ثورة الطلاب تنتصر.. تكليف “مصرفي الفقراء” الحائز على نوبل رئيسا للحكومة الانتقالية في بنجلادش 

وكالات  

أعلن في بنجلادش تكليف محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام والملقب بـ”مصرفي الفقراء” رئيسا للحكومة الانتقالية، خلفا للشيخة حسينة المستقيلة إثر الاضطرابات التي اجتاحت البلاد. 

ونقلت صحيفة “Dhaka Tribune” عن مسؤولين قولهم إن تعيين يونس كان نتيجة اجتماع بين رئيس البلاد محمد شهاب الدين، وقيادات الحركة الطلابية المناهضة للتمييز. 

وأضافت الصحيفة أنه سيتم تحديد الأعضاء المتبقين في الحكومة الانتقالية بعد التشاور مع مختلف الأحزاب السياسية. 

وأمس الثلاثاء، أعلن رئيس بنغلاديش محمد شهاب الدين، حل البرلمان تمهيدا لتشكيل حكومة انتقالية، بعد استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة ومغادرتها البلاد. 

كما أكد ممثلو الطلاب الذين نظموا الاحتجاجات، أنهم سيضغطون من أجل إشراف محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام عام 2006، على الحكومة المؤقتة. 

ومحمد يونس (84 عاما) هو أحد أشهر الاقتصاديين والمصرفيين في العالم، وله تجربة في مكافحة الفقر في بلاده، إذ نجح في إنشاء وتأسيس بنك “غرامين” (بنك الفقراء)، الذي يهدف إلى الحد من الفقر من خلال توفير قروض صغيرة للفقراء من دون ضمانات، لكنه واجه انتقادات من حسينة التي اتّهمته بـ”مص دماء” الفقراء. 

كان قادة الاحتجاجات الطلّابية في بنجلادش، طالبوا بتولي محمد يونس حكومة تصريف أعمال، غداة سيطرة الجيش على البلاد بعدما أجبرت التظاهرات الواسعة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة على الاستقالة والفرار.  

وخرج الملايين إلى الشوارع على مدى الشهر الماضي لمطالبة حسينة (76 عاما) التي تولت السلطة منذ العام 2009 بالاستقالة.  

وقتل المئات فيما سعت قوات الأمن لإخماد الاحتجاجات، لكن اتسعت رقعة الاحتجاجات لتضطر حسينة أخيرا لمغادرة بنجلادش على متن مروحية الاثنين مع وقوف الجيش ضدّها.  

وأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان الاثنين في بث على التلفزيون الرسمي استقالة الشيخة حسينة من منصبها كرئيسة للوزراء مؤكدا أن الجيش سيشكّل حكومة مؤقتة.  

وقال وقر بعد وقت قصير من اقتحام الحشود مقر إقامة حسينة ونهبه إن “البلد عانى كثيرا وتضرر الاقتصاد وقُتل عدد كبير من الناس، حان الوقت لوقف العنف”.  

وحل الرئيس البرلمان الثلاثاء، وهو مطلب رئيسي للقادة الاحتجاجات الطلابية وحزب بنجلادش الوطني المعارض الرئيسي.  

وأُفرج الثلاثاء عن رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء بعدما قضت سنوات قيد الإقامة الجبرية، وفق ما أفاد بيان للرئاسة وحزبها، وسجنت حسينة رئيسة الوزراء السابقة البالغة 78 عاما والتي تعاني من وضع صحي متدهور عام 2018 بتهم الفساد.  

وأصر الطلبة أيضا على وجوب حل البرلمان، وهي دعوة رددها حزب المعارضة الرئيسي “حزب بنجلادش الوطني” الذي يطالب بانتخابات في غضون ثلاثة أشهر، وكتب القائد في حركة “طلاب ضد التمييز” آصف محمد على فيسبوك “نثق بالدكتور يونس”. 

وبينما لم يعلّق يونس على الدعوة، قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة “ذي برنت” إن بنجلادش كانت “بلدا محتلا” في عهد حسينة مضيفا “يشعر جميع سكان بنجلادش اليوم أنه تم تحريرهم”. 

وبدت شوارع دكا هادئة إلى كبير الثلاثاء إذ استؤنفت حركة السير وفتحت المتاجر أبوابها، لكن المقار الحكومية بقيت مغلقة بعد يوم شهد أعمال عنف أودت بحياة 113 شخصا على الأقل.  

وخرج الملايين إلى شوارع دكا للاحتفال بعد إعلان وقر الاثنين، رغم أن الحشود اقتحمت أيضا ونهبت مقر إقامة حسينة الرسمي، وقال سازيد أحناف (21 عاما) “أشعر بسعادة بالغة”، مشبّها ما حدث بحرب الاستقلال التي انفصلت بلاده على اثرها عن باكستان قبل أكثر من خمسة عقود. وأضاف “تحررنا من دكتاتورية”. 

في المقابل، سادت كذلك مشاهد الفوضى والغضب إذ أعلنت الشرطة بأن حشودا شنّت هجمات انتقامية على حلفاء حسينة، وكانت حصيلة القتلى الاثنين الأعلى التي تُسجّل خلال يوم واحد منذ بدء الاحتجاجات مطلع يوليو، ما يرفع إجمالي قتلى التظاهرات إلى 413، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادًا إلى بيانات صادرة عن الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء في المستشفيات.  

والاثنين اقتحم متظاهرون البرلمان وأحرقوا محطات تلفزيونية بينما حطّم عدد منهم تماثيل لوالد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن بطل الاستقلال.  

وأضرم آخرون النار في متحف مخصص للزعيم السابق لتلتهم ألسنة اللهب الصور في مشهد لم يكن من الممكن تخيله قبل ساعات فقط، عندما كانت حسينة تحظى بدعم القوات الأمنية لحكمها الاستبدادي، وأفاد شهود عيان فرانس برس بأن مكاتب رابطة عوامي، حزب حسينة، تعرضت إلى الحرق والنهب في أنحاء البلاد.  

كما أفاد شهود بأن بعض الأعمال التجارية والمنازل المملوكة للهندوس، وهي فئة يرى البعض في الدولة ذات الغالبية المسلمة بأنها كانت مقرّبة من حسينة، تعرّضت لهجمات.  

وعبّر وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جيشانكار عن “قلقه البالغ إلى حين إعادة فرض القانون والنظام بشكل واضح” في بنغلادش، مؤكدا لأول مرة بشكل رسمي بأن حسينة في الهند التي فرّت إليها الاثنين فيما اقتحم المحتجون قصرها.  

وأفاد مصدر عالي المستوى بأن حسينة ستتوقف في الهند قبل استكمال رحلتها إلى لندن، لكن دعوات الحكومة البريطانية إلى فتح تحقيق تقوده الأمم المتحدة في “مستويات العنف غير المسبوقة” تثير الشكوك حيال ذلك.  

وأعلنت نقابة الشرطة الرئيسية في بنجلادش الثلاثاء أن عناصرها سيلزمون إضرابا، وأفادت “جمعية شرطة بنغلادش” التي تمثل آلاف الشرطيين، في بيان أنه “إلى أن يتم ضمان سلامة كل من أفراد الشرطة، نعلن الإضراب”.  

وأعلنت في بيانها “نطلب الصفح عما قامت به قوات الشرطة للطلاب الأبرياء” بعدما استخدمت الشرطة العنف وأطلقت النار على المتظاهرين.  

وبدأت الاضطرابات الشهر الماضي على شكل احتجاجات ضد توزيع الوظائف الحكومية بموجب نظام الحصص قبل أن تتصاعد لاحقا إلى دعوات أوسع لحسينة للاستقالة.  

واتّهمت مجموعات حقوقية حكومتها بسوء استغلال مؤسسات الدولة لتعزيز قبضتها على السلطة والقضاء على أي معارضة، بما في ذلك عبر قتل ناشطي المعارضة خارج نطاق القضاء.  

واجتمع قائد الجيش مع الرئيس محمد شهاب الدين ليل الاثنين إلى جانب شخصيات بارزة من المعارضة، فيما أكد الفريق الإعلامي التابع للرئاسة بأنه تم اتّخاذ “قرار بتشكيل حكومة مؤقتة فورا”.   

وانتظرت أمّهات مئات السجناء السياسيين الذين احتجزوا سرّا في عهد حسينة خارج مبنى للاستخبارات العسكرية في دكا الثلاثاء، على أمل الحصول على أخبار عن أبنائهم.  

وقالت سانجيدا إسلام تولي وهي منسقة مجموعة “ماير داك” (“نداء الأمّهات”) المطالبة بإطلاق سراح الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الأمن في عهد حسينة “نحتاج إلى إجابات”.  

ويعرف عن بنجلادش تاريخها الطويل في الانقلابات، أعلن الجيش حالة طوارئ في يناير 2007 عقب اضطرابات سياسية واسعة وشكل حكومة تصريف أعمال مدعومة من الجيش استمرت عامين.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *