إغلاق الحديد والصلب | د. يحيى القزاز يكتب: لماذا تكرهنا الحكومة؟
باغتنى هذا السؤال حين ضبطت نفسى متلبسا بحالة اكتئاب -لأول مرة فى حياتى- فى يوم “الاثنين الأسود” ٣١ مايو ٢٠٢١. يوم اغلقت الحكومة بشكل رسمى شركة الحديد والصلب أكبر القلاع الصناعية فى الدولة وشردت العاملين بها.
ولا أعرف لماذا الاكتئاب بالرغم من أننا فى كل يوم نصحو على فقدان طرف من أطراف الدولة حتى صارت الدولة جسدا كسيحا لايقوى على الحركة، وعبئا يحتاج من يحمله أو يركله بعيدا ليفسح مكانه لغيره، لانعلم من هو.
إغلاق الشركة مسببا بمديونية نتيجة خسارة قدرها ٩ مليار جنيه. وحجم المساعدات لغزة نصف مليار دولار. المديونية تقريبا قدر مبلغ المساعدة لغزة، وهو واجب على مصر وحق علينا لأشقائنا فى فلسطين لإعمار قطاع غزة. وترسل الحكومة مساعدات للصين ولإيطاليا وجيبوتى والسودان، وأنا سعيد ومع كل هذه المساعدات فهذا دور الدول القوية. وبنفس المنطق نعتبر شركة الحديد والصلب منكوبة وتحتاج مساعدات لإصلاحها وتطويرها بدلا من غلقها وبيعها “قطاعى” و”خردة”، ومبلغ مديونيتها ليس بكثير.
الحكومة المصرية تقترض لكل شيء تشيده فى مصر (المونريل) والمحطات الكهربائية (سيمنز) والمحطات النووية (الضبعة) والقطارات وكل شيء صغر أو كبر حتى صارت ديوننا الخارجية ١٢٩ مليار دولار (وفى قول اخر ٢٢٨ مليار دولار)، وديوننا الداخلية ٤،٤ تريليون جنيه. فلماذا لاتقترض الحكومة مليار دولار أو أكثر لجدولة ديون الشركة واصلاحها وتطويرها، وهى التى انفقت مليار دولار على احتفال نقل المومياوات من أجل مردود اقتصادى فى عمل سياحى مستقبلى. فهل مردود السياحة افضل من مردود الصناعة؟! ولماذا ننفق على عمل قال عنه خبير الاثار العالمى د.زاهى حواس إن ما أنفق على الحفل اكثر من مردوده بكثير، ولا ننفق على عمل اقتصادى لصالح الدولة قبل الافراد؟! ولمصلحة من هذا؟ أو لماذا لاتطرحها الدولة شركة الحديد والصلب اسهما للمصريين؟! هذه شركة شيدت بمشاركة الشعب فلماذا لاتستمع الحكومة لصوت الشعب الشربك للخروج من الأزمة؟! الشعب هو من يعانى وهو من يتحمل ويدفع الثمن فلماذا يهمش ولا يسمع رأيه فى مصير هذه الشركة؟! الحكومة ليست سيدا يأمر والشعب ليس عبدا فيطيع. الحكومة هى خادم والمفترض انها خادم امين ونزيه عند الشعب لا عدوا متربصا به.
شيء غير مفهوم، الحكومة تتصرف باعتبارها وصية على شعب فاقد الأهلية. تفكر وتقرر له، وتمنعه من المشاركة وابداء الرأى، وعليه ان يدفع الضرائب، والتكلفة الفعلية لحياته من طرق وكبارى ومعيشه وتعليم وصحة وهو مايفوق دخله، وعليه بدفع الأتاوات والمصالحات، وممنوع من حقه فى ابداء الراى، والبناء إلا من خلال وسيط عقارى. حكومة تعمل لصالح فئة معينة. حكومة اسست لمجتمع طبقى على حافة الانفجار.. فإحذروا.
حكومة لم يعرف التاريخ مثلها. حكومة عدوة شعبها. تنحاز للأغنياء على حساب الفقراء.
أخطر مايحدث هو الاعتداء على تاريخ الدولة وتفريغها من مضمونها وقيمها، وتصويرها للأجيال القادمة أنها كانت دولة خربة، فتفقد الأجيال فى الزمن القادم معنى عراقة الدولة وقيمة تاريخها، ويتساوى معها العيش فى أي مكان، فيصير التعامل مع العدو طبيعيا والتفريط فى الوطن عاديا، ولا كرامة لشعب ولا تقدير لتاريخ ولا حرمة لوطن.
وتظل الأسئلة: لماذا تكرهنا الحكومة وأعضاؤها من المصريبن أمثالنا وعانوا مثلنا؟! ولماذا نعيش؟! وان عشنا فكيف ولمن ومع من نعيش؟! وهل ضمير الوزير الذى اتخذ قرار غلق الشركة وتصفيتها مرتاحا؟!
ماحدث هو جريمة اعتداء على دولة من دولة عدوة. ومايقترف فيه يقترب من جرائم الحرب لاتسقط بالتقادم. هذه حكومة يجب محاكمتها وإقالتها لأنها عدوة الشعب. وتصرفاتها ستؤدى إلى انفجار قريب، فاحذروا يا أولى الألباب.
لكل شيء طاقة، البالون ينفجر عندما يزداد الضغط عليه، فما بالنا بمن صبر كثيرا وضغط كثيرا وصدق وعودا ولم يجد إلا الخراب والدمار والسجون. مصر على حافة الانفجار
#المقاومةهىالحل