(مستندات) القضاء الإداري يوقف تنفيذ قرار الداخلية بمنع زيارة مسجون ويلزمها بعلاجه: تصرف الدولة ضابط التمييز بين القانون والاستبداد
محمود هاشم
قبلت الدائرة الأولى في محكمة القضاء الإداري، برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة المستشار حسن شلال، دعوى مواطنة وبوقف تنفيذ قرار وزارة الداخلية بمنع الزيارة عن نجلها، وإلزام الوزارة بتوفير الرعاية الطبية اللازمة له، وتوقيع الكشف الطبي عليه، للوقوف على حالته الطبية تحديداً، وإجراء الجراحة اللازمة له وتوفير العلاج لحالته.
وأوضحت الدعوى المقامة من المحامي عمر الفرماوي وكيلاً عن والدة أحد السجناء، أن قوات الأمن ألقت القبض على نجلها وتوجهوا به إلى جهة غير معلومة، ولم يتم عرضه على أي جهة تحقيق قضائية، أو يتم بيان سبب القبض عليه أو مكان احتجازه، ما دعاها إلى إرسال برقيات تلغرافية إلى السلطات المعنية، لكن دون جدوى، ما دعاها لإقامة الدعوى.
وطالبت الدعوى في بداية الأمر بإلزام وزارة الداخلية بالإفصاح والإرشاد عن مكان احتجاز نجل المدعية، فكشفت وزارة الداخلية أثناء تداول الدعوى أمام المحكمة أن المذكور محبوس احتياطيًا بليمان طرة على ذمة القضية رقم 311 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا بتهمة الانضمام لجماعة، ومن ثم عدلت المدعية طلباتها في الدعوى على النحو الذي صدر به الحكم بشأن بطلان قرار منع الزيارة عن نجلها وتقديم الرعاية الطبية له.
وشددت المحكمة على أن الدستور يلزم بمعاملة المحبوس أو المقيدة حريته بما يحفظ كرامة الإنسان، وأن الجزاء الجنائي وما يتبعه من إجراءات تنفيذه يجب أن تكون حائلاً دون الدخول في الإجرام ومداركه ولضرورة تهيئة المذنب لحياة أفضل، وهو لا يأتى إلا بمراعاة حقوقه التي حددتها القوانين واللوائح المنفذة لها، على النحو الذي يحقق إشباع بعض احتياجاته وحقوقه المشروعة، ومنها حقه وذويه في رؤيته أثناء فترة حبسه بما يتعكس إيجاباً على سلوكه داخل السجن توطئة لحياة قوامها الاستقامة خارج السجن يتحقق بها هدف النظام العقابي.
وأكدت المحكمة أن التمسك بأصول الشرعية في مجال الحفاظ على الحريات أمر يتصل بأصول الدولة القانونية، وضابط التمييز بين دولة القانون ودولة الاستبداد إنما يكون بالنظر إلى تصرف الدولة تجاه مواطنيها، وذلك من خلال ما تصدره من قوانين عقابية استناداً إلى سلطاتها وما تنتهجه من سبل وإجراءات لتطبيق تلك القوانين، إذ لا يجوز للدولة أن تلجأ في مواجهة الخروج على القانون بخروج مماثل، لأن من شأن ذلك أن ينال من شرعيتها، موضحة أن قانون السجون نص على أن حق الزيارة من الحقوق التي تقررت لمصلحة كل من المحبوس وأهله في آن واحد.
وتنص اللائحة الداخلية للسجون على أنه للمحكوم عليهم بالحبس البسيط والمحبوسين احتياطيا الحق في التراسل في أي وقت، ولذويهم أن يزوروهم مرة واحدة كل أسبوع في أي يوم.
وشددت المحكمة على أن قانون السجون يحظر أن يكون منع الزيارة عن المحبوس دائم أو غير محدد المدة، لافتة إلى أن منع الزيارة سواء كان مطلق أو مقيديجب أن يكون لأحد سببيت دون غيرهما وهي إما لأسباب صحية، أو لأسباب أمنية، ولا يجوز إضافة أي سبب آخر لهما.
ولفتت إلى أن منع وزارة الداخلية الزيارة بصفة دائمة عن المسجون لمدة قد تستغرق فترة وجود المسجون أو المعتقل في حبسه يعد مصادرة لحق من حقوقه الأساسية اللصيقة بشخصه كإنسان اجتماعي بطبعه، بما يشكل إهداراً لآدميته وإيذاء معنوياً لشعوره وإحساسه، وعو ما يتنافى مع الحقوق المقررة للإنسان ويتعارض مع نصوص الدستور.
وأشارت المحكمة إلى أن المدعية أوردت في دعواها – دون إنكار من وزارة الداخلية – احتياج نجلها للعلاج والرعاية الطبية اللازمة، الأمر الذي يشكل معه امتناع وزارة الداخلية عن توفير العلاج المناسب للمسجون وعرضه على الطبيب المختص بالسجن قراراً مخالقاً للقانون.