غزة بين الدماء والمفاوضات: جهود وقف الإبادة على أبواب الحسم النهائي 

في ظل الأوضاع الكارثية التي تعيشها غزة تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المتواصل، أفادت وكالة “رويترز” بأن المفاوضين في الدوحة يجتمعون اليوم الثلاثاء لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل خطة لإنهاء الحرب. يأتي ذلك بعد تصريحات للرئيس الأمريكي جو بايدن أكد فيها أن وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن أصبح وشيكًا. 

ووفقًا لمصادر مطلعة على المفاوضات، تم تسليم “إسرائيل” وحركة حماس مسودة نهائية للاتفاق يوم الاثنين. وأشارت التقارير إلى حدوث “اختراق” عند منتصف الليل بفضل جهود الوسطاء الدوليين، من بينهم مبعوثون للرئيس بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب. 

صرّح مصدر فلسطيني قريب من المحادثات لوكالة “رويترز” أن هناك توقعات بالانتهاء من الاتفاق اليوم إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها. وبيّن أن قطر قامت بتقديم نص وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن للطرفين خلال الاجتماعات في الدوحة. 

وأكد مصدر لوكالة “فرانس برس” أن جلسة أخيرة من المحادثات ستُعقد اليوم بهدف إنهاء التفاصيل المتبقية من الصفقة، مشيرًا إلى مشاركة رؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ومبعوثي الشرق الأوسط للإدارتين الأمريكية الحالية والقادمة في هذه المحادثات. كما ذكر أن رئيس الوزراء القطري سيلعب دورًا رئيسيًا في هذا السياق، بينما سيُجري الوسطاء محادثات منفصلة مع حركة حماس. 

في مؤتمر صحفي عقده اليوم، أعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن المفاوضات حققت تقدمًا كبيرًا، وأن الأطراف باتت على مقربة من الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وأضاف: “تجاوزنا العقبات الرئيسية في المفاوضات، ونعمل الآن على التفاصيل الأخيرة لتنفيذ الاتفاق”. وأكد الأنصاري أن الاتفاق سيتم الإعلان عنه في وقت قريب جدًا بمجرد انتهاء المحادثات. 

أشار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى أن مصر وقطر توصلتا إلى صيغة نهائية لاتفاق وقف إطلاق النار، لكنه أوضح أن الكرة الآن في ملعب حركة حماس. وأضاف في كلمة خلال مشاركته في نقاشات المجلس الأطلسي أن هناك خطة لتأسيس هيئة حاكمة لقطاع غزة بعد انتهاء الحرب، على أن تُسلم السلطة الفلسطينية إدارة القطاع لاحقًا. 

وتابع بلينكن قائلاً إن الولايات المتحدة عملت على صياغة خطة تضمن وقف الحرب بطريقة تعزز التطلعات المشروعة للإسرائيليين، وفي الوقت ذاته تؤسس لدولة فلسطينية مستقبلية. وشدد على أن الهدف الأمريكي كان تقويض قدرات حماس ومنع تحول غزة إلى تهديد دائم لإسرائيل. 

نقلت وسائل إعلام أمريكية، من بينها موقع “أكسيوس”، أن بلينكن يخطط لعرض خطة لإعادة بناء غزة وإدارتها بعد انتهاء الحرب. وأشارت التقارير إلى أن الخطة تستند إلى إنشاء آلية حاكمة بمشاركة المجتمع الدولي ودول عربية لإعادة الاستقرار وتقديم المساعدات الإنسانية. كما ستطالب الخطة بإصلاح السلطة الفلسطينية لتكون جزءًا من أي حكومة مستقبلية في غزة. 

وبحسب التقرير، تأمل الإدارة الأمريكية الحالية أن تصبح هذه الخطة أساسًا لأي جهود مستقبلية لإعادة بناء القطاع. ومع ذلك، أبدى بعض المسؤولين الأمريكيين قلقهم من أن الخطة قد تخدم مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما تهمش السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. 

من جهتها، أكدت حركة حماس أنها تُجري مشاورات مكثفة مع قادة الفصائل الفلسطينية لوضعهم في صورة التقدم الحاصل بالمفاوضات. وأعربت الفصائل عن ارتياحها لمسار المحادثات، لكنها شددت على ضرورة الاستعداد للمرحلة المقبلة بكل متطلباتها. كما أكدت حماس أن المفاوضات غير المباشرة بوساطة قطرية ومصرية تسير بصورة إيجابية نحو التوصل إلى اتفاق شامل. 

في الوقت الذي تتواصل فيه المفاوضات، يعاني سكان غزة من أوضاع إنسانية كارثية. ووفقًا للإحصاءات، تجاوز عدد الشهداء 45 ألفًا، مع وجود أكثر من 15 ألف جثة لا تزال تحت الأنقاض. وأصيب أكثر من 100 ألف شخص بجروح مختلفة، في حين تسبب القصف الإسرائيلي بتدمير واسع للبنية التحتية، مما ترك مئات الآلاف بلا مأوى. 

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره من لوكسمبورغ أن بلاده تعمل بالتعاون مع قطر والإدارة الأمريكية للوصول إلى اتفاق ينهي معاناة الشعب الفلسطيني. وأشار إلى أن الظروف في غزة وصلت إلى مستوى كارثي، داعيًا المجتمع الدولي للتحرك العاجل. 

ورغم الحديث المتزايد عن قرب الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار، تبقى التساؤلات قائمة حول جدية الأطراف كافة في تنفيذ التزاماتها. فهل ستتمكن الجهود الدولية من إنهاء معاناة الفلسطينيين، أم أن الاتفاق سيبقى حبرًا على ورق في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *