“مجموعة حقوق الأقليات”: المجتمعات الحدودية في مصر معزولة عن الرعاية الصحية المناسبة.. وعلى الدولة إعادة توزيع ميزانيات القطاع بشكل منصف
تقرير: الإنفاق الطبي بالمجتمعات الحدودية يقتصر على المظهر الخارجي للمستشفيات والمراكز الصحية.. ونظام الرعاية يفتقر للموارد الأساسية ويؤدي لوفيات يمكن تفاديها
سياسة “الأولوية للمركز” عمقت تفقير المجتمعات الحدودية لعقود من الزمن وساهمت في تدهور وضع الصحة.. ومطروح سجلت ثلاثة أضعاف المتوسط الوطني لوفيات كورونا بين متوسط المصابين
طالبت مجموعة حقوق الأقليات الدولية السلطات المصرية بضرورة تنفيذ سياسات اللامركزية، وإعادة توزيع ميزانيات القطاع الصحي بشكل منصف، فضلا عن ضمان خدمات الإسعاف المجانية كحق أساسي ومعالجة الأسباب الجذرية لأزمة الرعاية الصحية من خلال التعليم المحلي للأطباء، ضمانا لحقوق مجتمعات الأقليات والمجتمعات الحدودية داخل البلاد، وبالتالي تحفيزهم على البقاء في مناطقهم.
وتكافح المجتمعات النوبية والبدوية والأمازيغية في مصر من أجل الوصول إلى الخدمات الصحية المناسبة خلال جائحة كوفيد-19، وفقا لتقرير موجز جديد نشرته مجموعة حقوق الأقليات الدولية، بالرغم من الالتزام الوطني بخدمة الرعاية الصحية لجميع المصريين/ات والزيادة الهامة في الإنفاق العام على الصحة منذ عام 2011، فإن هذه الأزمة الصحية طال أمدها لهذه الفئات المهمشة.
وأوضح التقرير أن المناطق الحدودية في مصر، حيث يتركز العديد من الأقليات والشعوب الأصلية، تشهد إنفاق الأموال على المظهر الخارجي للمستشفيات والمراكز الصحية، ما يجعل المجتمعات المهمشة تعاني من نظام رعاية صحية يفتقر إلى الموارد الأساسية ويؤدي إلى وفيات يمكن تفاديها.
ويهتم التقرير بالنوبيين/ات في أسوان والبدو في سيناء والأمازيغ في مطروح، ويسلط الضوء على مدى تركز الرعاية الصحية الجيدة أو حتى الكافية في المراكز الحضرية الرئيسية، بعيدا عن معظم الأقليات والشعوب الأصلية.
وتم تشكيل الوضع الصحي لهذه المجتمعات من خلال سياسة الدولة التي تعطي الأولوية للمركز، وتهمل بشكل منهجي التنمية في المناطق الريفية والحدودية”، حسبما تؤكد رشا السابا، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة حقوق الأقليات الدولية، مضيفة: “إنها سياسة عمقت تفقير هذه المجتمعات لعقود من الزمن، وهو في المقابل مساهم رئيسي في تدهور وضع الصحة”.
ووفقا للتقرير، فإن معدات وأسّرة مرافق الرعاية الصحية في المناطق الحدودية غير كافية، الأطباء قليلون، والغالبية منهم/ن عديمي/ات الخبرة، أو ذوي/ات مؤهلات ضعيفة، أو متخصصين/ات “بالاسم فقط”.
ويبين الموجز أن هذه العوامل، وهي مقترنة بنسبة أعلى بالسكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر، تجعل من الصعب على مجتمعات الأقليات والسكان الأصليين في هذه المناطق الحصول على رعاية صحية جيدة.
ويسلط التقرير الضوء على كيفية تدهور وضع الرعاية الصحية في هذه المناطق المهمشة، الفقيرة بالفعل، خلال جائحة كوفيد-19. في سيناء، يفضل الكثيرون تمريض أقاربهم في المنزل. يقول أحدهم: “إذا كان أحد أقاربنا سيصاب بفيروس كورونا، فسنبقيه معنا. سيكون من الأفضل له أن يموت بيننا”.
وأشار إلى أن الوضع مأساوي للغاية في سيناء لدرجة أن غالبية سكانها البدو يضطرون إلى السفر مئات الأميال إلى القاهرة لتلقي خدمات جيدة، شريطة أن يتمكنوا من تجاوز نقاط التفتيش الأمنية والعسكرية المنتشرة على نطاق واسع في المنطقة دون التعرض للاعتقال العشوائي على أساس الهوية.
وعلى الرغم من معدلات التلقيح الجيدة في مطروح، توفي 14% ممن تم تسجيل إصابتهم/ن بالفيروس، أي حوالي ثلاثة أضعاف المتوسط الوطني، ويرجع التقرير ذلك إلى تدهور الخدمات الصحية في المنطقة.
كما يستوجب على النوبيين/ات في أسوان أيضا السفر لمسافات طويلة للحصول على الرعاية الصحية، ويوصف أحد مستشفيات أسوان بأنه “مجرد مكان يدقق فيه الأطباء والموظفون عقارب الساعة”، لكن السياحة الطبية بعيدة المنال بالنسبة للكثيرين الذين ينتمون إلى الأقليات والسكان الأصليين في مصر، حيث أن معدل الفقر في المناطق الحدودية أعلى بكثير من المعدل الوطني، حيث يتجاوز أحيانا 50%.