د. ممدوح سالم يكتب: شقاء أمة
إن أمة تبيت لياليها تشقى وتنتحب لخروجها من كأس الأمم هنا وهناك، ولا يشقيها بكاءُ طفلة لا تجد ما يسد رمَقها، ولا يحرك فيها ساكنًا مذلةُ امرأة في العراء، واستكانةُ عجوز من شقاء، ولا تأبه لأنات ألوف الأسر التي تأوي إلى مخيمات اللاجئين، ولا يكترث حكامها وملوكها وأمراؤها وشيوخها وسلاطينها لاتخاذ قرار أممي ملزم إزاء انتهاك فاجر لأدنى حقوق الإنسانية لهي أشقى أمة في التاريخ وأرذلها مكانة ومنزلة إلى يوم يبعثون.
وإن أمة تمتلك أكثر من نصف ثروات العالم لا يمكنها اتخاذ قرارها لما استخلفها عليه سلفها لهي شر خلف لا يرجى منه تحرير ولا تنوير ولا تعمير وإن تعالى بنيانها وتكاثر سكانها وتفاخرت بكنوزها في المدائن والبر والبحر.
وإن أمة تفاخر بنخبتها المتمثلة في ثلة من المهرجين واللاعبين والمتاجرين بإلهاء الجماهير عن قضاياها الكبرى، ولا تنتبه لعلمائها ومعلميها ومفكريها وصانعي نهضتها لهي أمة من أشقى الأمم وأجهلها وأتعسها في العالمين… وما كانت جديرة في ضوء ذلك السلوك المشين أن توصف بالوسطية التي شرفها بها رب العالمين..
إن الوسطية تعني الجدية في أعلى درجاتها، والقوامة في أزهى منازلها، والقدرة على أن تكون بحق أمة وسطا قيمة على العالمين.