“حرية الفكر والتعبير” تكشف “انتهاكات مسكوت عنها” في وفاة شادي حبش: شواهد “قتل بالخطأ” ومضاعفات وصلت لفقدانه البصر

المؤسسة تحمل إدارة “طره” مسؤولية وجود عبوات من الكحول السام للسجناء: الطبيب ترك شادي يعاني أكثر من 12 ساعة دون علاج رغم علمه بسوء حالته

وفاة حبش هي الثالثة في عنبر رقم في أقل من 10 أشهر.. ووفاة سجينة مريضه بالسرطان بعد رفض علاجها خارج محبسها

مطالبة بوقف تدخلات الأمن الوطني في االرعاية الصحية داخل السجون.. وإتاحة السجلات الطبية للمرضى ولذويهم ومحاميهم.. وإخلاء سبيل المحبوسين على ذمة قضايا حرية تعبير

دعت مؤسسة حرية الفكر والتعبير النيابة العامة للتحقيق فورًا في سبب بقاء المصور والمخرج الشاب شادي حبش في الحبس الاحتياطي بعد انقضاء عامين بالمخالفة للقانون، وإعلان نتيجة التحقيقات والوقوف على المسؤولية الجنائية في وفاته داخل السجن، متضمنًا في ذلك وصول عبوة من الكحول الميثيلي غير الصالح للاستخدام الآدمي إليه، مطالبة الجهات الفاعلة على المستوى الوطني والدولي بمتابعة عملية التحقيق.

وكشفت المؤسسة في أحدث تقرير لها عن ملابسات وفاة حبش، تحت عنوان “وفاة معلنة وانتهاكات مسكوت عنها”، عارضة الخط الزمني لوقائع مرضه حتى وفاته طبقًا للرواية الرسمية، ودلائل التقصير الطبي في التعامل معه والفشل في تقديم الرعاية الطبية الملائمة لحالته تستوجب عناية طبية طارئة، حيث أقر بيان النيابة العام بمعرفة الطبيب المكلف بسجن طره بشرب حبش كمية من الكحول في اليوم السابق، وبالرغم من ذلك لم يقم بإجراءات معالجة التسمم الكحولي أو الاشتباه فيه، كما أقرَّ البيان مناظرة الطبيب للمرة الثانية لحبش وعلمه باستمرار سوء حالته، وبالرغم من ذلك لم يتخذ الإجراءات اللازمة.

ولفت التقرير إلى إقرار البيان بأن التعامل مع حالة حبش بالمستوى اللائق لم يبدأ إلا في المرة الرابعة لمناظرة أطباء السجن لحالته، وأنه تُرك يعاني إلى ما يزيد على 12 ساعة دون تلقي العلاج المناسب لحالته، رغم معرفة جميع من ناظروه بتناوله كمية من الكحول المطهر.

لاحقًا، أصدرت النيابة العامة في ١٠ مايو ٢٠٢٠ بيانًا تكميليًّا يوضح أنه بعد فحص العينة الحشوية المأخوذة من الجثمان، عثر على الكحول الميثيلي، الذي كان السبب في الوفاة بعدما أحدث حموضة بالدم وتثبيط الجهاز العصبي المركزي وفشلًا تنفسيًّا حادًّا، ورغم مرور أكثر من 3 شهور ونصف الشهر لم تصدر النيابة العامة أي بيانات أخرى عن سير التحقيقات في هذه القضية.

ولم يتطرق بيانا النيابة العامة إلى التقصير الواضح للأطباء وتهاونهم في علاج أعراض واضحة للتسمم الكحولي، ومعرفتهم بتناول حبش كمية غير معروفة من المطهر الكحولي، منذ المرة الأولى التي شعر فيها بالإعياء. البروتوكول المتبع لعلاج حالات التسمم الكحولي يتمثل في خطوات محددة ومعروفة لأي طبيب.

وحملت المؤسسة إدارة السجن مسؤولية وجود عبوات تحوي كحولًا ميثيليًّا، وهي المادة التي تسببت في وفاة حبش، بما يرقى إلى القتل الخطأ، حيث لا يوجد مسوغ قانوني أو منطقي لتواجده بحوزة السجناء، كما كان المحبوسون في تلك الفترة ممنوعين من الزيارات الخارجية بسبب إجراءات الوقاية من فيروس كورونا المستجد.

كما حملتها المسؤولية الأصيلة عن الإهمال الجسيم في علاجه من التسمم الكحولي، رغم تردده على عيادة السجن 4 مرات قبل وفاته، وعدم اتخاذ الخطوات الطبية المعروفة لعلاج حالات الاشتباه من التسمم الكحولي، وتدفع بعض منظمات حقوق الإنسان بأن مسؤولية أطباء السجن في حالات الإهمال الطبي داخل السجون، قد تعتبر قتلًا بالامتناع، وليس فقط القتل الخطأ.

وأشارت “حرية الفكر” إلى انتهاك حق شادي حبش في المحاكمة العادلة، باحتجاز غير القانوني بعد انتهاء مدة حبسه احتياطيا، مؤكدة أن حالته المرضية كان ينبغي التعامل معها بالاهتمام الفوري المناسب، حتى لا يؤدي تركها إلى مضاعفات خطرة، والتي وصلت في حالة إلى فقدانه القدرة على الإبصار بحسب شهادة زملائه في الزنزانة، ثم وفاته متأثرًا بالإهمال في تقديم الخدمة الطبية المناسبة في الوقت المناسب.

وكشف التقرير عن تاريخ من حالات الوفاة والإهمال الطبي في السجون، لافتا إلى أن وفاة حبش هي الثالثة في عنبر رقم ٤ بسجن طرة في أقل من 10 أشهر، حيث توفي قبله السجينان مصطفى قاسم وعمر عادل.

ووثقت تقارير سابقة شهادات لسجناء تم التعنت في علاجهم من إدارة السجون، مثل رفض إدارة السجن دخول العلاج الدوائي لمريض بالالتهاب الكبدي الوبائي من أهله، رغم تقديمهم التحليلات والشهادات المطلوبة لمرض السجين، وفي شهادة أخرى، التعنت والإهمال في نقل مريضة بالسرطان لتلقيها العلاج الكيماوي خارج السجن ما أدى إلى وفاتها.

كما تشير الشهادات إلى صعوبة الحصول على الدواء داخل السجن، وعدم تواجد كافة الأصناف إن وجد بعضها، وإلى اعتماد السجناء على تناول الأصناف الدوائية المتداولة بين زملائهم من نزلاء السجن بناء على تشخيص ذاتي للأعراض التي يشعرون بها. وغالبًا تترك مهمة صرف الدواء لغير المؤهلين من المخبرين أو “مسيري السجن”، رغم أنه قانونيًّا، لابد من وجود صيدلاني مؤهل لصرف الدواء وحفظه.

ويتخذ هؤلاء المخبرون من صرف الدواء وسيلة للسيطرة على السجناء ومقايضتهم في المقابل، كما أنه في أغلب الأحيان يتم غلق الصيدليات بعد “التمام” حتى داخل مستشفى السجن، وبالتالي قد لا يحصل المرضى من السجناء على حصصهم الدوائية في الوقت المناسب، لا سيما في الحالات الطارئة، بحسب التقرير.

وفي توصياتها، شددت المؤسسة على ضرورة وقف الأجهزة الأمنية ونيابة أمن الدولة العليا عن استخدام مواد قانون مكافحة الإرهاب في ملاحقة المعارضين السياسيين وذوي الآراء الناقدة لسياسات السلطة الحالية، مطالبة النيابة العامة إخلاء سبيل المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق باتهامات الإرهاب، بينما تُجرى التحقيقات معهم حول ممارسة حقهم الدستوري في التعبير السلمي عن الرأي.

وشملت المطالبات الإفراج الفوري عن كل من قضوا مدة الحبس الاحتياطي القصوى المقررة قانونيًّا بالسجون المصرية، والنظر في الإفراج الفوري عن كل المحبوسين احتياطيًّا ما لم يمثل وجودهم خارج السجن خطرًا على المجتمع، مع نشر الإحصاءات الرسمية عن عدد المحبوسين احتياطيًّا على ذمة التحقيقات على مستوى الجمهورية.

كما دعت “حرية الفكر والتعبير” النيابة العامة لمتابعة التزام السجون بتوفير الرعاية الصحية للسجناء، خاصة الحالات المرضية الطارئة، ووزارة الداخلية ومصلحة السجون للالتزام بلائحة السجون، ووقف تدخلات جهاز الأمن الوطني في المسائل المتعلقة بالرعاية الصحية داخل السجون، وإتاحة السجلات الطبية للمرضى من المسجونين ولذويهم ومحاميهم.

للاطلاع على التقرير كاملا من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *