منى مينا تكتب: انقذوا الزمالة المصرية
تابعنا في الفترة الأخيرة قرارات متتالية خطيرة تخص الزمالة المصرية، أخطرها هو القرار العجيب الخاص بالإخلاء الفوري لمتدربي الزمالة من المستشفيات الجامعية، والتعليمية، وأمانة المراكز المتخصصة، والمؤسسة العلاجية، والتأمين الصحي.
في البداية فهم أن هذا الإخلاء الفوري لمتدربي الزمالة لمأمورية شهرين في مستشفيات الفرز والعزل .. لتعزيز خطة مواجهة الوزارة لكورونا، وطبعا لم يعترض الأطباء حيث أن التضامن في مواجهة الجائحة واجب مهني ووطني لا نقاش فيه.
ولكننا فوجئنا بأن قرارات الإخلاء صادرة لأطباء كثيرين من الأطباء العاملين حاليا بالفعل في مستشفيات تحولت لعزل .. مثل تأمين صحي مدينة نصر ودمنهور التعليمي !، ثم فوجئنا بقرارات إخلاء “لإعادة التوزيع لمتدربي الزمالة” .. دون أي شرح لسبب أو قواعد إعادة التوزيع.
والعجيب أن قرارات إعادة التوزيع تتعامل مع مستشفيات التعليمي والامانة والتأمين الصحي والمؤسسة العلاجية، على أنها “جهات خارجية” رغم أن كل هذه الهيئات هي هيئات تابعة تبعية مباشرة لوزارة الصحة!.
المشكلة أن الزمالة المصرية هي شهادة تخصصية إكلينيكية ..تعتمد قوتها على برنامج تدريبي طويل، يستمر من 4 إلى 7 سنوات حسب فرع التخصص، يحتم دوران للطبيب المتدرب على أهم وأقوى المستشفيات المميزة في فرع تخصصه والمعتمدة لتدريب الزمالة في الصحة والجامعة على السواء، وبالطبع أغلب المستشفيات المميزة عندنا هي المستشفيات الجامعية والتعليمة ومستشفيات الأمانة والتأمين الصحي والمؤسسة العلاجية .. أي المستشفيات التي يتم سحب متدربي الزمالة منها!.
ما سمع من السادة مسئولي الزمالة أن المتدربين سيعاد توزيعهم طبقا لرؤية جديدة للزمالة تعتمد على التدريب في مستشفيات وزارة الصحة فقط.. وكأن المستشفيات العامة والمركزية هي فقط مستشفيات وزارة الصحة! و كأن المطلوب ونحن نطور أقوى شهادة إكلينيكية مصرية أن يكون هناك “خصام” أو “قطيعة” بين مستشفيات وزارة الصحة والجامعة !!! أو خصام بين الزمالة والمستشفيات المميزة في وزارة الصحة!.
يؤخذ في الاعتبار أن قرارات التكليف الأخيرة أصبحت تلحق كل الأطباء “إجباريا” ببرنامج تدريب الزمالة .. ولا يسمح لهم بالإلتحاق بدراسة الماجستير أو الدبلوم ..وأصبح برنامج الزمالة الذي كان يستوعب منذ عام ونصف حوالي 2500 طبيب سنويا .. مطالبا فجأة أن يستوعب 10000 طبيب سنويا.
طبعا تم ضم مستشفيات عديدة متوسطة المستوى للبرنامج التدريبي للزمالة، حتى تستطيع استيعاب كل هذا التمدد السريع الرهيب لأعداد المتدربين، وهنا كان للأطباء مطلب أساسي جدا، هو ضرورة تضمن البرنامج التدريبي لهم لفترة تدريب لا تقل عن سنتين في إحدى المستشفيات المتميزة .. حتى لا ينهار مستوى خريج الزمالة وتصبح الشهادة لا تساوي شيئا.
هذه المستشفيات المتميزة هي التي تبعد حاليا من برنامج الزمالة، يؤخذ في الاعتبار أيضا أن الأطباء الأحرار (المستقيلين من وزارة الصحة والملتحقين ببرنامج الزمالة على حسابهم الخاص) تركوا ليستكملوا تدريبهم في المستشفيات المميزة !
هنا أصبحت الصورة مرعبة … وكأن أطباء وزارة الصحة كلهم يوجهوا ليلحقوا إجباريا بشهادة اكلينيكية تدربية تمنع عنهم التدرب في المستشفيات المتميزة .. بإختصار المسموح له فقط هو الحصول على شهادة أسمية ضعيفة .. بينما من يستقيل ويلتحق بالزمالة المصرية على نفقته الخاصة يسمح له بالتدرب تبع برنامج الزمالة المصرية الأصلي القوي ذو المستوى المتميز والسمعة القوية في كل دول العالم.
الحقيقة أن هذه القرارات المتخبطة هي تدمير واضح للزمالة المصرية ومستوى وسمعة الطبيب المصري …وإذا ترك الأمر هكذا سيكون له بالتأكيد أثر سئ خطير على مستوى الخدمة الصحية المقدمة للشعب المصري ..من أطباء حاصلين على شهادة كانت كانت قوية ومميزة ..ويتم هدمها وتدميرها بإصرار .. فهل نجد من ينقذ الزمالة المصرية ؟؟؟هل نجد من ينقذ الطب في مصر ؟، هل نجد تدخل من عقلاء هذا الوطن؟.