ارتفاع العبودية الحديثة لأعلى مستوى منذ 2009.. وبريطانيا تناقش قانون ترحيل المهاجرين غير الشرعيين
وكالات
أصدرت الحكومة البريطانية إحصائيات جديدة تشير إلى أن أعداد العبودية الحديثة قد ارتفعت في الربع الأول من عام 2023. كما أظهرت مقارنة الأرقام مع العام السابق، زيادة بنسبة 33 بالمئة مقارنة بأعداد الحالات في عام 2021.
بين يناير ومارس 2023، سجلت 4746 ضحية محتملة للعبودية الحديثة لدى وزارة الداخلية البريطانية، حسبما ذكرت صحيفة الجارديان وبي بي سي. وهو ما يعد ارتفاعًا كبيرا في الأعداد مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما أن العدد سجل كـ”أعلى مستوى منذ سنة 2009″.
هذا الارتفاع الحاد له دلالة وأهمية خاصة حاليا، فبالتزامن مع إعلانه، يناقش مجلس النواب في البرلمان حاليًا ما يسمى بـ “قانون الهجرة غير الشرعية”. منتقدو مشروع القانون يرون أنه إذا تم إقراره، فإنه سيصعب مهمة إنقاذ ضحايا العبودية الحديثة التي تشمل المهاجرين في غالب الأحيان.
الحقوقيون يأملون إجراء بعض التعديلات على مشروع القانون خلال مناقشته، لضمان أن الضحايا المحتملين للعبودية الحديثة يظلون محميين.
مشروع القانون الجديد حسب الحقوقيين يمكن أن يؤدي إلى إبعاد ضحايا محتملين للعبودية الحديثة من المملكة المتحدة قبل أن يتم البت في ملفات طلباتهم. هذا الأمر قد يمنع الأشخاص الذين يتم استغلالهم وهم غير مسجلين في المملكة المتحدة من اللجوء إلى السلطات خوفًا من احتمال ترحيلهم.
في مارس الماضي، نشرت الحكومة أحدث أرقامها حول حالات العبودية الحديثة لعام 2022. وخلاله سجلت 16938 ضحية محتملة للعبودية الحديثة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 33 بالمئة مقارنة بأرقام عام 2021.
في عام 2022، كان المواطنون الألبان في المرتبة الأولى من حيث نسبة الضحايا، يليهم مواطنو المملكة المتحدة، ثم المواطنون الإريتريون في المرتبة الثالثة، وفقًا لإحصاءات الحكومة. وفي الربع الأول من عام 2023 ، كانت نسبة المواطنين الألبان ما يقارب الثلث (31 بالمئة من مجموع الضحايا وفقًا لصحيفة الغارديان. وقد طرأ تغيير مقارنة مع أرقام 2022، إذ أصبح المواطنون السودانيون الآن المجموعة الثالثة الأكثر تضرراً، مع استمرار البريطانيين في المرتبة الثانية.
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، إنها تعتقد أن بعض الأشخاص يقدمون مزاعم كاذبة عن الاستغلال من أجل البقاء في المملكة المتحدة. في أكتوبر الماضي، ذكرت صحيفة الجارديان أن الوزيرة قالت “الحقيقة هي أن القوانين المتعلقة بالعبودية الحديثة يتم استغلالها من قبل بعض الأشخاص. لقد شهدنا زيادة بنسبة 450 بالمئة فيما يتعلق بضحايا العبودية الحديثة منذ عام 2014.”
من بين الجنسيات الأكثر عرضة للانتقادات من قبل برافرمان، المواطنون الألبان، الذين يُنظر إليهم أنهم جاءوا من بلد آمن. ونظرا لذلك، أبرمت الحكومتان البريطانية والألبانية في نهاية أبريل صفقة لمحاولة التحكم في هجرة الألبان إلى المملكة المتحدة والحد منها.
في الاتفاقية، وافقت المملكة المتحدة والسلطات الألبانية على العمل معًا “لأجل الحيلولة دون وصول المهاجرين غير الشرعيين إلى المملكة المتحدة أو البقاء فيها”، حسبما جاء في بيان صحفي صادر عن حكومة المملكة المتحدة في 25 أبريل الماضي. كما كثفت البلدان عمليات التفتيش على الحدود وشكلوا قوة عمل مشتركة للهجرة.
منذ ديسمبر 2022، إلى غاية أبريل 2023 ، أعادت حكومة المملكة المتحدة أكثر من 1000 مواطن ألباني قد أعيدوا إلى بلدهم. وجاء في البيان الصحفي أن هذا الرقم “يضم طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم ومن اختاروا العودة الطوعية وغيرهم”. لكن لا توجد إشارة للأشخاص الذين ربما تلقوا ردًا سلبيًا على ادعائهم أنهم ضحايا العبودية الحديثة.
وغالبية ملفات من أعلنوا أنهم كانوا ضحايا العبودية الحديثة التي تم البت فيها في عام 2022 تلقوا حُكماً إيجابيًا، أي أنهم كانوا مؤهلين للحصول على الحماية بموجب قانون العبودية الحديث.
وتعرّف حكومة المملكة المتحدة العبودية الحديثة على أنها تشمل “أي شكل من أشكال الاتجار بالبشر أو العبودية أو الاستعباد أو العمل القسري، كما هو منصوص عليه في قانون العبودية الحديثة لعام 2015”. و يمكن أن يحق للضحايا – حسب الحالة – الحصول على سكن ومساعدة قانونية واستشارة، وأي طفل يُكتشف أنه ضحية للعبودية الحديثة سيتم دعمه من قبل السلطات المحلية.
يقرر المتخصصون في وزارة الداخلية من هم الأشخاص الضحايا للعبودية الحديثة بناءً على سلسلة من المقابلات والتقييمات. إذا تلقى شخص ما رفضاً بشأن طلبه، فإنه يُمنح تسعة أيام قبل الخروج من آلية دعم الأشخاص ضحايا العبودية الحديثة. لكن رغم ذلك، يمكن استئناف القرار وطلب إعادة تقديم المزيد من الأدلة.
وفقًا لعضو البرلمان من حزب المحافظين، بيتر بون ، الذي يرأس مجموعة برلمانية متعددة الأحزاب، ، فإن ما يقارب 80 بالمئة من مواطني المملكة المتحدة الذين يشار إليهم على أنهم ضحايا العبودية الحديثة هم في الواقع أطفال.
وفي نقاش في البرلمان حول هذا الموضوع في نهاية مارس الماضي، قال إنهم “يتعرضون للاستغلال لأغراض إجرامية وجنسية في بلادهم”. وخلص إلى أن “واحدًا من كل خمسة من الضحايا المحتملين الذين تم العثور عليهم في المملكة المتحدة العام الماضي كان طفلًا بريطانيًا”.
ووفقًا للشرطة، قد تشمل أمثلة ضحايا العبودية الحديثة الأشخاص الذين تم الاتجار بهم أو استغلالهم، والذين غالبًا ما يشملون المهاجرين الذين يعملون في البناء والزراعة وصناعة الجنس وفي مجالات بسيطة مثل محلات تزيين الأظافر وغسل السيارات ومزارع القنب مثلا.
وقدرت منظمة العمل الدولية (ILO) أن هناك أكثر من 50 مليون ضحية للعبودية الحديثة في جميع أنحاء العالم. في المملكة المتحدة وحدها، يقدر مؤشر العبودية العالمي أن هناك 136000 ضحية للعبودية الحديثة.