مدحت الزاهد يكتب: ذل بالنهار وهم بالليل ..فخ الديون
يعترف جون بيركنس، مؤلف كتاب الاغتيال الاقتصادى للامم (اعترافات قرصان)الذى ترجم الى 30 لغة، وترجمه للعربية دار الطنانى للنشر ، بأنه استطاع مع زملائه دفع الإكوادور نحو الإفلاس من خلال استدراجها إلى مصيدة الديون التي ارتفعت خلال ثلاثة عقود من 240 مليون دولار إلى ستة عشر مليار دولار. أما الهدف الأساسي لنصب فخ الديون هذا فكان يتمثل في إرغام الإكوادور على بيع غابات الأمازون الغنية بالنفط للشركات النفطية الأمريكية لتسديد الديون.
ووصلت الأمور إلى أنه اليوم مثلا تحصل الشركات الأمريكية على خمسة وسبعين دولارا من كل مائة دولار من سعر خام النفط المستخرج من غابات الإكوادور، مقابل خمس وعشرين دولارا للإكوادور تذهب خمس وسبعون بالمائة منها لسداد الديون الخارجية والمصروفات الحكومية وللدفاع. ويتبقى دولاران ونصف فقط للصحة والتعليم وبرامج دعم الفقراء
ويحقق قرصان الاقتصاد أكبر نجاح عندما تكون القروض كبيرة لدرجة تضمن عجز الدولة المستدينة عن سداد ما عليها من ديون في ظرف سنوات قليلة. آنئذ نسلك سلوك المافيا ونطلب رطلا من اللحم مقابل الدين.
وتتضمن قائمة طلباتنا واحدة أو أكثر من التالي:
السيطرة على تصويت الدول في الأمم المتحدة، أو إنشاء قواعد عسكرية، أو الهيمنة على موارد الثروة كالبترول أو قناة بنما. بالطبع يبقى المستدين مثقلا بالدين؛ وبذلك يضاف بلداً آخر إلى إمبراطوريتنا .
يقدم بيركنز نموذج اخر للنهب : أنشئت شركة «يونايتد فروت» الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر، ونمت لتصبح من القوى المسيطرة على أمريكا الوسطى بما لها من مزارع كبرى في كولومبيا ونيكارجوا وكوستاريكا وجامايكا وسانت دومينجو وجواتيمالا وبنما. وفي الخمسينيات من القرن العشرين أنتخب «أربنز» رئيساً لجواتيمالا من خلال انتخابات حرة وديمقراطية تمت لأول مرة في هذا البلد وأعلن عن برنامج للإصلاح الزراعي يهدد مصالح شركة «يونايتد فروت» ويخلق سابقة خطيرة لها في المنطقة، وعليه قامت الشركة بحملة دعائية واسعة داخل الولايات المتحدة تركز على أن «أربنز» يعمل في إطار مؤامرة سوفيتية على أمريكا، وهكذا قامت الـ «سي. أي. إيه» في عام 1954 بتدبير انقلاب على النظام المنتخب ديمقراطيا، وضرب الطيارون الأمريكيون العاصمة واستبدل «أربنز» بديكتاتور يميني متطرف هو الكولونيل «كارلوس أرماس» والذي ألغى على الفور الإصلاح الزراعي والضرائب على الاستثمار الأجنبي ونظام الاقتراع السري في الانتخابات، وأودع في السجون الآلاف من المواطنين
ويواصل بيركنز عرض نماذج اخرى اتشمل لسعودية ويقول
بدأت واشنطن التفاوض مع السعوديين، فعرضت عليهم مقايضة المساعدة التقنية والمعدات والتدريبات العسكرية مقابل دولارات البترول، وأهم من ذلك مقابل ضمان عدم تكرار حظر البترول مطلقا.و أسفرت المفاوضات عن إنشاء وكالة التنمية الأكثر غرابة في التاريخ، وهي اللجنة الأمريكية السعودية للتعاون الاقتصادي ، ابتدعت تلك اللجنة مفهوما جديدا في برامج المساعدة الأجنبية، فهي تعتمد على الأموال السعودية لتمويل الشركات الأمريكية في بناء المملكة العربية السعودية!!
رغم أن الإدارة كلها والمسئولية المالية عهد بها لوزارة الخزانة الأمريكية – كانت هذه اللجنة المشتركة تتمتع باستقلالية بلا حدود. في النهاية أنفقت سنويا مليارات الدولارات في فترة تجاوزت خمسة وعشرين عاما، دون رقابة من الكونجرس. لأن الموضوع لم يكن به أموال حكومية أمريكية ، فلم يكن للكونجرس أية سلطة للتدخل في الأمر، رغم دور وزارة الخزانة كوسيط.
……………….