«المبادرة المصرية» تتضامن مع بهي الدين حسن بعد حكم سجنه 15 عامًا: حلقة جديدة من التجريم العملي للتعبير عن الرأي (نص البيان)
بيان المبادرة يطالب بإسقاط الاتهامات ضد بهي الدين وإغلاق ملف هذه القضايا.. وإعادة النظر في القوانين المخالفة للدستور
البيان: المصريون اليوم في متاهة تشريعية تسمح بتعدد العقوبة وتغليظها على أفعال غير مجرَّمة أصلًا في الدستور المعمول به حاليًّا
عبد الرحمن بدر
أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن إدانتها الحكمَ الصادرَ غيابيًّا عن الدائرة الخامسة جنايات إرهاب، بالسجن 15 عامًا على بهي الدين حسن، مؤسس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وأحد رواد العمل الحقوقي المصري على مرِّ تاريخه.
وقالت المبادرة في بيان اليوم السبت، إن استناد الحكم على مواد قوانين العقوبات بالإضافة إلى قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية يُعدُّ مؤشرًا إلى حجم وطبيعة الحصار القانوني المفروض على حرية الرأي والتعبير والعمل الأهلي في مصر اليوم، حيث يواجه المواطنون المصريون اليوم متاهة تشريعية تسمح بتعدد العقوبة وتغليظها على أفعال غير مجرَّمة أصلًا في الدستور المصري المعمول به حاليًّا أو في المواثيق الدولية التي صدَّقت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة والتي تشكل جزءًا من القانون الوطني بمقتضى أحكام الدستور ذاته.
كانت التحقيقات بدأت في هذه القضية في يوليو 2018 استنادًا إلى مجموعة من تدوينات “حسن” المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر والتي اِعتبرت “نشرًا لأخبار كاذبة” و”تحريضًا ضد الدولة” وبالتوازي مع هذه التحقيقات استمرت التحقيقات في قضية أخرى واجه فيها “حسن” اتهامات إهانة القضاء، استنادًا إلى المواد المنشورة نفسها، وحكم عليه فيها غيابيًّا بالسجن لمدة ثلاث سنوات في سبتمبر 2019.
وذكر البيان أنه حُكم على بهي الدين حسن في قضيتين مختلفتين وبمواد قانونية مختلفة استنادًا إلى المادة المنشورة نفسها، الأمر الذي يفتح المجال لقضايا جديدة بحق حسن في المستقبل استنادًا إلى المواد نفسها.
وكانت منظماتٌ حقوقية مصرية ودولية وقوًى سياسية ونقابية قد نبَّهت إلى خطورة التجريم المتكرر، وتكرار العقوبة على الأفعال نفسها _وهي أفعال غير مجرَّمة دستوريًّا أصلًا كما سبق الذكر_ في قوانين مختلفة أثناء المداولات البرلمانية التي سبقت إقرار قانون “مكافحة جرائم تقنية المعلومات (رقم 175 لسنة 2018) المعروف إعلاميًّا بقانون الجريمة الإلكترونية” والصادر في أغسطس 2018، دون أن تجد تلك التحفظات آذانًا مصغية.
ومحصلة هذا التجاهل هي مئات المعتقلين المصريين الذين يقضون مُددًا عقابية مختلفة بسبب نشر آراء على مواقع التواصل الاجتماعي اعتبرها القضاء “أخبارًا كاذبة” أو “مواد تُخل بالسِّلم الاجتماعي” أو تعبِّر عن “إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي”، هذه الصياغات الفضفاضة لنصوصٍ عقابية تشكل تجريمًا عمليًّا للتعبير عن الرأي، وفتحت بالفعل المجال لتحويل الإنترنت، وخصوصًا مواقع التواصل الاجتماعي، إلى ساحة جديدة للقمع بعد أن تم تجريم _عمليًّا_ الحق في التجمع السلمي بمقتضى قانون التظاهر الصادر في 2013، والذي يتم تطبيقه بشكل أكثر تعسفًّا من نصوص القانون نفسه من أجل تجريم أي شكل من أشكال التجمعات مسبقًّا, بعد حصار المنصات الصحفية المستقلة سواء بالحجب غير القانوني وغير المسبوق في تاريخ مصر للمئات من مواقعها أو التضييق المستمر على عملها عبر مؤسسات كالمجلس الأعلى واللجنة الوطنية للإعلام.
وفي هذا السياق، يواجه النشطاء الحقوقيون المستقلون تضييقًا مضاعفًا، آيته التحقيقات المستمرة في القضية 173 المعروفة إعلاميًّا باسم قضية التمويل الأجنبي، والتي تضم اسم: بهي الدين حسن، كذلك مع31 متهمًا آخرين خضعت أرصدتهم البنكية للتجميد أو مُنعوا من السفر بمقتضى قرارات قضاة التحقيق في هذه القضية. ثم يتعرضون لملاحقة جنائية إضافية استنادًا إلى تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي وباستخدام مواد من قوانين مكافحة الإرهاب وقانون الجريمة الإلكترونية.
وأكدت المبادرة المصرية على تضامنها الكامل مع بهي الدين حسن، وطالبت بإسقاط الاتهامات الموجهة إليه وإغلاق ملف هذه القضايا، كما تؤكد أيضًا على ضرورة أن يعيد البرلمان المقبل النظر في مواد قوانين العقوبات والإرهاب ومكافحة الجريمة الإلكترونية التي تفرض قيودًا غير دستورية على حرية الرأي والتعبير بما يفتح الباب للإفراج عن آلاف المسجونين بمقتضى أحكام هذه المواد.