مدحت الزاهد يكتب: ذكريات صحفية

فى فترة صعود موجة إرهابية فى التسعينات مركزها محافظات الصعيد وليس المناطق الحدودية، كما هو الحال الآن استطالت المواجهة، وامتدت وكانت الفكرة السائدة وقتها أن الإرهاب يمكن هزيمته بضربات صاعقة فى مواجهة سريعة حاسمة، ومع استمرار المواجهة ارتفعت أصوات تطالب بتدخل الجيش لحسم المعركة.

وقتها كنت أعد تحقيقا شمل إجراء حوار مع مسؤول مهم فى جهاز سيادي، ولكنه رفض ذكر اسمه، والمهم أنه رفض هذا التوجه كلية، وقال إن الجيش يمكن أن يقدم مساعدات لوجستية فى حالات التمركز فى الجبال، ويساعد فى الاستطلاع الجوي والمعلومات، ولكنه لا يجوز أن يستنزف فى مواجهات في القرى والنجوع ومزارع القصب، ويتورط فى مناطق وعرة، بسبب وضع المطاردة الذى قد يمتد إلى عائلات وعصبيات، وان هذه مهمة الشرطة ولو كانت تعانى من نواقص تستكملها مع العلم أن المواجهة ستمتد بسبب أمرين، الأول أوضاع سياسية واجتماعية وثقافية وإقليمية، والثاني الطابع المراوغ لحرب الميلشيات، وعدم تمركزها فى مكان ثابت وسهولة انتقالها واتباعها لأسلوب إضرب وأهرب، ولكن الرجل أدهشنى بنقد مختلف لأداء الداخلية لأن شعار زكي بدر إضرب فى المليان وعاوزهم جثث، حرق مراحل فى المواجهة، وتناقض مع مبدأ الاستخدام المتدرج للقوة، ووضع ظهرهم للحائط وهو ما يفضي إلى استخدام كل أدوات العنف من جانبهم، على طريقة يا روح ما بعدك روح، ففى أي صراع يصنع كل طرف قانون خصمه، وما قد يعتبره انتصارا محققا قد يتحول إلى خسارة مؤكدة ..

أحيانا يراودني السؤال عن الفرق بين رجل الدولة وصاحب القبضة والعضلات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *