“كأس مسمومة” و”وظيفة مروعة”.. صحف أجنبية: طارق عامر يترك خلفه في أزمة بعد استقالته عقب تأزم الأوضاع الاقتصادية المصرية
كتب – أحمد سلامة
تداولت عدة وسائل إعلام أجنبية خبر استقالة محافظ البنك المركزي، طارق عامر، من منصبه، وتعيينه مستشارًا لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، لافتة إلى أن الاستقالة جاءت بعد تأزم الأوضاع الاقتصادية المصرية.
وقالت “فرانس 24” إن طارق عامر يغادر منصبه مع تداول الجنيه المصري عند 19.1 للدولار الأمريكي الواحد، وهو ثاني أقل سعر صرف له على الإطلاق، ولم يتجاوزه إلا خلال الانخفاض “الوحشي” لقيمة العملة في شتاء 2016.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، تضررت بشدة من الحرب بين مورديها الرئيسيين -روسيا وأوكرانيا- مما أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية، كما ارتفعت تكلفة بعض المواد الغذائية بنسبة تصل إلى 66 في المائة، مما ساعد على دفع التضخم إلى معدل رئيسي يبلغ 15 في المائة.
ونبهت الصحيفة في تقريرها إلى أن نحو ثلاثين مليونًا من أصل 103 مليون شخص في مصر يعيشون تحت خط الفقر، مع وجود عدد أكبر منهم يعيشون في ظروف غير مستقرة، وفقًا لأرقام البنك الدولي، لافتة إلى أن وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية خفضت توقعات مصر من مستقرة إلى سلبية، مشيرة في الوقت ذاته ما وصفته بـ”تزايد خطر الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن تراجع مستويات المعيشة”.
وتعرضت الصحيفة إلى انخفاض احتياطات مصر من العملة الصعبة من 41 مليار دولار في شهر فبراير الماضي إلى 33.1 مليار دولار الآن، على الرغم من الدعم المستمر من الحليف الوثيق “المملكة العربية السعودية” التي أودعت خمسة مليارات دولار في البنك المركزي أواخر مارس الماضي.. وهو ما دعا الحكومة المصرية في ظل هذا التراجع الاقتصادي إلى إجراء محادثات مع صندوق النقد الدوري بشأن خطة إنقاذ جديدة حيث بلغ الدين العام 90 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتحت عنوان “استقالة محافظ البنك المركزي المصري بسبب تفاقم المشاكل الاقتصادية” قالت “أ ف ب” إن استقالة محافظ البنك المركزي تأتي في الوقت الذي تكافح فيه البلاد من أجل معالجة مشكلاتها الاقتصادية جراء التضخم الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط وتراجع السياحة.
وتابع تقرير “أ ف ب” أنه لم يتم تسمية أي بديل لـ عامر الذي تم تعيينه محافظًا للبنك المركزي في نوفمبر 2015، لافتة إلى أن محافظ البنك المركزي السابق تعرض لانتقادات حادة بسبب تعامله مع التحديات المالية في مصر.
وزاد التقرير “تعرضت العملة لضغوط، وانخفضت قيمتها إلى نحو 19 جنيهاً للدولار الأمريكي.. جاء ذلك بعد قرار البنك المركزي بالسماح للعملة بالتراجع بنحو 16٪ في مارس لمحاولة وقف العجز التجاري المتزايد”.
وحسب التقرير، قال جيسون توفي، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس: “يبدو أن هناك الكثير من التوترات داخل دوائر صنع السياسة، وأعتقد أن هذا في النهاية هو ما أدى إلى استقالة عامر”، مضيفًا أنه يبدو أن هناك مسؤولين يعارضون خفض قيمة الجنيه وبدلاً من ذلك يدعمون إجراءات مثل تقنين استهلاك الغاز من خلال الحد من استخدام الكهرباء، وهو ما قد يضر بدوره بنشاط الأعمال.. كان يُنظر إلى عامر تقليديًا على أنه في المخيم الذي يدعم انخفاض قيمة الجنيه كوسيلة لتأمين قرض من صندوق النقد الدولي.
واستكمل التقرير “تتوقع شركات أبحاث كابيتال إيكونوميكس ومقرها لندن استمرار العملة المصرية في الانخفاض لتصل إلى 25 جنيهًا للدولار بنهاية عام 2024 وسط ضغوط مستمرة”.
ولفت التقرير كذلك إلى تضرر صناعة السياحة في مصر، والتي توظف الملايين، بشدة من وباء كورونا وكذلك من الحرب الروسية الأوكرانية التي كانت محسوسة أيضًا بعمق في مصر إذ تُعد مصر أكبر من أكبر مستوردي القمح في العالم ويقوم استيرادها على البلدين المتحاربين.
ويشير التقرير إلى أنه في الأسابيع الأولى بعد الحرب في أواخر شهر فبراير، ارتفعت أسعار القمح والحبوب الأخرى بشكل كبير، وكذلك أسعار الوقود.. وعلى الرغم من انخفاض الأسعار إلى حد ما، إلا أن تكلفة الحبوب لا تزال أعلى بنسبة 50٪ على الأقل مما كانت عليه قبل الوباء في أوائل عام 2020. علاوة على ذلك ، فإن تكلفة الشحن لتصدير تلك الحبوب عبر البحر الأسود مرتفعة.
وأضاف “بلغ معدل التضخم في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 103 ملايين نسمة 14.6٪ في يوليو، مما زاد الضغط على الأسر ذات الدخل المنخفض والضروريات اليومية. وبحسب أرقام حكومية، يعيش نحو ثلث المصريين في فقر”.
“ميدل إيست آي” تناولت الأمر أيضًا في تقرير عنونته بـ”محافظ البنك المركزي يستقيل مع هبوط العملة إلى مستوى منخفض آخر” وقالت الصحيفة في التقرير إن عامر، الذي عمل في القطاع المصرفي المصري لمدة 19 عامًا، تم تعيينه مستشارًا رئاسيًا بعد قبول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقالته.
ونقلت الصحيفة عن تيموثي كالداس، المحلل ومستشار المخاطر، قوله إن من يتولى السلطة سيرث “كأسًا مسمومًا” وأن رحيل عامر ترك “وظيفة مروعة” لخلفه، مضيفًا “من شبه المؤكد أن الجنيه المصري سينخفض وسترتفع معدلات الفائدة والفقر وسيصبح خليفة عامر في المقدمة مسؤولا رسميا عن السياسة النقدية لكنه لن يتحكم فيها فعليا”.