جمعيات نسائية تركية تدين قرار أردوغان الانسحاب من معاهدة مكافحة العنف ضد المرأة: نحتاج لحماية قانونية وليس دروسا في الأخلاق
أ ف ب
أثار قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانسحاب من معاهدة ملزمة لمكافحة العنف ضد المرأة صدمة، إلا أن بعض الجمعيات المحافظة المدافعة عن حقوق النساء تلقته ب”تفهم”.
والحجة التي أوردتها الرئاسة لتبرير قرارها الانسحاب من هذه المعاهدة لاقى صدى لدى بعض الجمعيات المحافظة مثل “كاديم” وهي الحفاظ على القيم العائلية في مواجهة الذين يسعون إلى “جعل مثلية الجنس أمرا طبيعيا” باسم هذه المعاهدة التي تحظر بشكل عام أي تمييز على أساس “الجنس”.
والوثيقة المعروفة باسم “اتفاقية اسطنبول” أو اتفاقية مجلس أوروبا لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، والتي أقرت عام 2011 ترغم الحكومات على اعتماد تشريع يمنع العنف المنزلي والتجاوزات المماثلة بما يشمل الاغتصاب أو ختان النساء.
وأعلنت تركيا الانسحاب منها بمرسوم صدر عن أردوغان ونشر ليل 19-20 مارس.
وأثار هذا القرار الذي أتى فيما جرائم قتل النساء في تركيا تشهد ارتفاعا متواصلا منذ عقد، غضب منظمات الدفاع عن حقوق النساء وانتقادات من الاتحاد الأوروبي وواشنطن والمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
أثار قرار الرئيس التركي تظاهرات في مختلف أنحاء تركيا لنساء يشعرن بأنهن مهددات بعد الانسحاب من الاتفاقية في بلد تطغى فيه العقلية الذكورية.
وارتفع عدد الجرائم ضد النساء منذ عقد، وفقا لمجموعة “وي ويل ستوب فيميسايد” الحقوقية، التي أحصت مقتل 300 امرأة في 2020 على أيدي شركائهن أو شركائهن السابقين، و77 أمرأة منذ مطلع العام.
وقالت حوالى 38% من النساء في تركيا إنهن تعرضن مرة واحدة على الأقل لعنف أسري بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية فيما يتراوح المعدل حول 25% في أوروبا.
واعتبرت ايسل أوزباي وهي امرأة محجبة (43 عاما) شاركت في إحدى التظاهرات في حي محافظ في اسطنبول إن انسحاب تركيا من الاتفاقية “هو انقلاب ضد النساء” من قبل أردوغان.
وقالت “نحن نقتل بمعزل عن لغتنا وديانتنا أو عرقنا أو سواء كنا محافظين أم لا ، وسواء كنا نضع الحجاب أم لا”.
وترى رميسة كامديريلي مؤسسة مجموعة “هافلي” التي تقدم نفسها على أنها مدافعة عن حقوق المرأة ومسلمة، أن الادعاء بأن اتفاقية اسطنبول تطالب تركيا بقبول أسلوب حياة المثليين هو أمر سخيف.
وتقول ضاحكة “يعتقد البعض أن الناس سيصبحون مثليين بعد قراءة الاتفاقية، هذه ليست حجة تستحق عناء الرد عليها”.
وتضيف أن النساء في تركيا بحاجة الى “حماية قانونية وليس دروسا في الأخلاق”.
بحسب المدافعين عن حقوق المرأة فإن القوانين القائمة تطبق بشكل سيء من قبل قوات الأمن والقضاء في تركيا، ما يغذي ثقافة إفلات منفذي أعمال العنف من العقاب.
وتخلص الى القول إن “عنف الذكور هو الذي يدمر الأسرة وليس المعاهدة”.
هذا خصوصا وضع جمعية “النساء والديمقراطية” (كاديم) ونائبة رئيستها هي سمية أردوغان الابنة الصغرى للرئيس التركي.
بالنسبة إلى درية يانيك المحامية وعضو مجلس إدارة كاديم، فان الربط الذي قام به البعض بين الاتفاقية والدفاع عن حقوق مثليي الجنس أصبح “عبئا من الصعب تحمله” في بلد محافظ الى حد كبير.
وقالت يانيك لوكالة فرانس برس “من وجهة نظرنا، كانت اتفاقية اسطنبول أداة لمكافحة العنف ضد المرأة. لكن بعض المجموعات ربطتها بحقوق المثليين والمتحولين جنسيا، وهذا أحد العوامل التي أساءت للاتفاقية”.
وإذا كانت تصريحاتها تبدو وكأنها دفاع عن المبررات التي قدمتها أنقرة، فإن يانيك حرصت على توضيح أن كاديم “ليست مع ولا ضد” اتفاقية اسطنبول.
وأشارت الى أنه لدى تركيا أساسا قانون لحماية النساء ما يجعل، بحسب قولها، الاتفاقية أقل أهمية.
وأوضحت المحامية “قيل إنه إذا تم الانسحاب من اتفاقية اسطنبول، فلن يبقى هناك وسائل لحماية النساء. لكن الحال ليست كذلك”.
وأضافت مستعيدة مواقف السلطات التركية، أن الاتفاقية “تفرض” الدفاع عن حقوق مثليي الجنس والمتحولين جنسيا على انه “الوضع الطبيعي الجديد”.