زهدي الشامي يكتب: التعديل الوزارى.. من مهندس مدنى يدير الإقتصاد إلى خبير مصرفى للآثار
أسلوب تكتمى غريب . . منطق مفتقد . . عورات ظاهرة
فيم كان التعديل الوزارى و إلى ماذا يفضى ؟ لعل الناس فى بلدى غير مرتاحين بل مرتابون . صحيح أن هذا التعديل ربما استهدف تخفيف الإستياء بخروج وجوه مستفزة بشدة للمصريين وبخاصة وزويرى التعليم وقطاع الأعمال العام ، هذا طبعا إلى جانب تنحية الوزيرتين التين حافظ الحكم على استمرار وجودهما فى الوزارة لفترة طويلة رغم ارتباط اسميهما بفضيحتين مدويتين ، وهما وزيرتى الصحة والهجرة والمصريين فى الخارج ، إلا إن ذلك لايكفى للتغطية على استمرار نفس الأسلوب القديم فى اختيار القيادات البعيدة عن الكفاءة المهنية والعلمية والسياسية المطلوبة ، واستمرار نهج الإختيار من نفس الوعاء الضيق وعلى اساس توزيع الحقائب لمراضاة جهات الدولة البيروقراطية المختلفة ، ووجود أخطاء ومفارقات واضحة .
وقد تم استدعاء مجلس النواب على عجل للموافقة على التعديل المفاجئ فى ربع ساعة بدون أن يتوفر للنواب أى وقت لمراجعة وفحضص ملفات الوزراء المرشحين .
مرت 10 شهور على فضيحة الفساد فى الصحة واستمرت الوزيرة كما يقال فى أجازة وحوالى 4 شهور على قضية القتل المتهم فيها نجل وزيرة الهجرة فى أمريكا والتى أساءت لمصر ولم تراع فيها الوزيرة فى تصريحاتها واجبات منصبها الرفيع ، ومع ذلك فقد كان أمام مجلس النواب الغائب دائما أن يوافق على التعديلات فى ربع ساعة فقط . وهكذا نكتشف أيضا أن تجمل النظام أمام الغرب بتعيين النساء وزيرات قد إرتد عليه بفضائحهن ، لان القضية ليست مجرد تعيين إمرأة ، بل نوعية المسؤول رجلا كان أو سيدة .
وتخلوا أخيرا عن طارق شوقى الذى استفز بعناده كل المصريين تقريبا بعد أن بدد مليارات الجنيهات فى مشروع فاشل لتعميم التابلت لم يراع فيه أن البنية الأساسية لنجاحه وهى الإنترنت فائق السرعة غير متوفرة فى مصر ومدارسها ونجوعها وقراها أصلا ! وعموما فقد غيروا الوزير وأتوا مكانه بنائبه ، والذى هو بالمناسبة المسؤول عن ملف الثانوية العامة . هكذا يكون التغيير فعلا !
وحسنا أن أبعدوا أخيرا هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام ، فقد عادى كل عمال مصر ، و أصر على تصفية شركاتهم و فى مقدمتها شركة الحديد والصلب عملاق الصناعة المصرية وعمودها الفقرى ، وكان مستفزا للغاية ، ولكن هل الحكومة مستعدة حقا لإصلاح تلك الأخطاء الجسيمة ، وللعدول عن الخصخصة المدمرة للإقتصاد المصرى وهى التى تبيع الأصول المصرية الرابحة للإمارات والسعودية من أجل سداد الديون التى أغرقت البلاد فيها ؟
شهدنا تعيين رئيس إتحاد نقابات عمال مصر الذى تم تنصيبه فى موقعه منذ حوالى شهرين فى انتخابات شابها تدخل وانتهاكات واسعة النطاق لشطب كل المنافسين ، فى موقع وزير القوى العاملة ، فى عودة بعد غياب لتقليد الجمع بين منصبى رئيس إتحاد العمال ووزير القوى العاملة الذى كنا قد تخلصنا منه منذ سنوات طويلة بعد عهد الوزير أحمد العماوى ، فى إعلان شبه رسمى أن التنظيم النقابى الحالى خاضع للحكومة ولايعبر باستقلالية عن العمال .
فوجئ أهالى البحيرة و أنا منهم بتعيين اللواء هشام آمنة الذى لانعرف له إنجازات فى محافظتنا وزيرا للتنمية المحلية . هذه المحافظة شهدت من قبل استوزار كل من المهندس أحمد الليثى واللواء عادل لبيب ، ولكن وجودهما أيامها كان محسوسا ، وكانت لى شخصيا علاقات تواصل معهما ، الأمر مختلف مع الحالة الراهنة ، وبهذا فنحن لانعرف ماهو المعيار للترقى .
التعيين الكاشف للغاية جدا هو تعيين أحمد عيسى وزيرا للسياحة والآثار ، الأمر الذى وصل لدرجة شك الرأى العام أنه تعيين بالخطأ ، لان الوزير خبير مصرفى لا علاقة له مطلقا لا بالسياحة ولا بالآثار ، مما دفع للإعتقاد بأنه ربما كان المقصود هو الدكتور أحمد عيسى أستاذ الآثار على طريقة فيلم أحمد زكى الشهير معالى الوزير .
الغريب أن الحكومة تنفى الخطأ وتصرح أنه تم وفقا لمعاييرها وخطتها التى تستهدف جذب الإستثمار لقطاع السياحة و أن خير من يصلح لذلك هو الخبير المصرفى .
إن كان الخطأ واردا فتلك مصيبة ، و إن كان التعيين بالقصد والعمد فالمصيبة أكبر ، ولاعزاء لأجدادنا و آثارنا التى لاتقدر بمال إن سلمناها لخبراء البنوك ، ولماذا نستغرب إذا كانت البلد واقتصادها يديرها رئيس وزراء خبرته الأساسية فى الأراضى و المبانى !