مدحت الزاهد يكتب: خمسة طاير
عندما يفترش التلامذة الأرض وتكتظ الفصول بالطلبة وتخلو من المدرسين وتبحث الوزارة عن مدرسين هواة متطوعين .
عندما تحدث هذه الوقائع المؤسفة، تعود بى الذاكرة إلى قرابة ربع قرن من الزمان عندما سمعت لأول مرة عن الفصل الطائر أثناء زيارة للصديق طارق الزمبيلي بمدينة إسنا، وسألت ابنه سليمان عن سنته الدراسية؟ فأجاب خامسة طاير واستوقفنى الأمر واعتقدت أنه نوع جديد من التعليم فشرح لى سليمان أن الفصل الطاير هو فصل وهمي لا توجد لتلاميذه حجرة أو مقاعد، ويتجولون بين الفصول التى يذهب طلابها لحصة الالعاب، أي هو فصل جوال أو طاير بين الفصول..
وكتبت وقتها منذ ربع قرن عن هذه المأساة التى تهدم جوهر العملية التعليمية وعلاقة الطالب الحميمة المفترضة بغرفة ومقعد الدراسة، وردت الوزارة بأنها فى سبيل معالجة الأمر وإنهاء هذه الظاهرة الشاذة..
والآن وبعد ربع قرن وفى ظل “الجمهوربة الجديدة” وتعليم ” التابلت” ومليارات رايحة جاية على مشروعات التطوير والتعليم يتراجع للخلف وبالذات التعليم الحكومى الأرخص تكلفة ولا أقول المجانى ، فلا هو يحصل على نصيبه المخصص بنص الدستور ولا هو يلقى من الاهتمام والرعاية عشر معشار التعليم الدولي والاستثماري والخاص بكل أنواعه، وهو ما تجسده صور طلاب افترشوا الأرض أو اكتظت بهم الفصول وهو أمر يتناقض مع كل أهداف التنمية الصحيحة وجوهرها تطوير القدرات الإنتاجية للاقتصاد ومجالات العلم والبحث العلمي، وإشباع الاحتياجات الأساسية المادية والروحية للمواطنين واولها حقهم فى التعليم والسكن والغذاء والرعاية الصحية والبيئة النظيفة وهى حقوق تكفلها الدول وترعاها باعتبارها أم الحقوق والعلامات الاكثر دلالة على التنمية .