حنان فكري تكتب: كورونا.. من إغلاق الإحتفالات لإجراء الامتحانات
ألغت الحكومة الاحتفال برأس السنة، وما زالت تسير في طريق تنفيذ خطتها لاتمام الامتحانات، وكأن كورونا تتبجح وتصيب الناس في أماكن المرح والفرح و”الفرفشة” وتلتزم بعدم اصابتهم في التجمعات التي تتسم بالجدية، والمسؤولية!!
إنها سخرية القدر حينما يضع أمام الرأي العام الشىء وعكسه، القرارات الحكومية ونقيضها، وعلى الجميع السمع والطاعة ومن يخشى على صحته فليزم منزله، ومن يؤمن بالقدرية فلينطلق، فالحكومة منعت الاحتفالات والافراح والتجمعات في الأعياد، وقررت إجراء الامتحانات، بعد اسبوع من هذه الاحداث!!
عفواً نكتفي بهذا القدر يا حكومة، يجب وقف الامتحانات خلال ذروة الجائحة واستئنافها بعد انكسار الموجة، فالامتحانات المزمع اجراؤها في التاسع من يناير القادم، نقطة انطلاق وتفشي جديدة لوباء كورونا في مصر، بسبب تجاهل انذارات منظمة الصحة العالمية، التي تحذر من كارثة انسانية فى 2021 نتيجة عدم اتباع الاجراءات الاحترازية، وعزوف بعض الدول عن الغلق التام خشية العواقب الاقتصادية. واذا بحكومتنا تعاني من خوف مزدوج، من العواقب الاقتصادية والعواقب التعليمية، دون النظر لمن يمرض أو يموت.
يبدو أن الحكومة تعتبر هذا قدر، ألم يتخذ وزير التربية والتعليم قراراً برفع الغياب؟ فهل يمكن أن يرفع الغياب للمدرسين؟ هل يمكن ان يرفع الغياب من الامتحانات ويوفر فرصة أخرى بعد انكسار ذروة الجائحة؟ قطعاً لن يحدث، والمزعج في الامر ظهور مجموعة “المبرراتية” بشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتبييض وجه أي قرار صادم، ليتحدثوا عن نية الحكومة لاعتماد نتائج الترم الأول وانهاء العام الدراسي عند هذا الحد تمهيداً للاغلاق، وهي شائعات محض ثرثرة، لاننا في ذروة الجائحة فمن لم ينفذ الغلق في الذروة ما الذي سيدعوه لتنفيذه بعد انكسار الموجة؟!
إنه تناقض القرارات، وعدم الحسم في التعاطي مع أزمة كورونا في موجتها الثانية الذي يعكس اتباع سياسة مناعة القطيع، والميل للقدرية في مواجهة الوباء، تلك السياسة التي لا تعترف إلا بالبقاء للأقوى، وللضعفاء القبور، مناعة القطيع تهمل محاصرة العدوى، ثم تأتي موجات الوباء موجة تلو الاخرى.. ليكتسب الناس المناعة تدريجياً، تلك كانت طريقة القضاء على الأوبئة التي ضربت العالم قبل تطور العلم والطب، باعتبار ان 80 %من الحالات تعبر ربما بدون أعراض، المشكلة – طبقاً لرأي الدكتورة منى مينا الأمين العام السابق لنقابة الاطباء – أن هناك نسبة 20% من الحالات، منها حوالي 15% تقريبا تمر بمعاناة شديدة، لكنها لا تصل لتهديد الحياة، ونسبة 5% تحتاج للمستشفى، وقد تصل للعناية مركزة .وبدونها يكون الموت المحقق، هذا هو الثمن الباهظ الذي تدفعه المجتمعات مقابل سياسات ترك البشر لمناعة القطيع.
5% ، سيموت منهم من لن يجد سريراً بالعناية المركزة، قد يكون طالبا قرر الذهاب للامتحان، أو مدرساً أضطر للذهاب لعمله خشية الجزاء، فمن الذي يحتمل ضميره نتيجة قرارات غير دستورية، إن الحق في الحياة مصون بقوة الدستور والمواثيق الدولية، ربما يستطيع الموظف الحصول على أجازة لكن الطالب ملزم بدافعية الحرص على المستقبل، فلا تجبروهم على مواجهة الوباء، أيضاً المدرسين الذين لن يتمكنوا من الحصول على أجازات، سيكون اجبارهم بمثابة قتل عمد لمن يحصده الوباء لاحقاً، وحكومتنا لا تمتلك خطة لتعويض أسر شهداء الأطباء حتى الآن، فكيف ستواجه حقوق شهداء التعليم إذا قررت أحدها استخدام الحق الدستوري في التعويض؟
لا أحد يسمع من الطرفين، كما لو كان هناك اتفاقاً ضمنياً بين الحكومة والمواطنين على أن تسير الأمور بشكل اقرب للقدرية، ولا يمكن تجاهل خوف البعض من الاغلاق أملاً فى جلب لقمة العيش لكن ذلك لا يمكن أن يكون مبرراً للتساهل في الاجراءات، فماذا لو جاءت لقمة العيش وذهبت العائلة؟ ماذا لو حضر الرزق ومات شريكك فى الأسرة؟ ماذا لو نجح الناس فى تأمين المال لتغطية نفقات الحياة ثم ضاعت الحياة ذاتها؟