شادي حبش حلم الخروج الذي لم يتحقق ومأساة الموت في زنزانة الحبس الاحتياطي.. مع السلامة يا صغير السن

محمود هاشم

آخر مرة شوفته مع زيارة شادي اخويا في طرة اخر السنة اللي فاتت، كان مبسوط وبيقول هانت خلاص قربت اكمل سنتين واخرج من غير تدابير كمان، انا واخته كنا بنحكيله هو وشادي اخويا على الأغاني الجديدة ونتريق عليها ونهزر ونضحك كلنا، هكذا تصف رولا شقيقة شادي أبو زيد آخر مرة رأت فيها شادي حبش .

وتضيف “كان عنده أحلام لما يخرج، اللي كان مصبره ومعيشه الأمل، وأنه كان فاكر أنه لو تم السنتين هيخرج فعلاً، كان مفروض يخرج على مارس! كان مفروض أصلا ميتسجنش من الأول! كان ممكن يفضل عايش لو كان خرج! كان ممكن يرجع لحياته وأهله تاني لو كان خرج! لو ده عمره طيب كان يبقى وسط أهله وحبايبه مش في سجن في زنزانة وسط زمايله، وهم عاجزين عن أي حاجة شهدوا موت صاحبهم وسطهم”.

لم يكن المصور والمخرج الشاب شادي حبش، 22 عاما، يعلم أن أمنيته البسيطة بالخروج من سجن تحقيق طرة لن تكتب لها النهاية السعيدة بخروجه، رغم معاناته أكثر من عامين في الحبس الاحتياطي لمجرد ذكر اسمه في أغنية سياسية للمغني رامي عصام،  ليلفظ أنفاسه الأخيرة داخل زنزاته، دون حتى أن تعلم أسرته سبب وفاته.

رولا شقيقة شادي أبو زيد، مراسل برنامج “أبلة فاهيتا” المحبوس مع حبش، تتذكر بمرارة آخر زيارة لها لشقيقها في محبسه ومعه المخرج الشاب، الذي كان ينتظر ربما أسابيع قليلة لنيل حريته التي يستحقها: “كان مبسوط وبيقول هانت خلاص قربت أكمل سنتين وأخرج من غير تدابير كمان، شادي روحه بقت حرة وهيحكي لربنا على كل حاجة وهيقتص من اللي ظلموه واحد واحد”.

ألقي القبض على شادي حبش في 1 مارس 2018 بعد يومين من إصدار أغنية رامي عصام، وظل محبوسا احتياطيا أكثر من عامين، باتهامات (الانضمام إلي جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وسوء استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، وإهانة المؤسسة العسكرية)، وبينما كان حالته الصحية تسوء يوما بعد يوم، تعرض لإهمال طبي كبير وفقا لتقارير حقوقية، ومنعت عنه الزيارات في آخر شهور له في السجن، لتزداد معاناته من كوابيس الألم والحبس والأمل بغد ربما يحمل أخبارا سارة.

وفي آخر رسالة له من محبسه في ٢٦ أكتوبر الماضي، قال شادي: “في السنتين اللي فاتوا حاولت أقاوم كل اللي بيحصل لي لوحدي، عشان أخرج لكم نفس الشخص اللي تعرفوه، بس مبقتش قادر خلاص”.

وأضاف: “مفهوم المقاومة في السجن: أنك بتقاوم نفسك وبتحافظ عليها وإنسانيتك من الآثار السلبية من اللي بتشوفه وبتعيشه كل يوم، و أبسطها أنك تتجنن أو تموت بالبطئ، لكونك مرمي في أوضة بقالك سنتين، ومنسي ومش عارف هتخرج منها إمتى أو إزاي؟”

وأوضح شادي: “النتيجة أني لسة في السجن، وكل ٤٥ يوم بنزل عند قاضي، وبتكون نفس النتيجة تجديد ٤٥ يوما، من غير حتي ما يبص لي أو يبص لورق القضية اللي كل اللي فيها مشيوا من ٦ شهور”.

وتابع: “محتاج لدعمكم ومحتاجكم تفكروهم أني لسة محبوس، وأنهم ناسيني وأني بموت ببطء كل يوم، لمجرد أني عارف أني لوحدي قدام كل ده، وأني عارف أني ليا صحاب كتير بيحبوني، وخايفين يكتبوا عني أو فاكرين أني هخرج من غير دعمهم ليا”.

ربما كان من المؤلم ألا يتنبه كثيرون إلى رسالة المخرج الشاب، التي بدت كأنها استغاثة من غريق يتعلق بقشة لإنقاذه من مصير يتراءى له كل يوم في زنزانته.

المحامي الحقوقي البارز والمرشح الرئاسي السابق، خالد علي،  أكد أن شادي مات وهو محبوس احتياطيا بالمخالفة للقانون، بعد أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي.

وأضاف أن أقصى مدة للحبس الاحتياطى هي سنتين، ولا يجوز مدها أكثر من ذلك إلا فى حالة وحيدة «لا تنطبق على شادى»، وهى حالة صدور حكم بالإعدام ضد متهم ومحكمة النقض ألغت الحكم وعاد المتهم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات مرة أخرى.

وواصل المحامي الحقوقي البارز موضحا «فى هذه الحالة فقط يمكن أن يستمر حبسه الاحتياطى أكثر من سنتين». وتابع مؤكدا بأن المخرج الشاب شادى حبش «لم يحال للمحاكمة أصلاً، وظل قيد الحبس الاحتياطى على ذمة التحقيقات، يعنى كان المفروض يخرج من السجن من ١ مارس ٢٠٢٠ يعنى من شهرين على الأقل».

ومضى قائلا: «النيابة رغم مرور سنتين لم تقرر إحالته للمحاكمة، يعنى رغم السنتين لم تتوافر لدى النيابة الأدلة التى تعينها أو تساعدها على تقديمه للمحاكمة، لأنه لو توافرت لديها أدلة ولو ترجح ارتكابه للفعل المنسوب إليه فى التحقيقات لكان من الواجب عليها إحالته للمحكمة، وبما إنها لم تحيله للمحاكمة فمعنى ذلك عدم توافر هذه الأدلة بحقه».

أما بسمة الحسيني فدعت إلى توجيه اللوم في وفاة شادي إلى المتسببين الفعليين في موته، بحسب تعبيرها: “كل الغضب واللوم بسبب موت شادي ضد اللي سجنه سنتين ونص من غير محاكمة، واللي أكيد عذبه وبهدله، واللي منع عنه الزيارة، ده المسؤول عن موته، مش رامي عصام اللي عمل الأغنية، ولا الناس اللي ما كتبتش عن شادي، ولا أهله اللي رفضوا الناس تكتب عنه”.

وتابعت عبر حسابها على فيسبوك: “أكيد رامي عصام غلط في توريط شاب عنده ٢٠ سنة ومعندوش أي تجربة سياسية في عمل أغنية استفزت النظام، وأكيد غلط إن الواحد مننا ينسى المعتقلين ولو ليوم، وأكيد أهل شادي ما كانش مفروض يسكتوا على سجنه على أمل إنه يطلع، بس دي كلها

وفاة المخرج الصغير، الذي كان مصورا معروفا لفرق الأندرجراوند، داخل محبسه فتحت دفتر عزاء بين أصدقائه ومحبيه الذين وقع عليهم الخبر كالصاعقة، فقال مطرب فرقة وسط البلد هاني عادل: “شادي حبش ربنا يرحمك ويدخلك فسيح جناته اعوا له، القلب موجوع علشانك يا شادي والكلام خلصان، آه يا صاحبي”، وكتب مطرب فرقة “مسار إجباري “هاني الدقاق، قائلا: “لا حول و لا قوة إلا بالله، ربنا يرحمك و يغفر لك”.

وقالت المغنية يسرا الهواري: “خبر حزين وموجع، بس شادي في مكان احسن بعيد عن قسوة عالمنا الظالم، مع السلامة يا صغير السن يا موهوب”.

أما شقيقته لمى حبش، فكتبت معزية نفسها وأسرتها في وفاته: “الله يرحمك يا شادي، ما شاءالله على محبة الناس ليك وساعة دفنتك، اللهم الصبر، ربنا عالم بقلبك الجميل وصبرك ع الابتلاء”.

مأساة شادي حبش ربما تتكرر مع سجين آخر معه في القضية نفسها حسبما يحذر المحامي نبيه الجندي: “مصطفي جمال اتقبض عليه في نفس وقت القبض على شادي حبش وفي نفس القضية على خلفية أغنية رامي عصام”.

ويضيف: “مصطفى كل علاقته برامي عصام أنه وثق صفحته عىي فيسبوك من 2015، وانقطعت صلته برامي من وقتها، وهو محبوس احتياطيًا منذ أكثر من عامين، وهي أقصى مدة للحبس الاحتياطي المنصوص عليها في القانون”.

واستكملت “مصطفى والده توفى من فترة قريبة ومعرفش يخرج يدفنه، هو لسة عايش مش عايزين نفقده، ونتمني الأيام ترجع بينا تاني عشان نتكلم عنه وننادي بحريته”.

3 thoughts on “شادي حبش حلم الخروج الذي لم يتحقق ومأساة الموت في زنزانة الحبس الاحتياطي.. مع السلامة يا صغير السن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *