نداء وصرخة لإنقاذ الجبانات| جمعية المعماريين المصريين: تدمير شامل لم تشهده مصر خلال 14 قرنًا حتى في فترات الاحتلال والحروب

بيان: الجبانات تضم كنوزا معمارية فريدة تعبر عن حقبات من تطور العمارة الجنائزية الممتدة عبر العصور.. ولا تقل قيمة عن “تاج محل”

البيان: اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء وضعت بدائل وتـصورات لاستغلال الموقـع في السياحة الدينية والثقافية.. لكن تم تجاهلها

بيان الجمعية: كل منزل في مصر يتشح بالحداد.. من أين جاءت هذه الفظاظة والغلظة والقسوة لمتخذ القرار؟ جبانات القاهرة بمثابة وادي الملوك لمصر القديمة

كتب – أحمد سلامة

أصدرت جمعية المعماريين المصريين بيانًا أعربت فيه عن إدانتها الشديدة لمسلسل هدم الجبانات التاريخية خلال الآونة الأخيرة، مشددة على أن عمليات الهدم هي عملية شاملة لم تشهدها مصر خلال 14 قرنًا سواء على يد قوة احتلال أجنبي أو خلال الحروب والكوارث الطبيعية.

وقال البيان “تتعرض جبانات مــصر التاريخية لتدمير شامل لم تشهده من قبل خلال أربعة عشر قــرنًا وحتى يومنا هذا، كما لم تشهده حتى فترة الاحتلال الأجنبي أو من جراء الحروب و الكوارث الطبيعية”.

وأضاف البيان “هذه الجبانات جزء مسجل ضمن القاهرة التاريخية المسجــلة على قائمة التراث العالمي، تحميها مواثيق عالمية وقوانين محلية، كما أنها مسجلة أيضًا كمنطقة تراثية ضمن القاهرة التاريخية طبقا للقانون رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ وقد اكتســبت قيمتها التاريخية والتراثية لما لها من نسيج عمراني متميز ارتبط بمدينة العصور الوسطى وكذلك بمن ضمتهم في ثراهــا، أجيال متعاقبة من أبــناء هذا البلد بجميع فئاته وطبقاته ورموزه ممن ساهموا في نهضة هذا البلد من علماء حكام وسياسيين وفنانين وأدباء وشعراء، وأولياء الله الصالحين، وشهداء ضحوا بحياتهم في سبيل الدفاع عن تراب هذا الوطن”.

وتابع “تضم المنطقة كـــنوزا مـــعماريـــة فريدة شديدة التنوع تعبر عـــن حقبات من تطور العمارة الجنائزية الممتدة عبر العصور، والتي لا تقل قيمة عــن تــاج محــل فــي الـهند. ويـصل عدد المقابر ذات القيمة التراثية إلى المـئات بـعضها مسجـل كـتراث مـميز عـلى قـائـمة الجهاز القومي للـتنسيق الـحضاري طبقا للقانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ حيث تـحتوي على عـناصـر مــعماريــة فــريــدة مــن تــركــيبات رخــامــية أو حجــريــة تحــمل أجــمل نــماذج الخــط الــعربـي الذي يعد تراثا في حد ذاته، ومسجل أيضا عــلي قــائــمة الــيونــسكو، و مع ذلك جاري الآن الإزالــة لهذه العناصر المعمارية والزخرفية بما يعرضها للنهب والسرقة والضياع”.

وأشار البيان إلى أن هناك لجان وأفراد يقومون بفك التركيبات و عرضها للبيع، دون إبلاغ أصحاب الأحواش والمقابر.

وشددت جمعية المعماريين على أن “الهجمة التي تـتعرض لـها جـبانـات الـقاهـرة الـتاريـخية مـثيرة لـدهـشة الـكثيريـن، خـاصـة أنـها مـثلت رد السـلطات عـلي الـبدائـل لـلإزالـة الـتي طرحتها لـجنة شـكلها مجـلس الـوزراء مـن المـتخصصين فـي التخـطيط الـعمرانـي و الـحفاظ عـلي الـتراث، و قـامـت بـدراسـة جدوى مشـروع الـطرق والـكباري المـطروح مـن قـبل الـحكومـة والـذي بـدأ تـنفيذه عـام  ٢٠٢٠ و أثـبت عـدم جـدواه لـكونـه يوفر دقــيقتين فــقط لــلرحــلة، و طرحت مشــروعا بديلا يــعتمد على استغلال شــبكة الــطرق و تحسيناتها الحالية دون المــساس بـالـجبانات الـتاريخية، وتطبيقا لـنموذج ريـاضـي اثـبتت ان مـقترحـها لحـل مـشكلة الحـركـة صـالـح لمـدة عشـر سـنوات قـادمـة… بـل ذهـبت أبـعد مـن ذلـك بـوضـع تـصور لاسـتغلال المـوقـع لـلسياحـة الـديـنية والـثقافـية مـن خـلال انـشاء مـسارات و كـذلـك حـل مـشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية، إلا أن هـذا المـقترح لـم يـؤخـذ فـي الاعـتبار، واستمرت مـعاول الهـدم في الـعمل بـلا هـوادة بل أكـثر مـن ذي قـبل وكأنـها تسابق الزمن لمحو تاريخ الأمة وذاكرتها وتراثها و قهر شعبها بنبش قبورهم وإهانة رفات ذويهم”.

وأردف “إن كــل مــنزل فــي مــصر مــتشح بــالحــداد، بل مــصر أغلبها مــتشحة بــالــسواد، فــكل أســرة مــكلومــة تخــرج رفــات ذويــها، و تــعيد دفـن اخ، اخـت، اب، ام، جـد، ابـن، حـفيد، اي شـرع او ديـن يـقبل ذلـك؟ مـن أيـن جـاءت هـذه الـفظاظـة و الـغلظة و الـقسوة لمتخـذ الـقرار؟ نـاهـيك عـن ازالـة تـراث فـريـد لا يـقل قـيمة عـن تـراث الأجـداد، فـجبانـات الـقاهـرة هـي بـمثابـة وادي مـلوك و مـلكات مـصر القديمة للمصريين المحدثين، فهل نتركها للزوال؟”.

واختتم البيان “إنـنا نـحن المـوقـعين على هـذا الـبيان، مـن أعضاء نـقابـات مـهنية والجـمعيات العلمية و مواطنين نـهيب بالأمة المصرية مدعومين بـكل شـرفـاء الـوطـن لـلوقـوف ضـد هـذه الأعمال التخريبية التي تستهدف جزء عزيز بل مقدس من تراثنا الثقافي.. إنه نداء وصرخة من أجل إنقاذ جبانات القاهرة التاريخية من الزوال”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *