أحمد النجار يكتب: نوبك.. الابتزاز الأمريكي الجديد- القديم
مشروع القانون الأمريكي الجديد-القديم “نوبك” الذي تم التلويح به مجددا هو في مجمله ابتزاز رخيص من الولايات المتحدة التي تشهره انتقاما من رفض دول أوبك التخلي عن صيغة أوبك+ التي تضم روسيا في تنسيق يستهدف الحفاظ على التوازن بين عرض النفط والطلب العالمي عليه حتى لا تحدث انهيارات في الأسعار. رفضت دول أوبك وضمنها كبار المنتجين في الخليج، الفكرة الأمريكية الغبية والجاهلة التي تتطلب قيام دول الأوبك بتعويض النفط الروسي لعزل روسيا وحرمانها من تصدير النفط ومن الحصول على إيراداته.
والفكرة تتسم بالجهل لأن حجم الإنتاج النفطي الروسي الذي يدور حول مستوى 11 مليون برميل يوميا لا توجد طاقات إنتاجية عاطلة أو احتياطية لدي دول أوبك يمكنها تعويضه! كما أن مصلحة تلك البلدان تقتضي الحفاظ على أسعار النفط.
وفي الخلفية هناك احتقانات مضمرة من الابتزاز الأمريكي للسعودية خلال أزمة خاشوقجي بصورة لا علاقة لها بالمبادئ بل بالاستغلال الانتهازي.
وفي الخلفية أيضا احتقان سعودي-إماراتي من انحياز واشنطون لقطر في الأزمة التي حدثت بينهم بما أدى لتسجيل قطر التي اعتبرتها واشنطون حليفا استراتيجيا، انتصارا معنويا كبيرا أجبر تلك الدول على إعادة علاقاتها معها وإيقاف كل عقوباتها عليها دون أن تقدم هي أي تنازل فعلي أو تستجيب للطلبات التي كانت مقدمة لها كشرط لرفع العقوبات عنها.
أما الارتفاعات الجنونية في أسعار النفط والغاز مؤخرا وفي غالبية الأحيان فلا علاقة لها بانخفاض العرض عن الطلب كما قد يتصور البعض، بل إن مصدرها هو من يقودون عمليات المضاربة وغالبيتهم من الأمريكيين، ومصدرها الآخر في الوقت الحالي هو حرمان الدول المستوردة لنفسها من النفط الروسي بغرض العقاب والانتقام، بما يؤدي لحدوث أزمة تفتعلها هي لنفسها بنفسها في نموذج سلوكي مثالي لما أطلقت عليه الكاتبة الأمريكية الألمانية الأصل بربارة طوخمان مسيرة الغباء في كتابها الصادر عام 1984 بعنوان “مسيرة الغباء.. من طروادة إلى فيتنام”.
إذا أرادت الولايات المتحدة أن تعيد أسعار النفط إلى مستويات تدور حول مستوى 75 دولار للبرميل فعليها بالسيطرة على شركاتها ومضاربيها وبخاصة الضباع الجائعة لأية اضطرابات لاستخدامها في جنى المال من ترويج هيستيريا المخاوف من نقص الإمدادات والدفع بالنفط المخزن على الناقلات التي يمتلكونها إلى الأسواق بأسعار خيالية، وعليها قبل كل ذلك أن تكف عن سياسة فرض العقوبات على الدول الأخرى بشكل مجنون وغبي يصيب الشعوب قبل الحكومات، ويصيب شعوب الدول المستوردة للنفط وعلى رأسها الصين وحلفائها الأوروبيين واليابانيين والكوريين المستوردين للنفط والغاز بصورة موجعة لاقتصاداتهم ولمستويات ونوعية معيشتهم، إلا إذا كانت تهدف لذلك أصلا حتى بالنسبة لأقرب حلفائها!