في ذكرى رحيل نوال علي.. تفاصيل ما حدث يوم «الأربعاء الأسود».. وقلاش: تحية لروحها ظلت تسعى حتى آخر لحظة لتأخذ حقها
كتب- عبد الرحمن بدر
“كانت أيديهم تعبث بصدري، ويتحرشون بكل المناطق الحساسة من جسدي، مزقوا ملابسي واعتدوا عليَّ بأيديهم.. وقعت بوجهي على الأرض، وفوجئت بعدد كبير من هؤلاء البلطجية فوقي، يتحرشون بي مرةً ثانية ويعبثون بكل مناطقي الحساسة.. بدأت في الصراخ طالبةً النجدة وظللت أصرخ إلى أن فقدت الوعي”، كان ذلك جزءا من شهادة الصحفية الراحلة نوال علي، على واقعة الاعتداء عليها.
وتحل اليوم ذكرى رحيل الزميلة نوال علي التي تعرضت لاعتداء وحشي على سلالم نقابة الصحفيين، من قبل الأمن وبلطجية الحزب الوطني.
وقال يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق: تحية لروح الزميلة التي رحلت وقد ترك هذا الحادث جرحًا غائرا بداخلها وظلت تسعي حتى آخر لحظة في حياتها لتأخذ حقها .. لها خالص الرحمة.
وأضاف: “الأربعاء الأسود ” ٢٥ مايو ٢٠٠٥ ذكري الاعتداء علي الزميلة على سلالم النقابة من قِبل بلطجية الحزب الوطني بقيادة مجدي علام وبرعاية الأمن بقيادة إسماعيل الشاعر رئيس مباحث القاهرة.
وتابع قلاش: “الزميلة التي صممت الدخول لنقابتها لحضور دورة في اللغة الانجليزية رغم الحصار الأمني تم سحلها والتحرش بها وتمزيق ملابسها !، الزميلة في شهادتها – وكنت حاضرًا معها خلال الإدلاء باقوالها بقسم الشرطة ثم النيابة – ذكرت بثبات تفاصيل ما تعرضت له من هول، وذكرت أن الزميل حسين متولي خلع قميصه وغطاني به”.
وأضاف قلاش: “مجلس النقابة اعتبر ماحدث أمام حرم النقابة كان جزءا من مهزلة مشينة شهدتها بعض شوارع القاهرة حين تم التصدي لجموع من المواطنين حاولت ممارسة حق التعبير السلمي عن الرأي يوم الاستفتاء على المادة ٧٦ من الدستور”.
وقال قلاش: “المجلس حمل رئيس الجمهوريه المسئولية بما له من صلاحيات تحفظ كرامة المواطنين و حريتهم و عدم هبوط مستوي الصراع السياسي إلى استباحة اساليب العنف والبلطجة”.
وأكد قلاش أن المجلس طلب وقتها بإقالة حبيب العادلي ومحاسبة كل المسؤولين الأمنيين والسياسيين عن الجرائم والانتهاكات التي جرت.
وتابع: “توجه المجلس مجتمعا برئاسة النقيب جلال عارف إلى النائب العام وقدم مذكرة شاملة بالجرائم التي جرت أمام حرم النقابة مطالبًا بسرعة التحقيق فيها”.
فما هي حكاية نوال علي وماذا تعرضت له؟
أثناء الاستفتاء على تعديل المادة 76 الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية والذي أجراه المخلوع مبارك في 25 مايو 2005، تصاعدت أصوات من قبل المعارضة المصرية تتقدمها حركة كفاية، تنتقد ما وصفته بالتغيير الشكلي للمادة 76 لأن التعديلات التي أجريت على المادة أفرغتها من مضمونها، وأعلنت قوى سياسية احتجاجها وتنظيمها عدد من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية أمام نقابة الصحفيين ونقابة المحامين وأمام ضريح سعد زغلول بالتوازي مع الاستفتاء.
ونقلت العديد من وسائل الإعلام العالمية والمصرية الخاصة وكذلك المدونات قيام بعض البلطجية يقودهم أعضاء بالحزب الوطنى، أمام نقابة الصحفيين بالتهجم على عدد من الصحفيات والناشطات السياسيات بالضرب و تمزيق ملابسهن والتحرش الجنسي بهن، وتقدم عدد من الصحفيات والناشطات من ضحايا ما سمي وقتها “بالأربعاء الأسود” ببلاغ للنائب العام للتحقيق فيما تعرضن له، إلا أن النائب العام أصدر قراره بحفظ التحقيقات في الواقعة بدعوى عدم الاستدلال على الجناة.
وحول ما جرى لها قالت نوال التي كانت في طريقها لنقابة الصحفيين لحضور دورة لغة إنجليزية، وقت أن هاجم البلطجية تجمعا لمعارضي التعديلات الدستورية المشئومة على سلم النقابة : “هاجموني لم يكونوا يحاولون أن يضربوني، ولكنهم كانوا يعتدون عليَّ جنسيًّا، وكانوا يمزقون ملابسي بكل وضوح، وانتهى بي الأمر وأنا عارية تقريبًا، سحلونى وألقوا بي على الرصيف أمام جميع الضباط.. كان منهم إسماعيل الشاعر رئيس مباحث القاهرة آنذاك.. وكل من كانوا واقفين هناك”، هكذا تحدثت نوال علي.
تم فصل نوال عن العمل بعد أسبوعين من الإعتداء عليها وتم تشويهها عبر بعض الفضائيات، والإدعاء بأنها هى من قامت بتمزيق ملابسها بنفسها (عشان ترمي بلاها)، تعاطف البعض معها.
تقدم بعض الناشطين بإفادات إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التابعة للاتحاد الأفريقي، حيث تقدمت 24 منظمة من منظمات المجتمع المدني المصرية بالدعوي التي حملت رقم 323 لسنة 2006، و المقدمة نيابة عن 4 من الصحفيات والناشطات اللاتي تعرضن للاعتداء.
قررت أن تبدأ نزولها الى الشارع مع حركة كفاية، فقط تستعد بارتداء طبقات أكثر من الملابس يصعب تمزيقها، ترتجف أحيانا وتهمس لزميلاتها في المظاهرة: “مستعدة للحبس وللضرب ولأي حاجة..بس مش لإني أتعرى في الشارع تاني”.. واجهت نوال القهر وإهدار حقها والسرطان الذى هاجم جسدها.. لترحل في 2009 بعد صراعات صعيبة.
وفي 2013 أصدرت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان قرارها بإدانة الحكومة المصرية في قضية الإعتداء على صحفيات وناشطات بينهن نوال علي، وكانت رحلت قبل صدور الحكم، وطالب الحكم بإعادة فتح التحقيقات في وقائع الأربعاء الأسود ومحاكمة المتهمين، إلا أن ذلك لو يوقف الأيدى العابثة بأجساد المصريات، وما بين واقعة الأربعاء الأسود والأحد الأسود، يدفع الصحفيون أثمان كبيرة وهم يدافعون عن مهنتهم وحق وطنهم في العدل والحرية.