إسلام الكلحي يكتب: قرارات متأخرة.. و«بكلمك مش بترد»

«بكلمك مش بترد.. مشغول.. طب ما تقول.. ما أنا أهو بقول.. لا أنت اتغيرت»!

 (1)

«إذا لم يتحمل المواطن مسئوليته بنسبة 100٪ فلن تنجح أى جهود لمكافحة فيروس كورونا».. هكذا قال وزير الدولة للإعلام، أسامة هيكل، في تصريحات تلفزيونية مساء الخميس 2 أبريل، التصريح يبدو وكأنه تحميل للمواطنين المسؤولية عن تفشي المرض في مصر، وهو ما يدفعنا لتذكرة أيضا بأن هناك أطراف أخرى لابد ان تتحمل المسئولية بجانب بعض السلوكيات الخاطئة.

مثلا يرى كثيرون وأنا منهم أن الحكومة المصرية كانت أول من أخطأ، حينما تأخرت في قرار تعليق حركة الطيران في جميع المطارات المصرية، وانتظرت حتى 16 مارس، اليوم الذي وصلنا فيه لـ166 حالة، كان حوالي 25% من هذه الإصابات لأجانب، كانوا سببا في كثير من الإصابات الأخرى.

ربما تم تدارك الأمر بعد ذلك لكن كان يجب على السلطات المصرية منذ اكتشاف أول إصابة بفيروس كورونا في 14 فبراير الماضي أن تتخذ قرارا بتعليق حركة الطيران حتى لو كان التعليق قاصرا في البداية على الدول التي شهدت انتشارا كبيرا للمرض، مثل الصين، التي ظهر فيها الفيروس وقدمت منها الحالة الأولى المكشفة في مصر، وإيطاليا، بؤرة المرض في أوروبا.

(2)

«الأجهزة الأمنية تكثف البحث عن 30 شخصا قادمين من إيطاليا لإخضاعهم للكشف الطبي وبيان فيما إذا كانوا مصابين بفيروس كورونا المستجد من عدمه»، بحسب اللواء عصام سعد، محافظ أسيوط.

التصريح السابق، يؤكد وجهة النظر السابقة، حول خطأ الحكومة، حينما تأخرت في قرار وضع القادمين من الخارج في حجر صحي 14 يوما.

بينما كانت دول عربية كالسعودية والكويت ينتشر فيها المرض، وتأخذ إجراءات احترازية ضد الوافدين إليها من مصر التي كانت عدد الحالات المكتشفة فيها فقط حالة واحدة، لم تتخذ حكومتنا أي إجراء حيال القادمين من هذه الدول ولا غيرها، ونتيجة لذلك ظهرت عدة حالات لمصريين عائدين من السعودية والكويت والإمارات. وبالأخص العائدون من العمرة الذين كانوا سببا في نقل العدوى لغيرهم. عموما أن «تأتي» متأخرا قليلأ افضل من أن لا «تأتي».

(3)

«وفقًا لما تم رصده من قبل فرق الرصد والتقصي، تبين عدم التزام بعض العائدين من الخارج والمخالطين للحالات الإيجابية بإجراءات العزل الذاتي لمدة 14 يومًا، مما ساهم في زيادة عدد الإصابات».. هكذا قالت وزير الصحة والسكان، هالة زايد، في بيان صحفي مساء الخميس 2 أبريل.

لا أنكر أن عدم التزام بعض العائدين من الخارج والمخالطين للحالات الإيجابية بإجراءات العزل الذاتي لمدة 14 يومًا ينم عن عدم مسؤولية وتقدير من هؤلاء الأشخاص، لكن أرى أن الخطأ الأول والأكبر كان من الحكومة التي تأخرت أيضا في وضع العائدين من الخارج في عزل صحي تحت رقابتها، كما تفعل الآن.

التأخر في اتخاذ القرارات المناسبة يا دكتورة هالة، أيضا أحد الأسباب لانتشار المرض في مصر، ومثل هذه القرارات ليس مسؤلا عنها المواطنون وإنما من في يدهم سلطة إصدار القرارات، لذا أي تباطؤ منهم في القرار الصحيح قد يساهم أيضا في زيادة عدد الإصابات مع السلوكيات غير المنضبطة للبعض.

*

(4)

«مدير الفندق جمع الموظفين وقالهم الحكومة هتقفل البلد وهتمنع أي حد يطلع من الغردقة أو يدخلها، وممكن متعرفوش تشوفو أهلكم شهرين تلاته، فاللي عايز يروح دلوقتي احنا معندناش مشكلة هنديلة إجازة».

هذه واحدة من شهادات وردت لي من بعض العاملين في قطاع السياحة عما حدث معهم قبيل وضع العاملين في المنشآت السياحية بمحافظات الأقصر والبحر الأحمر وجنوب سيناء في حجر صحي.

لم تكن هذه الإجازات «خالصة لوجه الله»، بل كانت عبارة عن تسريح عن العمل لن يدركه العاملون إلا لاحقا. لكن ليست هذه إشكاليتنا الآن، فالمصيبة الكبرى هي أن بعض من هذه الفنادق تم اكتشاف حالات مصابة بفيروس كورونا.

ملاك هذه الفنادق لم يفكروا سوى في مصلحتهم، فدفعوا المئات من العاملين لديهم إلى العودة إلى قراهم في مختلف أنحاء الجمهورية، ومن هنا ظهرت حالات في بعض القرى، كانت وستكون بؤرة لانتشار المرض، لذا أصحاب الفنادق، من المتسببين في تفشي كورونا في مصر، فهل ستحاسبهم الدولة؟

 (5)

يزعم عاملون في قطاع السياحة، أن حالات إصابة بفيروس كورونا ظهرت في بعض فنادق مدينة الغردقة، لكن أصحابها خوفا على «سمعة الفندق»! كانت تعالجهم في مراكز طبية تابعة لها (داخل الفنادق) دون إبلاغ وزارة الصحة بها وربما أيضا دون إبلاغ المرضى نفسهم بطبيعة مرضهم.

ووفق ما يزعم هؤلاء العاملون حينما كانت تنتهي مدة إقامة النزلاء المصابين بكورونا ويجيء موعد سفرهم، كان أصحاب الفنادق يتركونهم يرحلون حتى لو لم يكن قد اكتمل شفائهم.. كانوا يرحلون ويتعاملون مع غيرهم في طريقهم من الفندق إلى المطار بشكل طبيعي.. هل هذا الأمر حقيقي؟ لا اعلم..

لكن هذه المزاعم مع إعلان بعض الدول اكتشاف حالات لعائدين من مصر، في الوقت الذي كان في مصر حالة وحيدة مكتشفة، يجعل من الضروري أن تتقصى الدولة حول هذا الأمر وتحاسب أصحاب هذه الفنادق.

(6)

«بكلمك مش بترد.. مشغول.. طب ما تقول.. ما أنا اهو بقول.. لا أنت اتغيرت»

للأسف حال الصحفيين ليس كالمطربة يسرا الجندي، التي رد عليها حبيبها/ خطيبها في النهاية.. أي نعم قالها إنه «مشغول» لكنه رد في النهاية؛ بعكس متحدث باسم وزارة مهمته ووظيفته أن يرد على الصحفيين والإعلاميين ليطلعهم على المستجدات والمعلومات الصحيحة أو حتى لكي يخبروه بمعلومات مهمة قد تساعد في منع كارثة من الحدوث لكنه دائما.. دائما.. دائما لا يرد.

(7)

«فيه وباء.. خرجوا السجناء»

لمواجهة تفشي فيروس كورونا ومنع انتشاره بين السجناء والقائمين على السجون في ظل التكدس داخل السجون ، قررت العديد من الدول الإفراج عن السجناء للحفاظ على حياة المسجونين من خطر كورونا.

وفي مصر تدعو الحركة المدنية وأحزاب ومنظمات للافراج عن سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيا وكل المحكوم عليهم في جرائم لا تمثل خطراً على المجتمع؛ وفي مقدمتهم كبار السن، والمرضى، والغارمين والغارمات، ومن قضى نصف العقوبة، فهل ستأخذ السلطات المصرية هذا القرار في الوقت المناسب… أم ستتأخر أيضا كما تأخرت في قرار تعليق الطيران، ووضع العائدين من الخارج في حجر صحي 14 يوما؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *