مركز “دعم” يطالب بالإفراج عن مسؤولي المبادرة المصرية: النظام انتقل لمرحلة الحرب المفتوحة على المجتمع المدني
المركز: مطاردة الناشطين الحقوقيين يؤثر سلبياً على علاقة النظام بالمواطنين.. ويفتح الباب للمتطرفين لجذب عناصر لم تجد متنفسا بالطرق الديمقراطية
طالب مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن مسؤولي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، جاسر عبدالرازق، ومحمد بشير، وكريم عنارة، دون قيد أو شرط.
وأوضح المركز، في بيان له حول القبض على قيادات المبادرة، أن إعلان الحرب على المبادرة حلقة جديدة من حلقات ممتدة من اضطهاد الأنظمة المتتالية للعمل الحقوقي في مصر وناشطيه.
وأضاف: “يبدو أن النظام الحالي لن يكتفي في المرحلة القادمة بالملاحقة والتضييق الذي اعتاد عليه لسنوات في تعامله مع ملف حقوق الإنسان وانتقل لاستخدام ذراعه القضائية وإلحاق المدافعين عن حقوق الإنسان، من المحامين، في مصر مع من كانوا يدافعون عنهم أمام نيابة أمن الدولة والتي لا تعلم عن القانون سوى إصدار أوامر حبس احتياطي لا تنتهي”.
وأشار مركز “دعم” إلى أن استمرار السلطات في مصر في التضييق على العمل الحقوقي ومطاردة العاملين به هو مسار يؤدي للمزيد من القمع ويؤثر سلبياً على علاقة النظام بالمواطنين، وهو الأمر الذي يفتح الباب للجماعات المتطرفة لجذب المزيد من العناصر التي لم تجد متنفسا لها بالطرق الديمقراطية.
كما أكد أن ما وصفه بـ”التعامل الملتوي مع القوانين” واستخدامها في مطاردة المواطنين من السلطات، سلوك لا يؤدي إلى دولة القانون التي ينادي بها الجميع، داعيا السلطة القضائية إلى أن تستعيد مواقفها المناصرة للحريات العامة وحماية المواطنين من توجيه إتهامات ليست ذات أساس.
وثمن أيضا كل جهود الأفراد المستمرين في محاولة الوقوف أمام نظام الرؤية الواحدة والرأي الواحد عالمين أن لا طريق للديمقراطية دون طرح العديد من الرؤى ووجهات النظر ولا سبيل للتغيير دون خوض المعارك السلمية المختلفة، حتى وإن حمل ذلك أخطار التعرض للمحاكمة والاحتجاز والتشهير المتبع من النظام الحالي.
وألقت السلطات القبض على جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية من منزله بالمعادي علة يد قوة أمنية لينضم إلى اثنين من العاملين بالمبادرة المصرية ألقي القبض عليهما في الأيام القليلة الماضية، حيث ألقت قوات الأمن في 18 نوفمبر القبض على كريم عنّارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة، في مدينة دهب بجنوب سيناء بعد أن ألقت فجر الأحد 15 نوفمبر القبض على المدير الاداري للمبادرة محمد بشير من منزله، ليلتحقوا جميعا بزميلهم باتريك جورج زكي.
وضمت النيابة جاسر ورفيقيه علي القضية 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة، والتي تضم عدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين والصحفيين، مثل المحامين عمرو إمام ومحمد الباقر وماهينور المصري والصحفيون سولافة مجدي، وإسراء عبدالفتاح، ومحمد صلاح، وهي القضية التي بدأت تأخذ لقب “الدوامة” لكونها تضم مجموعة من الأشخاص لا علاقة لهم ببعضهم البعض، وباتهامات لا أساس لها ولا يدعمها سوى محضر تحريات واه، ووقائع لا منطق لها كالاتهام الذي وجه للصحفية إسراء عبد الفتاح، والمحامي محمد الباقر بالاشتراك في اتفاق جنائي، الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية من داخل السجن، رغم احتجاز كل منهما في سجن مختلف.
وأشارت المبادرة المصرية إلى أن هذه الإجراءات العقابية غير المسبوقة هي رد فعل مباشر على نشاطها في مجال الدفاع والمناصرة الدوليين، خصوصًا لقاءاتها العلنية والمشروعة مع عدد من البعثات الدبلوماسية وآخرها لقاء عقد في مقر المبادرة يوم 3 نوفمبر مع 13 سفيرًا ودبلوماسيا معتمدين في القاهرة من أجل استعراض أوضاع حقوق الإنسان.
ولفتت إلى أن هذه الدول وغيرها أعضاء في الأمم المتحدة تعهدت – هي ومصر – من خلال مجلس حقوق الانسان بالعمل سويا على تحسين أوضاع حقوق الانسان في العالم، وبفتح ملفاتها في هذا المجال أمام بعضها البعض، وبإدماج منظمات المجتمع المدني في عمل المجلس، ومنحها الحق في تقديم تقارير ومخاطبة المجلس.
ولم يكن هذا اللقاء الأول من نوعه ولن يكون الأخير، فأنشطة الدعم والمناصرة الدوليين تشكل جزءًا أساسيًا من صميم عمل المبادرة الهادف لتحسين أحوال حقوق الإنسان لعموم المصريين، ولا تخرج عن الإطار القانوني والدستوري الحاكم لعملها أو لعمل تلك البعثات، وفقا لـ”دعم”.
وشدد المركز على أن ملاحقة المؤسسات الحقوقية والعاملين بها لم تقتصر على قضية التمويل ولكن تنوعت بين قضايا مختلفة مثل واقعة مداهمة قوات لمقر مركز وعيادة النديم لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وتشميعه وغلقه بالقوة بقرار من وزارة الصحة، أو اعتداء بدني كواقعة اعتدى ضباط مسلحون على جمال عيد مدير الشبكة العربية بالضرب بالقرب من منزله.
كان جاسر عبد الرازق قد كشف لمحاميه في جلسة استكمال التحقيق معه، عن خضوعه لمعاملة مهينة ولا إنسانية في محبسه تعرض صحته وسلامته لخطر جسيم، حيث لم يُسمح له بالخروج من الزنزانة على الإطلاق طوال الفترة الماضية، ولم يتوفر له مكان للنوم حيث ينام على سرير معدني بدون “مرتبة” ولا غطاء، سوى بطانية خفيفة، وتم تجريده من كافة متعلقاته وأمواله ولم يتحصل إلا على قطعتي ملابس خفيفة “صيفية” ولم يسمح له بالتعامل مع كانتين السجن، علاوة على قص شعره بالكامل.
واستدعت نيابة أمن الدولة العليا، عبدالرازق في 23 نوفمبر الحالي لاستكمال التحقيقات بشأن الاتهامات الموجهة له على ذمة القضية 855 لسنة 2020 والتي يواجه فيها اتهامات بعضوية جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، واستخدام حساب من حسابات التواصل الاجتماعي لترويج معلومات كاذبة من شأنها تكدير السلم والأمن العام.
وحملت المبادرة المصرية في بيان في اليوم التالي لجلسة استكمال التحقيق، النيابة العامة المسئولية عن صحة جاسر وسلامته، وقالت المبادرة في بيانها، إنه في خطر، مشيرة إلى أن المحامين، أثبتوا ما ذكره في التحقيقات، كما طالبوا بالذهاب لمحبسه لتحديد المسئولين عن هذه المعاملة، وشددت المبادرة على أن المحامين سيتوجهون بشكوى رسمية لمكتب النائب العام تُفصلّ وقائع إساءة المعاملة التي يتعرض لها.
كما طالب المحامون بانتداب قاضي تحقيق لاستكمال التحقيقات حيث لم تتح نيابة أمن الدولة العليا للمحامين الاطلاع على محاضر التحريات أو الانفراد بالمتهم.
كان عبدالرازق قد أُلقي القبض عليه 19 نوفمبر، بعد القبض على كل من كريم مدحت عنّارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة يوم 18 نوفمبر، ومحمد بشير المدير الإداري بالمبادرة يوم 15 نوفمبر.
وواجه الثلاثة اتهامات متماثلة “بعضوية جماعة إرهابية” و “استخدام حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار ومعلومات كاذبة من شأنها الإخلال بالسلم والأمن العام”.
وقالت المبادرة المصرية إن أي من المتهمين الثلاثة لم يواجهوا بأدلة أو محاضر تحريات تدعم تلك الاتهامات المرسلة بينما تركزت التحقيقات حول مجمل نشاط المبادرة في السنوات الأخيرة، خصوصًا رصدها وتوثيقها لانتهاكات حقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز والسجون والزيادة غير المسبوقة في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام. وهو ما تكرر اليوم مع جاسر عبد الرازق حيث سألته النيابة عن 18 بيان وعدد من تقارير المبادرة المتعلقة بمراقبة منظومة العدالة الجنائية في مصر. ويدعم هذا التركيز ما ذهبنا إليه في بياناتنا وتصريحاتنا السابقة أن ما تواجهه المبادرة هو هجوم منسق الغرض منه “عقابها” على مجمل نشاطها.