محمد جلال عبدالرحمن يكتب: كورونا ونـواب الأفـراح والعزاء
عند مقارنة الوعود الانتخابية الصادرة من بعض أعضاء مجلس الشعب قبل الانتخابات بمواقفهم من حاجة المواطن أو أي حـدث طاريء أو ازمة تستجد مثل كورونا وتحتاج إلى موقف أو تفاعل إيجابي نتذكر البيت الشعري القائل:
صلى وصام لأمر كان يطلبه.. فلما انقضى الامر لا صلى ولا صاما
سلوم ما زاد في الاسلام خردلة.. ولا ترهبــــن في أمــــر ولا قامــا
النظام الصحي يحتاج إلى ترميم بل إلى إعادة بناء وهذا واقع ثابت قديمًا أو بما يجري حديثًا وبما اكدته جائحة كورونا التي اكتشفت ضعف الرعاية الصحية العامة في بلادنا.
فقد اصبح وباء كورونا حقيقة لا مفر منها في اغلب دول العالـم، فهو لا يعد غريبًا الآن عن أي بلد، وإنما الغريب وما يدعوا إلى التوقف هو غياب الدور الواجب من بعض نواب مجلس الشعب وتهربهم من مسئولياتهم في مواجهة هذه الجائحة أو مشاركة المواطنين الآمهم سواء بتوعيتهم بالتدابير الوقائية عبر منابرهم أو بأي دعم للنظام الصحي في الدولة ولو بسيط سواء مادي أو معنوي.
وأن صمته وانعزال بعض نواب مجلس الشعب عن مرضى كورونا الذين يموت البعض منهم على ابواب المستشفيات أو في الشوارع أو في غرف العزل أو في بيوتهم ليس من طبيعتهم التي نراها دائمًا في مؤازرة المواطنين في دوائرهم ابتداءً من الذهاب بعدتهم المعتادة أو ثيابهم البلدي المكلفة لأعماق القرى والارياف لحضور واجبات العزاء والافراح وحفلات الطهور وانتهاءً بعقد جلسات الصلح في كل خلاف ولو بسيط بين رجل وزوجته أو رغبة بعضهم في الدخول على المرأة التي تلد والاخذ بيدها في محاولة لكسب ود أبناء دائرته ولتوسيع قاعدة ناخبيه بين البسطاء والعوام الذين ينخدعون بكل هذه الحيل أو ممن لا يعرفون في اغلب الاحوال ما هو السبب أو الهدف من ترشح مثل هذا الذي لا يدري بشئون السياسة أو التشريع أو الإدارة مكتفين بشعاراته الانتخابية التي طالما ضحكوا بها على البسطاء وهم كُثر بأن مصلحة المواطن فوق كل إعتبار وأن قضاء حوائج الناس فرض عين، وسوف نفعل كذا أو كذا بينما هي تجري فقط على السنتهم وتقال فقط في سياق الوصول إلى المصالح الخاصة لا إلى الخدمة العامة.
وكذلك ملفت أيضًا غياب ما يسميهم المصريون شعبيًا بـ”رجول الدكك” أو ماسحي الجوخ، وهم الذين يلتفون دائمًا حول ذوي الجاه أو المنصب لأجل المنفعة فقط لا لأجل الاسترشاد بهم أو الاستعانة بهم في شيء من شئون الوكالة في امور العامة، ويفرون منه كالفرار من مريض الجزام عندما ينسحب الكرسي من تحته لأي سبب من أسباب الدنيا أو الاخرة، بل أن التاريخ قديمًا وحديثًا اثبت أن هؤلاء سببًا من ضمن اسباب سقوط ساداتهم.
والحقيقة أنه كان لأزمة تفشي فيروس كورونا تداعيات كثيرة من بينها حالة الاستياء العامة التي تصل إلى وجود حالة من القرف لدي الناس من بعض النواب الذين انتخبوهم ووثقوا فيهم، فاختاروهم للدفاع عنهم والزود عنهم فيما يطلبون أو توصيل آهاتهم إلى الحكومة، فخذلوهم في أول اختبار حقيقي بعد ظهور جائحة كورونا التي حصدت أرواح الناس ولا زالت تحصدهم بأسباب متعددة، ومنها قلة الوعي أو بسبب ضعف الامكانيات أو عدم وجود واسطة تشفع للمواطن في الدخول إلى المستشفيات لمتابعة حالته اتقاءًا للهلاك أو إن شئت قل رغبته في الموت داخل مستشفى بدلًا من الموت في منزله وتعريض حياة اهله وجيرانه للعدوى والاصابة بالمرض.
والاغرب من كل ما سبق عدم وجود اساس واضح يختار المواطنين هؤلاء النواب المتقاعسين عن دورهم والذين لا يمثلونهم في أي شيء في ظل هذا الغياب الذي لم يقف عند غياب الموقف أو الدعم بل وصل إلى عدم القدرة على تقديم مقترح بمجرد مبادرة في المواجهة أو الحد من خطر وباء كورونا على ابناء دائرتهم، أو الحد من خطر معاملة الجاهلين للمصابين بمرض الكورونا على أنهم “جربة” ونبذهم ومقاطعتهم واثر ذلك عليهم وعلى الامن الاجتماعي أو حتي توفير مكان لمريض كورونا من اموالهم أو اراضيهم أو منازلهم المنتشرة في جميع انحاء مصر.
والدرس المستفاد من كل ما سبق أنه يجب أن يدقق المواطن قبل أن يدلي بصوته حتى لا يوكل الامر الى غير اهله ويولّى امره من لا يستحق التولية استنادًا على حسابات قبلية أو اجتماعية أو اعتبارات تسقط امام تقصيرهم أو اخلالهم بواجباتهم تجاه المواطنين وخاصة في اوقات الازمات.
ونهاية فما سبق يطرح التساؤل، هل مثل هؤلاء النواب من الذين قصّروا وتناقض أداءهم مع وعودهم يستحقون أن يكونوا نوابًا عن الشعب أو يمثلونه بما ظهروا عليه في ظل جائحة كورونا التي قد تصل آثارها عمومًا في كل الدول على علاقة المواطن بحكومته أو بالنخب الحاكمة أو قد يصل تأثيرها إلى استقرار البلدان؟.
ايميل: mdgalal3@gmail.com