مصطفى عادل يكتب: معكم المذيع محمود سامي قنيبر
كل التصريحات التي أطلقها الدكتور محمود سامي قنيبر، بعد إعلانه التفكير في الانتحار تدور حول شعوره بأنه غير فاعل في الحياة، وأنه عالة على غيره، وهو التعبير الذي استخدمه ليعبر عن أحزانه المختمرة في قلبه.
الدكتورالناجح الذي فقد بصره وهو يداوي آلام المرضى، كان بالأمس القريب ملء السمع والبصر صار فجأة حبيس غرفته، والرجل الخدوم الذي يحاول مساعدة من يلجأ له أصبح لا يستطيع أن يفعل لنفسه أي شيئ ولو حتى مجرد صنع فنجان من القهوة، تلك هي الحقيقة القاسية والواقع الذي وجد نفسه فيه دون ترتيب، وهو واقع لا تتحمله النفوس التي اعتادت على صخب الحياة وسماع شكايات المرضى والاستمتاع بكل تفاصيل الحياة اليومية.
بعض الذين يمرون بتجارب صعبة يتأقملون مع ظروفهم الجديدة، والبعض الآخر يجد صعوبة في ذلك، وحسب تصريحات الطبيب مع الإعلامي أحمد موسى فإنه أصبح يضيق بالجلوس مع بعض من يزورونه في بيته ويلجأ لغرفته حتى لا يشعر بشفقة من أحد.
الحياة عند أمثال محمود سامي ليست سكن ومعاش، ثم وحده يتخبط فيها وأفكار سوداء تنغص عليه وعلى محبيه، لكنها عمل واجتهاد وتحقق وشعور بتقديم شيئ ينفع الناس ويمكث في الأرض.
من أكثر ما لفت انتباهي في حديث قنيبر لغته الواضحة السهلة ومخارج حروفه السليمة، وتمنيت لو قدم الطبيب برنامج إذاعي يتحدث فيه عن أمور طبية ويتلقى اتصالات ويستضيف متخصصين، وقتها سيشعر بالتحقق وسيغادر عزلته الاختياريه، وسيستفيد الناس من خبرة وآراء طبيب فقد بصره وهو يعالج المصابين بوباء كورونا.
هذه مبادرة أتمنى أن تجد من يساعد ويدعم في أي إذاعة حكومية أو خاصة تخفف من معاناة الطبيب، وتجعله يشعر بأنه يقدم شيئًا مفيدًا للناس وأن وجوده مهم ومؤثر.
الطبيب أطلق تحذيره المستتر وعتابه المبطن في وجوهنا، وأرجو أن نرد له الجميل، وأن نساعده في الخروج من وحدته وعزلته، ليبدأ مسيرة جديدة من العطاء يشعر فيها بالرضا والتحقق وراحة البال.