هل منع سير “الميكروباص” أعلى الدائري لتخفيف الزحام؟.. لصالح تحالف شركات نقل عالمية.. وسائقون: أكل عيشنا مهدد
مصدر بوزارة النقل: القرار يهدف لفتح المجال أمام خطوط مواصلات حديثة وذكية.. وتم إنشاء حارات مخصصة لهذه الخطوط
21 شركة تقدمت لمناقصة تشغيل 800 أتوبيس نقل جماعي مكيف لربط القاهرة بالمدن الجديدة.. وسائق: القرار معناه قطع عيشنا
سائق: إحنا وولادنا نروح فين؟.. هو إحنا ناقصين بطالة.. يعني علشان نخفف الزحام نحرم الناس من شغلها؟
كتب – أحمد سلامة
أثارت تصريحات وزير النقل، كامل الوزير، الخميس الماضي، حول منع سير سيارات النقل الجماعي “الميكروباص” على الطريق الدائري، بداية من ديسمبر المقبل، مخاوف كثيرٌ من السائقين الذين يعملون على مسارات تحتم عليهم استخدام الطريق الدائري، معربين عن قلقهم من تأثرهم وأسرهم بهذا القرار.. فيما رأى آخرون أن قرار الوزير ليس إلا تمهيد للطريق أمام شركات القطاع الخاص من أجل تدشين خطوط مواصلات بديلة.
المهندس كامل الوزير، قال إنه بدءا من شهر ديسمبر المقبل، لن يتم السماح للميكروباص بالصعود والسير على الطريق الدائري، في محاولة لـ”تقليل الازدحام على الطريق”.. مضيفا، في تصريحات صحفية، أن الوزارة مستمرة في عمليات تطوير الطريق الدائري البالغ طوله 106 كيلومترات، حيث سيتم تحديد عدة مواقف للميكروباص أسفل الدائري.
أحد السائقين على خط “السيدة عائشة – التجمع”، أعرب عن اندهاشه من القرار، وقال لـ”درب”: “أنا مش عارف القرار فعلا هيتطبق علينا ولا لأ، إزاي اتمنع من أكل عيشي بالشكل دا، الخط دا مينفعش يكون له طريق تاني.. إحنا كدا لقمتنا بنتضرب”.
السائق الذي رفض ذكر اسمه أضاف “إذا كان القرار هدفه تقليل الزحام زي ما بيقال، فدا مش هيحصل لأنك هتنقل كل الميكروباص داخل المدينة ودا معناه زحام أكبر جوا البلد”.
سائق آخر على خط “المنيب” قال لـ “درب”، “القرار دا معناه قطع عيشنا إحنا وولادنا، نروح فين يعني.. هو إحنا ناقصين بطالة.. يعني علشان نخفف الزحام نحرم الناس من شغلها؟!”.
وفي رد على سؤال حول اتخاذ مسارات بديلة أضاف السائق “مينفعش لأني مش هعرف ساعتها أغطي المصاريف بسبب التكاليف، علشان امشي جوا البلد دا معناه استهلاك بنزين أكتر، وشغل أقل بسبب الزحمة اللي هتزيد”.
لكن مسألة تخفيف الزحام التي أعلنها الوزير، ربما ليست هي المقصد النهائي للقرار المزمع تنفيذه اعتبارا من ديسمبر القادم، فحسب أحد المصادر داخل وزارة النقل فإن الغرض الأساسي من القرار هو توفير مسارات لشركات نقل جماعي تابعة للقطاع الخاص من أجل طرح خطوطها.
المصدر قال لـ”درب” إنه ربما أسئ فهم تصريحات الوزير “ليس الغرض تخفيف الزحام فقط، ولكن القرار يهدف إلى فتح المجال أمام خطوط مواصلات حديثة وذكية، والأهم أن تكون منظمة، توفر احتياجات المواطنين دون أن تتسبب في أزمات أو حوادث”، المصدر أشار إلى أنه يتم حاليا العمل على إنشاء “حارات” مخصصة لهذه الشركات.
وفي رده على سؤال حول إمكانية استخدام هذه “الحارات” لتشمل مسارات شركات القطاع الخاص والميكروباص على السواء، اكتفى المصدر بالتعليق قائلا إن تنفيذ ذلك أمر صعب لأنه سيتم اعتماد وسائل جديدة و”حضارية” في تسيير خطوط الشركات.
كان الوزير قد أعلن في ابريل الماضي خطة الوزارة لتطوير الطريق الدائري لمواجهة التكدس المروري الذي يغطي قرابة 12 كيلومترا من إجمالي طول الطريق، مؤكدًا أن الطريق الدائري يتم توسعته حتى يصبح 7 حارات مرورية فيما يتم توسعة كوبري المنيب إلى 8 حارات مرورية، لافتًا إلى أنه تم نقل المرافق وإزالة العقارات المتعارضة مع توسعة الطريق الدائري.
وأوضح الوزير أنه سيتم الانتهاء من توسعة الطريق الدائري في معظم أجزاءه في 30 يونيو 2021، موضحا أنه تم رصد 4 مليارات جنيه لتعويضات الطريق الدائري، وتم صرف مليارًا و573 مليونا للمواطنين، موضحا أن عدد المنازل المتعارضة مع المرحلة الأولى في تطوير الطريق الدائري بلغ 800 منزل، فيما يصل عددهم إلى 1800 منزل في المرحلة الثانية عبر إنشاء طريق خدمة خارج الطريق الرئيسي لمسافة 10 أمتار.
في فبراير الماضي، وحسب وسائل إعلام، كشفت مصادر مطلعة بهيئة النقل العام في محافظة القاهرة عن نجاح 21 شركة في التقييم الفنى تقدمت لمناقصة تشغيل 800 أتوبيس نقل جماعي مكيف، لربط القاهرة بالمدن العمرانية الجديدة على 92 خطا.
وأشارت المصادر، كما ذكرت صحيفة “المال”، إلى أن من أبرز الكيانات التي حصلت على أفضل تقييم -الذي استغرق ما يزيد على شهر- شركة “الفاطمية”، وتلتها “جرينز للنقل الجماعي” التي تعمل حاليا على عدد من الخطوط الرئيسة في قلب العاصمة.
ويشار إلى أن فترة التعاقد مع الشركات الفائزة 6 سنوات من تاريخ التوقيع، وتُجدد لفترة مماثلة، أو أقل منها، وذلك مرهون بموافقة الشركات على اشتراطات جديدة ستضعها هيئة النقل العام، وإدارة مشروع النقل الجماعي، في الوقت المناسب.
ونوهت مصادر هيئة النقل العام بأن قيمة التذكرة ستحدد طبقًا للمسافات، وليس نوعية الأتوبيس، مشيرة إلى أن كل الحافلات ستكون بها الأنظمة الإلكترونية المتطورة التى تساعد فى تقديم خدمات جيدة للركاب، مع منحهم حوافز لمستخدمى الكارت الذكى المشحون مسبقًا.
وفي العاشر من مايو الماضي، شهد المهندس كامل الوزير وزير النقل، توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة النقل ممثلة في جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي وتحالف ( BRT RR حافلات النقل السريع بالطريق الدائري) والذي يتكون من تحالف عالمي يضم شركات عالمية ووطنية ومنهم مواصلات مصر شركة النقل الحضري المستدام وصاحبة العلامة التجارية لأول أوتوبيس ذكي في السوق المصرية، وترانس ديف الفرنسية، وعدد من الشركات الوطنية المصرية مثل أوراسكوم، شركة وسائل النقل MCV بهدف دراسة وإنشاء نظام نقل سريع للحافلات المميزة على الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى (اتوبيساتBRT ) حيث ستشمل هذه الدراسة الوحدات المتحركة، المحطات، ونظام التذاكر الإلكترونية، معلومات الرحلة وأماكن عبور المشاه والانتظار عند المحطات والتكامل مع باقي وسائل النقل.
وأكد الوزير، أن هذا التوقيع يأتي في إطار توجيهات القيادة السياسية بالتوسع في إنشاء شبكات نقل حديثة وتعظيم منظومة النقل الجماعي في مصر، حيث سيتم لأول مرة في وسائل المواصلات في مصر تسيير أوتوبيسات BRT (أوتوبيسات سريعة تسير في مسارات منعزلة وذات سعة كبيرة) على الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى، والذي يعتبر أهم المحاور المرورية بالقاهرة الكبرى حيث يمر عليه ما يقرب من 213 ألف سيارة يومياً.
الوزير لفت إلى أهمية سرعة الانتهاء من هذه الدراسات لسرعة البدء في تنفيذ هذا المشروع الهام الذي يعد طفرة كبيرة في وسائل المواصلات ولمجابهة زيادة الطلب على النقل عند انتقال الحكومة للعاصمة الإدارية وتوفير خدمات نقل تتماشي مع النهضة الحضارية التي تشهدها محاور القاهرة المرورية، بالإضافة إلى أنه سيساهم في تخفيف الازدحام المروري بطول الطريق وامتصاص الاختناقات المرورية على مداخل القاهرة الكبرى.
ونبه إلى أن هذا المشروع سيكون هو نقطة الانطلاقة لهذه النوعية من المواصلات في مصر وخاصة في القاهرة والإسكندرية اللتان تتسمان بكثاقة السكان، مضيفا أن هذا المشروع سيتكامل عند تنفيذه مع شبكة النقل بشكل مثالي والربط مع وسائل النقل الأخرى الحالية والمستقبلية من حافلات ومونوريل ومترو الأنفاق، وخطوط السكك الحديدية، والقطار الكهربائي الخفيف LRT ، وكذلك سيرتبط مع مواقف الأقاليم على الطريق الدائري مثل موقف المنيب، المرج، ومركز النقل الجديد مضيفا أنه فور الإنتهاء من الدراسة سيتم تحديد النموذج الاستثماري والتكلفة الكلية للمشروع.
محسن صبره نائب رئيس شركة مواصلات مصر، إحدى الشركات المساهمة في المشروع، قال إن هذا المشروع من أبرز مشروعات النقل التي تشهد طفرة حقيقية وتهدف إلى تخفيف الأعباء على المواطنين وتقديم خدمة تنافسية تضاهي الخدمات المقدمة في الكثير من الدول الأوروبية والعربية، مشيرًا أن الطريق الدائري يعتبر واحدًا من أهم شرايين النقل في القاهرة الكبرى والتي تنقل يوميا ملايين الأفراد وعشرات الآلاف من السيارات، ولذلك فإن مواصلات مصر ستسخر كل خبراتها الواسعة في هذا المشروع حيث ستعمل مع شركة ترانس ديف في عمليات التشغيل والتأكد من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين بالإضافة لبناء وإدارة منظومة الدفع والتحصيل الإلكترونية والتي ستتوافق مع منظومة الكارت الموحد التي تستهدفها وزارة النقل بصفة خاصة وايضا عمليات التحول الرقمي والشمول المالي الذي تستهدفهما الدولة المصرية .
وتابع صبره قائلًا: إن منظومة الأوتوبيسات (BRT) Bus Rapid Transit سيعمل على إحدث نقلة حضارية في منظومة النقل في مصر وسيقلل وقت الرحلة لأنه سيعمل في حارات معزولة عن الطريق الدائري علاوة على التكلفة التنافسية التي سيعمل بها المشروع.