جلسة “نحو منظومة قيد معاصرة”: أهمية متزايدة مع تطورات المهنة.. وورقة عمل “من واقع تجربة عملية”
في إطار فعاليات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين، عُقدت جلسة حوارية تحت عنوان “نحو منظومة قيد معاصرة في نقابة الصحفيين العاملين بالصحف والمواقع”، التي شهدت مداخلات هامة حول مستقبل القيد في النقابة.
بدأ يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، حديثه بالتأكيد على أن موضوع القيد يكتسب أهمية متزايدة مع تطورات مهنة الصحافة وتغيرات سوق العمل. وأشار إلى أن النقابة لا يمكنها الوقوف أمام هذه التغيرات، مستعرضًا مراحل تطور سوق الصحافة في مصر، حيث كانت الصحف الحزبية بداية لمرحلة من التخوفات بشأن تأثير الصراعات السياسية على النقابة، ومن ثم شهدت الصحف الخاصة موجة جديدة من التخوفات المرتبطة بمصالح أصحاب رؤوس الأموال. كما تناول قلاش التأثيرات التي أضافها قانون الصحافة رقم 180 لسنة 2018، الذي فرض العديد من المتغيرات التي تستدعي تعديل لائحة القيد بالنقابة، موضحًا أن الصحفي اليوم هو من يقدم محتوى يتوافق مع معايير النقابة. وأكد قلاش أن ممارسة المهنة هي الركيزة الأساسية لعضوية النقابة، وأنه إذا سقط هذا الشرط، سقط القيد.
من جهته، شدد أبو السعود محمد، عضو مجلس النقابة، على أن لائحة القيد الحالية تحتاج إلى تطوير لتواكب المستجدات في مهنة الصحافة. واقترح أن يبدأ الصحفيون عملهم من خلال النقابة وليس المؤسسات الصحفية، بحيث يتم تدريبهم وتأهيلهم أولًا في معهد تدريب يشرف عليه مجلس النقابة. وأوضح أن هذا المعهد يجب أن يكون مسؤولًا عن تأهيل الصحفيين بشكل كامل، بما في ذلك تدريبهم على الوعي النقابي، قبل أن يبدأوا حياتهم العملية في المؤسسات الصحفية. كما دعا أبو السعود إلى ربط لجنة القيد بلجنة التدريب بشكل أكبر، مع تشكيل مجلس أمناء لمعهد التدريب الذي يضم رئيس مجلس التدريب والقيد. وأكد على ضرورة أن تضع النقابة قائمة بالصحفيين المتدربين الذين اجتازوا فترة التدريب، ليتم تشغيلهم في المؤسسات الصحفية بناءً على هذه القائمة.
وفي مداخلته، أكد هاني صلاح الدين، الخبير في الصحافة الإلكترونية، على ضرورة وجود حماية قانونية للصحفيين العاملين في المواقع الإلكترونية. وأوضح أن الصحفي الإلكتروني، بدون مظلة نقابية، يصبح عرضة للمسائلة القانونية في حال حدوث أي مشاكل تتعلق بمهنته. وأشار إلى أن لائحة القيد يجب أن تُعدل لتشمل الصحفيين الإلكترونيين، ليصبحوا جزءًا من الجمعية العمومية للنقابة. وفي الوقت ذاته، أكد صلاح الدين أن قانون النقابة الحالي يحتوي على مكتسبات كبيرة ولا يحتاج إلى تعديلات جذرية في الوقت الراهن.
ومن جانبه، قدم حسين الزناتي، وكيل نقابة الصحفيين وعضو لجنة القيد، ورقة عمل بعنوان “القيد.. من واقع تجربة عملية”.. تناولت الورقة التحديات التي تواجه عملية القيد بالنقابة وسبل تطوير اللوائح لتواكب المتغيرات الراهنة في مهنة الصحافة، مشددة على أهمية إصلاح النظام لضمان كفاءة دور النقابة في خدمة الصحفيين.
واستعرض الزناتي عددًا من الإشكاليات التي تواجه منظومة القيد، من بينها القيد واستيفاء الشكل القانوني حيث أوضح أن لجان القيد تواجه صعوبة رفض طلبات تقدمها مؤسسات صحفية تستوفي الأوراق المطلوبة شكليًا، رغم وجود شبهات حول التزام هذه المؤسسات بالمعايير المهنية.. كذلك ضعف الأداء المهني، حيث أكد أهمية مراجعة أداء الصحف بشكل دوري لتقييم مدى التزامها بالمعايير المهنية، مع إصدار تقارير توضح مستوى المتقدمين من كل مؤسسة.. بالإضافة إلى أعداد المتقدمين حيث انتقد الزناتي تقديم بعض الصحف أعدادًا كبيرة من المرشحين بما يتجاوز حصصها المقررة، مما يشكل ضغطًا على لجنة القيد. واقترح الالتزام بعدد محدد من المتقدمين سنويًا لكل مؤسسة.
ومن بين الإشكاليات التي استعرضها الزناتي “تحديث التدريب”، وقد شددت الورقة المقدمة على ضرورة تطوير الدورات التدريبية المقررة بالقيد لتشمل مهارات حديثة مثل أدوات الصحافة الرقمية، مع اعتماد اختبارات عملية في تخصصات كالتصحيح والإخراج الصحفي.
وطالبت الورقة بتفعيل النصوص اللائحية التي تضمن انتظام انعقاد لجنة القيد وفق جدول زمني محدد مرتين سنويًا، لضمان الشفافية وتنظيم العملية.. وأوصت الورقة بضرورة متابعة أوضاع الأعضاء الحاليين عبر مراجعة التأمينات الخاصة بهم والتأكد من استمرار ممارستهم للمهنة.
وأشار الزناتي إلى الإشكاليات المرتبطة بعدم قيد الصحفيين العاملين بالمواقع الإلكترونية المستقلة بسبب القوانين الحالية، داعيًا هذه المواقع إلى إصدار صحف ورقية تتيح للعاملين بها الحصول على عضوية النقابة. كما اقترح تخفيض الرسوم والإجراءات المفروضة على إصدار الصحف الورقية لتشجيع هذه الخطوة.
وأكدت الورقة أهمية الالتزام بشروط التفرغ المهني المنصوص عليها في المادة 22 من لائحة القيد، التي تمنع العمل في وظائف غير صحفية أو القيام بأعمال إدارية تؤثر على التفرغ للعمل الصحفي. وطالبت بتفعيل النصوص القانونية لضمان احترام أخلاقيات المهنة.
وناقشت الورقة المادة 30 من لائحة القيد، التي تلزم المؤسسات الصحفية بتعيين المتدربين بعد عام من إخطار النقابة بهم، ودعت إلى تعديل المدة لتصبح عامين في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
واختتم الزناتي ورقته بتأكيد أهمية التعاون بين النقابة والصحفيين والمؤسسات لإصلاح منظومة القيد، مشددًا على أن هذا الإصلاح يمثل حجر الزاوية في الحفاظ على كفاءة وحيوية النقابة وخدمة الجماعة الصحفية، كما دعا إلى أن يكون المؤتمر نقطة انطلاق لتطوير مهنة الصحافة في مواجهة التحديات الراهنة.