«العفو الدولية»: شرطة الاحتلال الإسرائيلي استهدفت الفلسطينيين باعتقالات تمييزية وتعذيب واستعمال قوة غير قانونية.. (فيديو)
المنظمة: تواصلنا مع 11 شاهدًا وتحقّقنا من 45 مقطعَ فيديو وأشكالٍ أخرى من وسائط الإعلام الرقمية لتوثيق أكثر من 20 حالةً من انتهاكات الشرطة الإسرائيلية
شرطة الاحتلال تقاعست عن حماية الفلسطينيين من هجمات جماعات اليهود المتعصّبين.. والسّاسةُ والمسؤولون الحكوميون في دولة الاحتلال حرضوا على العنف
أكدت منظمة العفو الدولية أن شرطة الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت مجموعةً من الانتهاكات ضد الفلسطينيين، لافتة إلى أنها شنت حملةً قمعيةً تمييزيةً اشتملت على اعتقالاتٍ جماعيةٍ واسعةٍ، واستعمال القوة غير القانونية ضد متظاهرين سلميين، وإخضاع المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، خلال الأعمال العدائية المسلحة في الأراضي المحتلة وغزة وبعدها.
وأشارت «العفو الدولية» في بيان صحفي صدر مساء الخميس، إلى أن شرطة الاحتلال تقاعست عن حماية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من الهجمات المتعمدة التي تشنها ضدهم جماعات اليهود المتعصبين المسلحة، وذلك حتى عندما أُعلِن عن تلك الخطط مسبقًا، وكانت الشرطة على علم بها، أو كان ينبغي لها أن تعلم بأمرها.
ووفقا للبيان، تواصل باحثو المنظمة مع 11 شاهدًا، كما تحقّق مختبر أدلة الأزمات التابع لها من 45 مقطعَ فيديو وأشكالٍ أخرى من وسائط الإعلام الرقمية لتوثيق أكثر من 20 حالةً من انتهاكات الشرطة الإسرائيلية بين 9 مايو الماضي و12 يونيو الجاري. وقد أصيب المئات من الفلسطينيين في تلك الحملة، وقـُتِل صبيٌّ كان عمره 17 عامًا بالرصاص.
وقال صالح حجازي، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة إن الأدلة التي جمعتها العفو الدولية تقدّم صورةً دامغةً للتمييز والقوة المفرطة التي استخدمتها الشرطة الإسرائيلية بلا رحمة ضد الفلسطينيين في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة.
وشدد حجازي أنه على عاتق شرطة الاحتلال واجب حماية كل الأشخاص الذين يعيشون تحت سيطرة إسرائيل؛ سواء كانوا من اليهود أو الفلسطينيين. «لكنْ عوضًا عن ذلك، فقد كان الفلسطينيون هم الغالبية الساحقة ممن اعتقلوا في حملة الشرطة القمعية بعد اندلاع العنف في الأحياء المختلطة السكان».
وتابع بأن «القلّة من مواطني إسرائيل اليهود الذين ألقت الشرطة القبض عليهم فقد لقَوا معاملةً متساهلةً على نحو أكبر. كما يتابع اليهود المتعصبون تنظيم المظاهرات، بينما يواجه الفلسطينيون القمع».
حملة قمع تمييزية
وأشارت المنظمة إلى أن السلطاتُ الإسرائيلية شنت في 24 مايو «عملية القانون والنظام» التي استهدفت بالدرجة الأولى المتظاهرين الفلسطينيين. وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن الهدف من العملية «تصفية الحسابات» مع المتورطين، و«ردع» المزيد من الاحتجاجات.
ونقلت «العفو الدولية» عن مركز «مساواة»، وهو مؤسسة فلسطينية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن شرطة الاحتلال اعتقلت بحلول 10 يونيو أكثر من 2150 شخصًا – أكثر من 90٪ منهم فلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية في إسرائيل أو من سكان القدس الشرقية.
كما ذكرت المنظمة أنه تم توجيه 184 لائحةَ اتهامٍ بحق 285 متهمًا. وحسب مركز «عدالة»، وهو مجموعة أخرى تُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، فقد قال أحد ممثلي مكتب الادعاء العام في 27 مايو إن 30 مواطناً اسرائيلياً يهودياً لا غير كانوا من بين الذين وُجِّهَتْ لهم اتهامات.
وقال نائب مديرة المكتب الإقليمي للمنظمة: «لقد تم تدبير حملة القمع التمييزية هذه كعملٍ انتقاميٍّ وترهيبي بغية سحق المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، ولإسكات مَنْ يَجهرون بإدانة التمييز المؤسّسي والقمع الممنهج الذين تمارسهما إسرائيل بحق الفلسطينيين».
وأكدت «العفو الدولية» أنها وثقت استخدام الشرطة الإسرائيلية القوةَ المفرطةَ وغيرَ الضرورية لتفريق الاحتجاجات الفلسطينية ضد عمليات الإخلاء القسري في القدس الشرقية، وكذلك في الهجوم على غزة. وأشارت إلى أن الاحتجاجات كانت في غالبيتها سلميةً. وعلى النقيض من هذا، يستمر اليهود المتعصبون في تنظيم المظاهرات كما يحلو لهم.
وأشارت إلى أن في 12 مايو الماضي، أصيب محمد محمود كيوان – وهو صبيٌّ كان يبلغ من العمر 17 عامًا- برصاصة في رأسه قرب مدينة أم الفحم، شمالي إسرائيل، وتوفي بعدها بأسبوع.
وأفاد شهودُ عيان أنه كان جالسًا في سيارة قرب مظاهرة عندما أطلقت الشرطة الإسرائيلية الرصاص عليه. وتعارض شرطةُ الاحتلال هذه الإفادة، وتقول إنها كانت تحقّق فى الحادث.
وفي اليوم نفسه، فرّق رجال شرطة الاحتلال بعنف مظاهرةً سلميةً كانت تضمّ نحو 40 شخصًا في ساحة بئر سانت ماري في مدينة الناصرة، شمالي إسرائيل، دون أيّ سابق إنذار، واعتدوا جسدياً على الممحتجين.
وقال صالح حجازي: «على الشرطة الإسرائيلية أن تحميَ الحقَّ في حرية التجمّع، بدلاً من أن تشنّ هجماتٍ على المتظاهرين السلميين». وشدد على أنه يجب على «لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة»، التي أنشئت في مايو الماضي أن تحققَ في النمط المثير للقلق البالغ من الانتهاكات التي ترتكبها الشرطة الإسرائيلية.
وأكدت «العفو الدولية» أن شرطة الاحتلال استعملت القوة غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة، لافتة إلى أن ففي 18 مايو الماضي، أطلقت شرطة الاحتلال الرصاص على جنى كِسواني وعمرها 15 عامًا في ظهرها عند دخولها بيتَها في حيّ الشيخ جراح. وكان قد حصل احتجاج قبل ذلك بساعات قليلة أمام منزل عائلتها.
وقال والد الطفلة جنى لمنظمة العفو الدولية إن فقرات عمودها الفقري قد تهشّمت، وأن الأطباء لا يعلمون أن كانت ستمشي مجددًا.
ويُظهر مقطع فيديو تم التحققُ منه سقوطَ جنى كِسواني على الأرض لدى إطلاق الرصاص عليها من الخلف. ويظهر مقطع فيديو آخر تم التحققُ منه شرطيًّا إسرائيليًّا يطلق باستهتار مقذوفًا من بندقية خاصة بإطلاق قنابل يدوية منفردة من طراز “آي. دبليو. جي. إلـ. 40” نحو شخصٍ خارج كادر شاشة مقطع الفيديو، يتبع ذلك صوتُ صراخ.
ووثّقت منظمة العفو الدولية كذلك التعذيبَ في مركز شرطة المجمع الروسي «المسكوبية» في مدينة الناصرة في 12 مايو. إذ قال شاهد عيان إنه شاهد قواتٍ خاصةً تنهال بالضرب على مجموعةٍ تضمّ ما لا يقلّ عن ثمانية معتقلين مقيّدين ألقيَ القبضُ عليهم خلال مظاهرة.
وقال شاهد العيان: «كان الأمر أشبهَ بمعسكر أسرى حربٍ وحشيّ. كان رجال الشرطة يضربون الشبان بعِصِيِّ مكانس، ويركلونهم بأحذية عسكرية حوّافها وأسفلها مغطاة بالفولاذ. وقد توجّب نقلُ أربعةٍ منهم بسيارة إسعاف للعلاج، وقد كُسِرت ذراع أحدهم».
وقال محامي زياد طه، وهو متظاهرٌ آخر أحتجز في مركز احتجاز كيشون قرب مدينة حيفا في 14 مايو، إن موكّله قد تم تقييده من معصمَيْه وكاحلَيْه إلى كرسي وحرِمانه النوم، لتسعة أيام.
وتقاعست شرطةُ الاحتلال الإسرائيلي أيضًا عن حماية الفلسطينيين من الهجمات المنظمة التي شنتها جماعاتٌ مسلحةٌ من اليهود المتعصبين، الذين غالبًا ما تُعلَنُ خُططُها مسبقًا.
وقد تأكّدت منظمة العفو الدولية من 29 رسالةً نصيةً وصوتيةً من قنوات «تليجرام» مفتوحة و«واتس آب»، حيث كشفت كيفيةَ استخدام هذين التطبيقين بين 10 و21 مايو لتجنيد رجال مسلحين، وتنظيم هجماتٍ على الفلسطينيين في المدن التي يقطنها خليطٌ من السكان اليهود والعرب، كحيفا، وعكا، والناصرة، واللّد.
وقد تضمّنت تلك الرسائلُ تعليماتٍ تتعلق بمكان وموعد التجمّع، وأنواع الأسلحة التي ينبغي استعمالها، بل وحتى الملابس التي يجب ارتداؤُها لَئِلاَّ يُخلَطَ بين اليهود المنحدرين من الشرق الأوسط والفلسطينيين العرب. وقد تشارَكَ أعضاءُ المجموعة صورًا التقطوها لأنفسهم وهم يحملون أسلحة ورسائل من قبيل: «الليلة لسنا يهودًا، بل نحن نازيُّون».
ووفقا لـ«العفو الدولية»، حرّض السّاسةُ والمسؤولون الحكوميون في دولة الاحتلال على العنف، مشيرة إلى أنه في 11 مايو الماضي، اندلعت أعمالُ شغب بعدما حشد عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب «القوة اليهودية» إيتمار بن غفير مؤيديها للقدوم إلى مدينة اللد ومدن أخرى، ودعت إلى إطلاق الرصاص على مَنْ يرمون الحجارة.
وفي مثال توضيحي على التمييز، ألقِيَ القبضُ على كمال الخطيب، وهو نائب قائد «الحركة الإسلامية الشمالية»، في 14 مايو، واتّهِم بالتحريض على العنف، وبدعم منظمة إرهابية بسبب تعليقاتٍ أدلى بها علنًا؛ أعرب فيها عن افتخاره بالتضامن مع الناس في غزة والقدس الشرقية.
وقالت مولي ماليكار، مديرة الفرع الإسرائيلي لمنظمة العفو الدولية: إن تقاعس الشرطة الإسرائيلية بشكل متكرر عن حماية الفلسطينيين من الهجمات المنظمة التي تشنها جماعات اليهود المتعصبين، والافتقار لوجود المساءلة عن مثل هذه الهجمات لَهو أمرٌ مخزٍ ويدلّ على استخفاف السلطات بحياة الفلسطينيين».
وأضافت ماليكار: «إن السماح لمواطني إسرائيل اليهود، بمن فيهم شخصياتٌ بارزة، بالتحريض على الملأ على العنف ضد الفلسطينيين دون مساءلتهم، هو أمرٌ يُبْرِز الحدّ الذي وصل إليه التمييزُ المؤسسي الذي يواجهُه الفلسطينيون، والحاجةَ الملحة إلى الحماية».