مجلة التحالف| دستور 1954.. ديمقراطية على المحك.. كيف علت السلطة التنفيذية على كل سلطة
بقلم / أنور فتح الباب
(1)
مع قيام ثورة 23 يوليه 1952 واستقرار الحكم في يد الضباط الأحرار بدأت توجهات الحكم تسعي لطمس معالم النظام السياسي القديم الذي قام على أساس النظام الليبرالي الديمقراطي الذي استند لدستور 1923 والذي سار للحقيقة في خط متعرج أعترته كثير من المشكلات والعقبات لكنه منح البلاد بعض المميزات كاستقلال القضاء، وحرية الصحافة، واستقلال الجامعات. وحياة برلمانية متذبذبة بين ليبرالية مشوهة ومحاولات جادة للظهور بالمظهر الديمقراطي للحظات.
ومن ثم لجأ النظام الجديد للتخلص من معالم النظام السابق سياسيا تغييرا كاملا فقام “بإلغاء دستور 1923 رسميا في 10 ديسمبر 1952”
وفي 13 يناير 1953 صدر قرار مجلس قيادة الثورة بتشكيل لجنة لوضع مشروع دستور جديد يتفق وأهداف الثورة من خمسين عضوا، تولى رئاستها علي ماهر وضمت ثلاثة من أعضاء لجنة دستور 1923 وهم علي ماهر ومحمد علي علوبه وعلي المنزلاوي وأربعة من الوفديين واثنان من السعديين واثنان من الدستوريين واثنان من الكتلة وثلاثة من الحزب الوطني الجديد وثلاثة من رؤساء القضاة ( رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة العليا الشرعية) وثلاثة من رجال الجيش والبوليس والمتقاعدين والباقي من المستقلين.
وقد أتي تشكيل اللجنة محافظا في توجهه السياسي ولم يراع كما ذهب قرار مجلس قيادة الثورة بإلغاء دستور1923 أن يخدم الدستور أهداف الثورة والنظام الجديد. ولم تضم اللجنة التأسيسية عناصر “ثورية” أو اتجاهات فكرية تحمل توجهات ثورية أو ديمقراطية فكانت تتكون من “حملة رتبة الباشوية والبكوية الملغاة وأصحاب الأسماء القديمة المعروفة أبناء البرجوازية الكبيرة بينما كان رئيسها (علي ماهر) أحد الذين أسهموا في امتهان دستور 1923 وتغليب سلطة الملك علي إرادة الشعب.
وتلى تشكيل اللجنة قرار بحل الأحزاب السياسية في 16 يناير 1953. وفقدت المعارضة السياسية شرط بقاءها الضروري وهو وجود التنظيمات السياسية المتعددة كما فقدت مجال نشاطها وهو الهيئات النيابية.
ولتحصين الثورة من رقابة القضاء صدر في 18 يناير 1953 “مرسوما باعتبار التدابير التي يتخذها ” رئيس حركة الجيش” لحماية الحركة ونظامها من أعمال السيادة العليا لا تخضع لرقابة القضاء.
وفي 18 يونيه 1953 أصدر مجلس قيادة الثورة مرسوم بإعلان دستورا مؤقتا في الفترة الانتقالية – التي حددها بثلاثة أعوام – جعل السيادة العليا في الدولة في يد ” قائد الثورة ” وإلغاء النظام الملكي وإعلان النظام الجمهوري.
ولعل مشروع الإعلان الدستوري الانتقالي المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 10 فبراير 1953 كان هو البذرة الأساسية لتركيز السلطة في يد قائد الثورة من حيث “اطلاق يده في اتخاذ ما يراه من تدابير لحماية الثورة والنظام القائم عليها لتحقيق أهدافها، وتخوله تعيين الوزراء وعزلهم، ومادتان تخولان مجلس الوزراء السلطة التشريعية وأعمال السلطة التنفيذية، والرابعة تقيم من مجلس الوزراء ومجلس قيادة الثورة مؤتمرا عاما ينظر في السياسة العامة للدولة، والمادة الخامسة تقرر أن القضاء مستقل ولا سلطان لأحد عليه بغير القانون”.
ويظهر من ذلك أن السلطة التشريعية لم تفقد استقلالها فقط بل فقدت وجودها نفسه واندمجت مع السلطة التنفيذية.. أما بالنسبة للقضاء الذي أعترف الدستور باستقلاله فالملاحظ أن الدستور اختار عبارة “لا سلطان لأحد عليه بغير القانون” بما يفسح لقيام السلطان عليه بالقانون.
(2)
ولعل نزعة السيطرة التي اتبعتها قيادة الثورة ونزوعها المحافظ يرجع إلى تكوين عناصر تنظيم الضباط الأحرار الذين قادوا الثورة لم يكونوا ذوي اتجاه سياسي واحد بل كانوا متوزعين على تيارات شتى ما بين المنظمات الشيوعية والإخوان المسلمين ومصر الفتاة ومنهم من كان ذو نزوع وطني مستقل.
ولم يكن الكثير من هؤلاء الضباط مع التوجه الديمقراطي وفكرة عودة الجيش لثكناته وتسليم الحكم للمدنيين حيث يذهب صلاح عيسي للقول “لم يكن نصف عدد أعضاء مجلس قيادة الثورة –على الأقل- في حاجة لمن يحرضهم على الديمقراطية، إذ كانوا من المعجبين بالتقدم السريع والمذهل الذي حققه عسكريون مثلهم لبلادهم، وكان مثلهم الأعلى هو الزعيم التركي “مصطفي كمال أتاتورك”.
كما تجلى عدم إيمانهم بالنظام الليبرالي الديمقراطي في المشاركة في محاولات الاغتيال السياسي لبعض سياسيو المرحلة مثل مشاركة أنور السادات في اغتيال أمين عثمان وكيل وزارة المالية المعروف بولائه للإنجليز واعتراف عبد الناصر في كتاب فلسفة الثورة بمشاركته في محاولة اغتيال حسين سري عامر أحد رجال الملك المقربين في الجيش مدير سلاح الحدود في يناير 1952. ولاشك أن الاغتيال السياسي هو أحد مظاهر العنف التي تتعارض مع مبدأ إدارة الصراع السياسي سلميا. ويقيم واحد من مؤرخي الثورة الأمر بأن “السياسي حامل السلاح، كشأن الطبيب الجراح لا يحمل غالبا إيمان قويا بجدوي المعالجات البطيئة الصبورة التي تلجأ إليها الحركات السياسية غير العنيفة ويميل الجو السياسي لحملة السلاح إلى ازدراء الأنشطة الحزبية البطيئة الموجهة إلى توعية الجماهير وجذبهم وحشدهم وتعبئتهم لتحقيق الأهداف”.
كذلك برز ذلك في ما عرضه جمال عبد الناصر في كتابه فلسفة الثورة من إعجابه بفكرة المستبد العادل وتبدي ذلك في انبهاره برواية “عودة الروح” لتوفيق الحكيم وفكرة “الكل في واحد” بما تعنيه من فكرة التوحد في كل مصمت يتجاهل فكرة الجدل والتنوع. كذلك وضح هذا النزوع المعادي للديمقراطية وعدم الإدراك لقيمتها في الاستعانة برموز سياسية معادية لحزب الوفد -الحزب الجماهيري الأول– مثل علي ماهر السياسي المعروف بميوله “الأوتوقراطية” التي أظهرها أثناء الحرب العالمية الثانية والتي تبدت في إعجابه بدول المحور وسياستها فضلا عن مشاركته في الوزارات الانقلابية ضد دستور 1923 كوزارات أحمد زيور ومحمد محمود واسماعيل صدقي وهي وزارات أهدرت سلطة الأمة واعتدت على الدستور وعطلته ثم ألغته.
كذلك الاستعانة “بكل من عبد الرزاق السنهوري باشا، سليمان حافظ، وفتحي رضوان، وكانوا ممن فقدوا الثقة في أن الحكم الدستوري الديمقراطي القائم على تعدد الأحزاب قادر على أن يحقق أحلام الوطن وكانوا ممن يكرهون الوفد وزعيمه كراهية عميقة، كذلك كان ممن حرض ثوار يوليه على الانقلاب على الدستور جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تتوهم أنها إذا ما شجعت على الانقلاب على الدستور والحكم الديمقراطي فلن يبقى في الساحة سواها”.
(3)
لعل مسألة السلطة كانت مسألة ملحة بالنسبة لتنظيم الضباط الأحرار وكان السؤال المطروح هل يكتفي الضباط بما قاموا به أم يسلموا الحكم لحكومة منتخبة بعد إجراء الانتخابات. واتخذت خطوة للسيطرة على النشاط السياسي بعد حل الأحزاب حيث أُعلن عن قيام ” هيئة التحرير” من أجل تنظيم الشعب وتمتين وحدته وتنسيق جهود العاملين وكان شعار هيئة التحرير هو الاتحاد والنظام والعمل انعكاسا للعقلية العسكرية القابعة وراء الحزب الجديد”.
في هذا المناخ السياسي بدأت الجمعية التأسيسية عملها لوضع الدستور وانتخبت علي ماهر باشا رئيسا لها: ولعلها مجرد صدفة أن اللجنة الخماسية المنبثقة عن لجنة الدستور كانت قد انتهت في 24 مارس 1953 بإجماع الآراء وبعد استعراض النظامين الملكي والجمهوري إلى أن يكون النظام جمهوريا. حدث هذا في الوقت الذي كان الصراع على السلطة يتصاعد بين اللواء محمد نجيب وجمال عبد الناصر يتصاعد بسرعة شديدة. على نحو كان لابد من التفكير معه في حل يحول دون استيلاء الزعيم الواجهة للثورة الذي كانت جماهيريته بين الشعب والجيش تتصاعد بسرعة مخيفة علي الثورة التي لم يلحق بها إلا قبل القيام بها بشهور ” . وكان الحل هو ان يكون نجيب رئيسا للجمهورية ويكون عبد الناصر رئيسا لمجلس قيادة الثورة .
وتصاعد الخلاف بين عبد الناصر ونجيب وانتهي الأمر بتقديم نجيب استقالته لمجلس قيادة الثورة فقبلها المجلس في 28 فبراير 1954 وفجر الإعلان عن قبول استقالة نجيب صراعا داخل القوات المسلحة في فبراير/ مارس 1954 فيما عُرف بـــــــــ ” أزمة مارس 1954″ وانتهت الأزمة ” بإعلان مجلس قيادة الثورة بينا يُعلن فيه رفض استقالة نجيب ويؤكد أن قافلة الثورة مستمرة صفا واحد يتقدمه الرئيس ” محمد نجيب”.
في نفس الوقت كان مجلس قيادة الثورة يسير في اتجاه آخر معاكس وهو أنه أخذ: يباعد بين اللواء نجيب وبين السلطة عن طريق التجاهل المتعمد. وأخذ اللواء نجيب ينتقل إلي المعسكر الآخر: معسكر القوي السياسية المتضررة من إجراءات الضباط والمعادية للثورة وكان عربون التقارب تبني قضية الديمقراطية الليبرالية.
والحقيقة ان ازمة مارس مرت بتفاصيل واسعة ليس المجال هنا للدخول في تفاصيلها * ولكن يمكن تلخيص الأمر بأن الضباط المشاركين في مجلس قيادة الثورة انقسموا ما بين جناح عبد الناصر والضباط الراغبين في استمرار مجلس قيادة الثورة في البقاء في السلطة وجناح محمد نجيب ومعه الضباط اليساريين خالد محيي الدين ويوسف صديق ومجلس الدولة ممثلا في السنهوري مدعومين من الأحزاب القديمة والإخوان المسلمين والشيوعيين .
وتم الاستعانة بهيئة التحرير وهي المنظمة السياسية الواجهة لثورة يوليه في ترجيح كفة جمال عبد الناصر وفريقة بعد ما طُرحت فكرة حل مجلس قيادة الثورة وعودة الضباط لثكناتهم وإظهار جناح عبد الناصران فكرة عودة الحكم المدني هو عودة للرجعية القديمة ونكوص عن الثورة والتغيير. ونجحت هيئة التحرير في تنظيم مظاهرات طالبت ببقاء مجلس قيادة الثورة : ففي 28 مارس 1954 بدأت خيوط التدبير تتضح فقد أضرب عمال السكة الحديد ، وأضرب عمال النقل العام، واعتصموا مطالبين باستمرار الثورة وسارت مظاهرات تهتف ” تسقط الديمقراطية ” و”تسقط الأحزاب “.
وفي نفس الوقت ” نشرت جريدة “أخبار اليوم” خبرا عن اجتماع مفاجئ للجمعية العمومية لمجلس الدولة بما يوحي باحتمال اتخاذ قرارت ضد مجلس قيادة الثورة وكان موقف رئيس المجلس د. عبد الرزاق السنهوري واضحا في رفضه لاستخدام العنف وافتعال المظاهرات. واستُدعي احمد أنور مدير البوليس الحربي وحسين عرفه مدير المباحث الجنائية وطلب منهم منع عقد هذا الاجتماع بالحسني أو العنف. ويروي حسين عرفه أنه ذهب لمجلس الدولة في ملابس مدنية محاولا اقناع السنهوري بفض الاجتماع تحاشيا للمظاهرات العمالية – الذين هم جنود بوليس حربي في ملابس مدنية مع بعض اعضاء هيئة التحرير – ولما رفض السنهوري مقابلته فتح حسين عرفة الأبواب فاندفع المتظاهرين إلي السنهوري وأعضاء مجلس الدولة وانهالوا عليهم ضربا ووصلت المظاهرات لأسوار المجلس تهتف ” يسقط الخونة ” ونقل السنهوري للمستشفي.
ووصل الصدام الأخير إلي نهايته بعزل محمد نجيب من رئاسة الجمهورية وحلت الأحزاب ووضع قادتها في السجن وحل مجلس نقابات الصحفيين والمحامين وعين لها مجالس مؤقته.
(4)
في هذا المناخ المضطرب كانت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور تعقد أعمالها التي استغرق عملها سبعة عشر شهرا وانهت اعمالها في 15 أغسطس 1954 وقدمت اللجنة الدستور لمجلس قيادة الثورة.
أتى الدستور في تسعة أبواب مكونا من 203 مادة. تبنى مشروع لجنه الخمسين نظام ” الجمهورية البرلمانية” وأورد المواد الخاصة بالحريات العامة وضمانات حرية الأفراد فاطلق هذه الحريات والضمانات ولم يقيدها إلا في حالات مخصوصه مثل القبض في حاله التلبس وشرط لذلك سماح القانون وأذن القاضي دون ان يخولوا السلطة التنفيذية وحدها امرا ما.
وبالنسبة للحريات الجماعية أطلق المشروع حريه الصحافة والطباعة ومنع تقييدهما باي قيد ومنع فرض الرقابة عليها وحظر إنذار الصحف او وقفها أو مصادرتها بالطريق الإداري (المادة 26) وأباح حريه الاجتماع ومنع الشرطة من حضور الاجتماعات ولم يوجب الإخطار مقدما عن الاجتماعات الا بالنسبة للاجتماعات العامة ولم يقيد الاجتماعات العامة الا بان تكون لغرض سلمي ودون حمل السلاح والا تتنافى مع الآداب العامة. وأباح المواكب والمظاهرات في حدود القانون ( المادة 29 ) وأباح تأليف الجمعيات والاحزاب دون سابق اخطار أو استئذان ما دامت الغايات والوسائل سلميه .
واشترط لصدور القانون الذي يصدر بتنظيم الاحزاب أن تجري احكامه على اسس ديمقراطية دستوريه وعلى اساس الشورى وحريه الراي وان تكون الاحزاب بعيده عن النفوذ الاجنبي واختص المحكمة الدستورية بالفصل في كل ما يتعلق بهذه الاوضاع من منازعات.
أما بالنسبة للسلطات التشريعية فنص علي إنشاء مجلسين ” مجلس نواب ” يتكون من 270 عضو ويكون اختيار الأعضاء بالاقتراع المباشر من مرشحين لا يقل سن احدهم عن 30 سنه وتكون مدته 4 سنوات. ولا يُحل المجلس مرتين لسبب واحد وإذا حل ولم تجدد انتخابات المجلس الجديد في 60 يوم عاد المجلس المنحل للانعقاد بقوة الدستور في اليوم التالي (المادة 56) وهذا الحكم يعالج وجه خطر من وجوه سوء التطبيق في عهد الدستور السابق.
ونص علي أن يتكون مجلس الشيوخ من 150 عضو ثلاث اخماسهم يُختارون بالاقتراع السري العام المباشر والخمس الرابع تنتخبه النقابات والغرف والجمعيات والخمس الاخير يعينه رئيس الجمهورية.
أما بالنسبة لنظام الحكم فقد نص علي أن يكون نظام الحكم “رئاسي برلماني” وليس نظاما “رئاسيا ” تختاره هيئه تتشكل من اعضاء البرلمان وبعض الهيئات المحلية لخمس سنوات لا تتكرر اكثر من مره واحده وللرئيس أن يحل مجلس النواب ولكن بشرط ان يترتب على حل المجلس سقوط الوزارة تلقائيا وبحكم الدستور وان يشكل رئيس مجلس الشيوخ وزاره محايدة تجرى الانتخابات ثم يعود الى منصبه فورا انتهاء هذه المهمة .
وتطرح الثقة بالوزارة الجديدة امام المجلس الجديد ( المادة 103) وهذا الحكم يعالج ايضا سوء استخدام رئيس الدولة سلطته في حل مجلس النواب .
كما نص علي أن رئيس الجمهورية لا يملك سلطه منفرده قط وهو يتولى سلطاته من خلال وزرائه وتوقيعاته لا تنفذ الا بتوقيع رئيس الوزراء والوزير المختص معهم.
وبالنسبة للسلطة القضائية أكد المشروع استقلالها ودعمه بالاستقلال التنظيمي لها في اداره شؤونها ونظم المجلس الاعلى للقضاء بتشكيل يُعين أعضائه تفصيلا من رؤساء الهيئات القضائية بحكم وظائفهم المادة (116) ومنع تولي القاضي الوزارة قبل مضي عام على ترك منصبه القضائي.
كما نظم تحصيل الضرائب والأموال العامة والحصول على قروض والحفاظ على الموارد الطبيعية ومناقشه الميزانية وتقريرها بابا بابا في مجلس النواب . كذلك نص على عدم فرض اي ضريبه جديده الا بموافقه مجلس النواب .
كما انشا هيئات رقابية مثل ديوان المحاسبة للإشراف على إيرادات الدولة ومراقبتها وتقديم الحساب الختامي الى البرلمان في مدى ثلاث شهور وانتهاء السنه المالية .كما تم انشاء مجلس اقتصادي يستشار في استثمار الموارد العامة .
كما نص في مادته (175)على انشاء المجلس الاعلى للعمل الذي يبحث مشروع قوانين العمل والشؤون الخاصة بالعمل والعمال. ومجالس للثروة الطبيعية والمرافق العامة.
كما نظم عمل القوات المسلحة باعتبارها هيئه نظاميه واحده ولا يجوز انشاء تشكيلات عسكريه او شبه عسكريه موازيه لها. ووضح الظروف الاستثنائية التي يجوز فيها للسلطة المدنية الاستعانة بالقوات المسلحة في الباب السابع (المادة 82 ) كما نص في المادة 185 علي إنشاء ” مجلس الدفاع الوطني” الذي يتولى رئيس الجمهورية رئاسته وحدد وظيفته في اتخاذ التدابير الدفاعية وإعلان الحرب وعقد الصلح.
كذلك نص في المادة الثامنة علي إنشاء ” المحكمة الدستورية العليا ” وتشكيلها من تسع قضاه يختارون المستشارين من أساتذة القانون ورجال الفقه الاسلامي والمحامين لدى محكمه النقض.
كما وضع احكام عامه كاعتبار الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية (المادة 195)*
يقول صلاح عيسى إن مجلس قياده الثورة كان قد حسم الامر في أعقاب ازمه مارس وقرر البقاء في الحكم وأن يتجاهل تمام مشروع الدستور الذي وضعته لجنه الخمسين لان المشروع كان ينطلق من منزع ” ليبرالي صرف ” وهو ما كان يتناقض تماما مع عصر” البطريركية الثورية ” التي كانت حكومة الثورة قد قصت شريط افتتاحه بعد ايام من انتصارها ودشنته بإلغاء دستور 1923 من دون ان يكون في نيتها العودة الى مثله.
ويذهب “طارق البشري” إلي القول انه كان مما يجاوز النظرة الواقعية ان يتبنى الضباط نمطا دستوريا يجردهم من السيطرة على مجمل الأوضاع السياسية. كما كان مما يجاوز هذه النظرة ان يقيموا نظاما يعتمد في القوات الدافعة علي الحركة الحزبية.”
في 19 مايو 1955 أعلن جمال عبد الناصر عن انتهاء فتره الانتقال في موعدها المحدد من قبل وهو 10 فبراير 1956 وأعلن إلغاء الرقابة على الصحف في كل ما يتعلق بإبداء الرأي في نظام الحكم . وكلف لجنة برئاسة المستشار القانوني ” محمد فهمي السيد” بوضع مشروع للدستور ناقشه مجلس قياده الثورة وأقره حيث أُعلن في 16 يناير 1956 وهو المعروف بدستور1956 وطرح للاستفتاء العام في 23 يونيو 1956″ مهملا النظر في دستور 1954 وتنحيته وتنحيه كامله بعد تأميم الحياة السياسية والسيطرة الكاملة علي الحركة النقابية والعمالية والجامعات والصحافة لتكون العلاقة التي صاغها أساس لكل الإعلانات الدستورية والدساتير المؤقتة والدستور الدائم 1971. ليكون نظام الحكم جمهورية لاهي رئاسية ولا هي برلمانية ولكنها خليط بين الاثنين – تعلو فيه السلطة التنفيذية علي كل سلطة وتقود كل سلطة.
🛑 “تنويه: ينشر موقع درب الإخباري ملفات ومقالات العدد الخامس من مجلة التحالف”