في ذكرى عامين على حبسه احتياطيا .. أحمد ماهر (ريجو) يكتب لـ “درب” من محبسه: السؤال المتأخر.. على ماذا أدفع الثمن.. هل من مجيب؟
اليوم أتم عامي الثاني وعيدي الخامس في السجن تجربة طويلة ودامية، اكتسبت فيها الكثير وفقدت الأكثر، هناك ما أعلم حقيقة حتمية فقدانه وأعلم أن مازال هناك ما لم اكتشفه بعد …..
تعلمت الكثير و من أهم ما تعلمت هو قدرتي على إيجاد الإجابة الأمثل على الأسئلة مستغل أنا وزملائي وفرة ما نملكه من الوقت الذي ينزف من أعمارنا حتى لا يزيدنا هم وقسوة الحقيقة نزيفاً …
في إحدى السجون كان يسألني صديقي وأخي الأكبر د/وليد شوقي وهو ينظر إلى شرفة مطلة على ساحة السجن “لماذا لا يقف أحدهم في الشرفة؟!” سأله موكا عن جدوى وقوف أحدهم في الشرفة؟ فأخبره أن وقوفه يعطي الأمل والإحساس بأن هناك ما ينتظرنا بالخارج…
أجبته أن عدم وقوف أحدهم بالشرفة أفضل لأنه يسمح لي بمزيد من الخيال… فيوم أتخيل أمی وأبی یقفان بها يتحدثان عن قبولهم لي مهما كانت اختیاراتی هوجاء وعشوائية ومهما زدت غرابة…
ويوم اتخيل حبيبتي بشعر غجري مجنون يسافر في كل الدنيا تضحك فيضحك لها قلبي وهي تسخر مني وأنا داخل هذا القفص مثل دب حبيس …
غياب وقوف أحدهم في الشرفة يحيى الخيال بداخلنا ولا يوجد أقوى من الخيال ليدعمنا …يا صاحبي السجن…
ثم نقلنا إلى سجن آخر بلا ساحة وبلا شرفة فسألنا وليد “لماذا لم تعد هنا شرفة؟! ” حتى أملنا في الأمل انتزع منا ؟!
لا أذكر إجابتى أو إجابة موكا ولا كيف تحايلنا وقتها لنجيب ولكني أذكر الآن بكل الأسي كيف تعالت ضحكاتنا ونحن نتحايل متفاخرين بمهارتنا في الإقناع ومتبارين سوياً على من منا أفصح واقوى اقناعاً..
ثم نقلت أنا قسرا إلى سجن أبعد وأبعد لأنزف وقتي وانا أتساءل وحيداً این صاحبي السجن؟!
لماذا أغترب داخل غربتي؟
وعندما عصفت بي الأسئلة بقسوتها قررت أن أسأل أسئلة أخرى تأخرت كثيراً.. لماذا أنا هنا؟!
ماهي نتيجة احتجازي عامين على ذمة تحقيقات؟
إلى ماذا أسفرت هذه التحقيقات؟
على ماذا أدفع الثمن؟
هل هو ثمن نجاحي في تأسيس شركة إنتاج فني شبابية وناجحة؟!
أم أدفع ثمن لشيء آخر لا أعلمه؟!
هل هناك ما يستحق كل هذا النزيف من عمري؟
هل هناك من سيجيب على أسئلتي؟!
ام سأظل في غياهب بئري أنزف عمري بلا مجيب؟!