائق أوردها التحقيق أن أفرادا من أوساط رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان المقربة بينهم وزراء وعائلاتهم، يملكون سرا شركات وصناديق تبلغ قيمتها ملايين الدولارات.

ووعد خان بـ”إجراء تحقيق” حول كل الباكستانيين الواردة أسماؤهم في الوثائق وبـ”اتخاذ الإجراءات المناسبة” في حال ثبوت التهم عليهم.

وأقام الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين روابط بين أصول في شركات أوفشور و336 من القادة والمسؤولين السياسيين الكبار الذين أنشؤوا نحو ألف شركة، أكثر من ثلثيها في جزر فيرجين البريطانية.

ومن بين الشخصيات الواردة أسماؤهما المغنية الكولومبية شاكيرا وعارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر ونجم الكريكت الهندي ساشين تندولكار.

وفي غالبية الدول لا تعاقب القوانين على هذه الأفعال. لكن على صعيد القادة السياسيين، أورد الاتحاد خطابات البعض منهم المتعقلة بمكافحة الفساد في مقابل استثماراتهم في ملاذات ضريبية.

تحقيق أربك بنما!

وأثار التحقيق قبل نشره مخاوف السلطات في بنما من أن تشملها مرة أخرى فضيحة الملاذات الضريبية، حسبما جاء في رسالة حكومية نقلتها وسائل الإعلام المحلية السبت. وأفادت الحكومة البنمية في رسالة وجهتها إلى الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية عن طريق مكتب محاماة بأنه “قد تكون الأضرار غير قابلة للإصلاح”، محذرة من أن “أي منشور” يعزز “التصور الخاطئ” للبلاد كملاذ ضريبي محتمل “سيكون له عواقب وخيمة على بنما وشعبها”.

وكان الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية أعلن في تغريدة أنه سينشر الأحد “أشمل تحقيق حول السرية المالية حتى الآن” بناء على 11,9 مليون وثيقة مسربة “تغطي جميع أنحاء العالم”.

تغريدة الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية

وأشارت رسالة حكومة بنما إلى العديد من الإصلاحات التي نفذتها الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى خلال السنوات الماضية، والتي لا تزال مع ذلك مدرجة على قائمة الملاذات الضريبية في فرنسا والاتحاد الأوروبي. وأكدت بنما في رسالتها أن بنما عام 2016 “لا تمت بصلة ببنما اليوم”.

وقالت بنما إنه منذ تلك السنة، تم تعليق تسجيل أكثر من 395 ألف شركة ومؤسسة، أي ما يعادل نصف تلك التي كانت موجودة حينها.

وتخشى الحكومة من أن تواجه البلاد مرة أخرى فضيحة جديدة تتعلق بالملاذات المالية بعد تلك التي أثارها نشر تحقيق سابق أجراه الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية في 2016 والمعروف باسم “وثائق بنما”.

وفي هذا الشأن، كان مكتب المحاماة البنمي “موساك فونسيكا” قال في 2018 إنه قد أوقف كل نشاطاته، في أعقاب هذه الفضيحة. وكانت قضية “وثائق بنما” بدأت في 03 أبريل/نيسان 2016 مع تسريب 11,5 مليون وثيقة رقمية من مكتب المحاماة البنمي هذا.

وهذه الوثائق الحساسة التي حللتها المجموعة الدولية للصحافيين الاستقصائيين أدت إلى سلسلة صدمات في العالم بينها استقالة رئيس الوزراء الإيسلندي سيجموندور ديفيد جونلوجسون، ثم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف.

وبعد تسريب الوثائق، فتح 150 تحقيقا على الأقل في 79 بلدا في قضايا تهريب ضريبي أو تبييض أموال، وفق ما قال المركز الأمريكي للنزاهة العامة. ومنذ ذلك الحين، أجرت بنما سلسلة إصلاحات لتعزيز الرقابة المصرفية ومعاقبة التهرب الضريبي بالسجن، إلى جانب تبادل المعلومات مع منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي.

وأنشأ المركز الأمريكي للنزاهة العامة في 1997 الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي أصبح كيانا مستقلا في 2017، وتضم شبكة الاتحاد 280 صحافيا استقصائيا في أكثر من 100 دولة ومنطقة فضلا عن حوالي 100 وسيلة إعلام شريكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *