بعد إعلان إثيوبيا اكتمال ملء السد هذا الموسم.. الري السودانية: الوقت لم يفت بعد للتوصل لاتفاق ونرفض سياسات فرض الأمر الواقع
كتب- عبد الرحمن بدر
قالت وزارة الرى والموارد المائية السودانية إنها تجدد موقفها الثابت برفض السودان للإجراءات الآحادية الجانب من إثيوبيا وسياسات فرض الأمر الواقع، وتجاهل المصالح المشروعة والمخاوف الجدية لشركائها في النهر، جاء ذلك ردًا على إعلان السلطات الإثيوبية اليوم عن اكتمال ملء سد النهضة لهذا الموسم.
وتابعت الوزراة في بيان، اليوم الاثنين، أن البديل الأفضل لهذا النهج الإثيوبي الذي لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالعلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين، هو مواصلة التفاوض، بنية حسنة، للتوصل لاتفاق قانوني ملزم وشامل يحافط على مصالح كل الأطراف ويخاطب مخاوفها، وبالذات التشغيل الآمن لسد الروصيرص.
وقالت الوزارة إنها تشدد على إيمانها بأن الوقت لم يفت بعد، وأن التوصل للاتفاق المرجو، ضروري جدا وممكن ومتاح، إذا توفرت الإرادة السياسية.
وأضافت: “نطمئن مواطنينا بأن الجهات المسؤولة قد عكفت منذ أشهر على التحسب واتخاذ الإجراءات الفنية والإدارية المناسبة للحد من الآثار السلبية الفعلية والمحتملة للملء الآحادي الجانب للعام الثاني على التوالي بكلفة اقتصادية واجتماعية باهظة، وعنت بالغ تكبده مواطنونا في عجز إمدادات الكهرباء وإمدادات مياه الشرب, ولولا التحوطات الفنية بتغيير نظم التشغيل فى خزاني الروصيرص وجبل أولياء لكانت النتائج كارثية لجهة توفير المناسيب المطلوبة لمحطات مياه الشرب ولتوليد الكهرباء”.
كان مسؤول إثيوبي قال لوكالة فرانس برس إن إثيوبيا حققت هدفها للعام الثاني في ما يتعلّق بملء سد النهضة المطل على النيل الأزرق والذي يثير نزاعات مع دولتي المصب مصر والسودان.
وذكر المسؤول: “تمّت عملية الملء الأولى العام الماضي، تمّت الثانية اليوم، لذا سيعلن اليوم (الاثنين) أو غدا (الثلاثاء) عملية الملء الثانية”، مضيفا أن السد بات يخزّن ما يكفي من المياه لبدء إنتاج الطاقة.
وكانت وسائل إعلام إثيوبية نشرت أحدث صور للملء الثاني، أمس الأحد، كاشفة أنه يسير بمعدل لا يتجاوز 50% من المقرر، وأن نسبة التخزين وصلت إلى 1,5 مليار متر مكعب.
كما كشفت صور نشرتها صفحات وحسابات إعلاميين إثيوبيين على مواقع التواصل التقطت أمس الأحد لبحيرة السد، ارتفاع منسوب المياه بشكل كبير، بعد ساعات قليلة من تأكيدات إدارة سد الروصيرص السوداني أن هناك انخفاضاً بنسبة 50% من المياه الواردة من النيل الأزرق.
وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية، إن إثيوبيا توقفت عن التعلية، وبدء مرور الفيضان أعلى الممر الأوسط والاكتفاء بتخزين 3 مليار متر مكعب هذا العام بدلا من 13.5 مليار متر مكعب بإجمالى تخزين 8 مليار متر مكعب.
وذكر أنه لا صحة لما تدعيه إثيوبيا من أنها تستطيع تخزين أكثر من 6 مليارات من الكمية التي كان مقررا تخزينها وهي 13,5 مليار متر مكعب، مضيفا أن التخزين المتاح لها خلال موسم الأمطار الحالي سيقف عند 3 مليارات لكون الارتفاع الحالي للسد يقف عند 573 مترا، تم تخزين 1,5 مليار فقط وبمعدل 50%.
وذكر أن المنطقة المحيطة بالسد حاليا تغطيها السحب والأمطار، وهو ما ينبئ بموسم أمطار كبير.
بدورها أعلنت الإدارة العامة للخزانات بوزارة الرى والموارد المائية بالسودان، أن هناك زيادة متوقعة في وارد مياه النيل الأزرق نتيجة للأمطار الغزيرة في الهضبة الإثيوبية.
وتابعت في بيان صحفي، أصدره مهندس معتصم العوض محمد، مدير الإدارة العامة للخزانات؛ أنه ستكون هناك زيادة تدريجية لمناسيب مياه النيل الأزرق جنوب خزان الروصيرص وشماله حتى الخرطوم.
ودعت وزارة الري المواطنين القاطنين على جانبي النيل الأزرق إلى اتخاذ الحيطة والحذر حفاظًا على الأرواح والممتلكات.
وفي وقت سابق أعلنت إدارة سد الروصيرص في السودان استمرار انخفاض وارد المياه من النيل الأزرق بنسبة تصل إلى 50%.
وأصدرت إدارة السد تحذيرات من أن تأخر استئناف المفاوضات سيعرض سد الروصيرص للخطر، في وقت قالت فيه إثيوبيا إنها تتجهز لمواجهة فيضانات خطيرة.
وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات حول السد، يرعاها الاتحاد الأفريقي منذ أشهر ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات.
وتُصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ لسد النهضة بالمياه في الشهرين الجاري والقادم، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الذي تقيمه على النيل الأزرق، الرافد الرئيس لنهر النيل.
بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي ملزم، للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية وضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليارا على الترتيب.
وفي 8 من الشهر الجاري، خلص مجلس الأمن الدولي إلى ضرورة إعادة مفاوضات سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بشكل مكثف، لتوقيع اتفاق قانوني ملزم يلبي احتياجات الدول الثلاث.
يذكر أنه منذ العام 2011 تتفاوض دول المصب للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل السد الذي تعده أديس أبابا ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة تصل إلى 6500 ميجاوات، دون التوصل إلى توافق.
وفي مارس 2015 وقع قادة الدول الثلاث في الخرطوم اتفاق إعلان مبادئ، إلا أن الخلافات استمرت، واستعرت مع بدء إثيوبيا هذا الشهر عملية الملء الثانية لخزان السد.
ففي حين ترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد، تعتبره مصر تهديداً لها ولحصتها المائية، لاسيما أن نهر النيل يؤمن نحو 97% من مياه الري والشرب في البلاد، فيما تعتبره الخرطوم خطرا على سدودها أيضا.