السبحة تنفرط| استقالات الوزراء والنواب اللبنانيين.. قفز من المركب أم ترتيب للأوضاع أم “تغيير بعيد المنال”؟
محمود هاشم
فتحت استقالات الوزراء والنواب اللبنانيين المتتالية خلال الفترة الأخيرة باب التكهنات حول مصير الحكم في البلاد، التي ما تزال لم تشف جراحها من كارثة انفجار مرفأ بيروت، فضلا عن تعرضها لأسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، مع ارتفاع معدل التضخم، وتزايد الاتهامات بالفساد السياسي، ما طرح تساؤلات حول ما إذا كانت الاستقالات قفز من المركب أم ترتيب للأوضاع أم فقدان أمل في “تغيير بعيد المنال”.
وأعلنت وزيرة الإعلام اللبنانية منال عبد الصمد، اليوم، استقالتها من حكومة حسان دياب، وقالت في بيان: “أعتذر من اللبنانيين الذين لم نتمكن من تلبية طموحاتهم، التغيير بقي بعيد المنال وبما أن الواقع لم يطابق الطموح وبعد هول كارثة بيروت أتقدم باستقالتي من الحكومة”.
وكان رئيس الحكومة قال أمس في كلمة متزامنة مع احتجاجات شعبية، إنه سيطرح غدا على مجلس الوزراء إجراء انتخابات نيابية مبكرة، مشددا على أنه لا يمكن أن يخرج لبنان من أزمته البنيوية إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لإنتاج طبقة سياسية جديدة، وقال: “أنا مستعد لتحمل المسؤولية لشهرين كي يتفقوا على حل الأزمة”.
وفي 3 أغسطس الحالي، أعلن وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتى تقدمه رسميا باستقالته من مهام منصبه إلى رئيس الحكومة حسان دياب، وقال في بيان إن الاستقالة التي تقدم بها، سببها غياب الرؤية العامة للبلاد والإرادة الفاعلة في تحقيق الإصلاح الشامل المطلوب داخليا والذي يدعو المجتمع الدولي للقيام به.
كما نبه إلى انزلاق لبنان إلى مصافي الدول الفاشلة، قائلاً :”لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ونموذجاً، لبنان اليوم ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة، وإنني أسائل نفسي كما الكثيرين كم تلكأنا في حماية هذا الوطن العزيز وفي حماية وصيانة أمنه المجتمعي”.
وأوضح أن “تعذّر أداء مهامه في هذه الظروف المصيرية ونظرا لغياب رؤية للبنان الذي يؤمن به وطنا حرا مستقلا فاعلا ومشعا في بيئته العربية وفي العالم، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به، قررت الاستقالة من مهامي”.
وتأتي استقالة عبدالصمد من الحكومة، غداة استقالة 5 نواب من البرلمان اللبناني، هم نواب “الكتائب” سامي الجميل رئيس الحزب، ونديم الجميل نجل الرئيس اللبناني الراحل بشير الجميل، وإلياس حنكش، بالإضافة إلى استقالة النائبة بولا يعقوبيان، وعضو كتلة جنبلاط النيابية مروان حمادة، كما أعلن النائب نعمة إفرام اليوم الأحد، استقالته من البرلمان اللبناني، وهو سادس نائب يعلن استقالته منذ وقوع انفجار مرفأ بيروت.
وقال سامي الجميل، في تصريحات إعلامية: “حان الوقت لتغيير المنظومة السياسية التي سلمت لبنان لحزب الله”، لافتا إلى أن من حق الشارع اللبناني الاعتراض على المنظومة السياسية الفاسدة، مؤكداً أن التغيير في لبنان يجب أن يأتي من الشارع.
واعتبر الجميل في كلمة سابقة ألقاها خلال جنازة تشييع الأمين العام لحزب الكتائب نزار نجاريان، الذي لقي حتفه في انفجار مرفأ بيروت الثلاثاء الماضي، أن على حزبه أن يكون على قدر التضحية التي تمر بها البلاد، كما هاجم رئيس الجمهورية ميشال عون، قائلا: “لا ما حدث لم يكن مجرد حادث بل كارثة، نحن منتقلون للمواجهة لإصلاح الدولة”.
ومساء الجمعة، أعلن النائب ميشال الضاهر انسحابه من تكتل النواب الموالين لعون في البرلمان، وكتب في تغريدة على حسابه على تويتر :”أمام هذه الكارثة الإنسانية وانسجاماً مع قناعتي ومواقفي السابقة أعلن انسحابي من تكتل لبنان القوي”.
وكان رئيس الحكومة قال أمس في كلمة متزامنة مع احتجاجات شعبية، إنه سيطرح الاثنين على مجلس الوزراء إجراء انتخابات نيابية مبكرة، مشددا على أنه لا يمكن أن يخرج لبنان من أزمته البنيوية إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لإنتاج طبقة سياسية جديدة، وقال: “أنا مستعد لتحمل المسؤولية لشهرين كي يتفقوا على حل الأزمة”.
وأكد رئيس حزب القوا ت اللبنانية، سمير جعجع، أنه يقوم بجهود حثيثة من أجل جمع ما يكفي من الاستقالات من أعضاء مجلس النواب، للوصول إلى انتخابات نيابية مبكرة.
وقال جعجع في تغريدة عبر صفحته الرسمية على “تويتر” إننا “إلى جانب أعمال الإغاثة القائمة في بيروت، نحن نعمل الآن على إغاثة الجمهورية من خلال تخليصها من هذا المجلس النيابي”.
وأضاف: “نجري الاتصالات اللازمة ونقوم بالجهود الحثيثة لجمع ما يكفي من الاستقالات للوصول في أسرع وقت ممكن إلى انتخابات نيابية مبكرة”.
يشار إلى أن لبنان يشهد منذ أشهر أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، يتزامن مع شحّ الدولار وفقدان العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها، فضلا عن ارتفاع معدل التضخم، ما جعل قرابة نصف السكان تحت خط الفقر، فضلا عن التداعيات الكارثية لانفجار مرفأ بيروت.
ودفعت تلك الأزمة مئات آلاف اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ 17 أكتوبر احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة.
وتواجه الحكومة الحالية ملفات مالية واقتصادية واجتماعية شائكة، لم تتمكن حتى اليوم من التوصل إلى حلول لها، مع تفاقم عدة أزمات من الديون الخارجية إلى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وملف الكهرباء والوقود داخليا، وأزمة النفايات، وتعثر الإصلاحات ومكافحة الفساد المتراكم منذ عقود.