في اليوم العالمي لحرية الصحافة..ورقة لـ”حرية الفكر”: الصحافة الحرة أداة رئيسية لمواجهة كورونا.. ( 5 مطالب للحرية)
الورقة تضع 5 مطالب: إخلاء سبيل الصحفيين المحبوسين ورفع الحجب ووقف الملاحقات وقانون لحرية تداول المعلومات
كتب – محمود هاشم
طالبت مؤسسة حرية الفكر والتعبير السلطات المصرية، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، بإخلاء سبيل الصحفيين المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا مختلفة بسبب ممارسة عملهم الصحفي، إذ يقبع عدد منهم خلف القضبان لمدد تجاوزت العامين دون الإحالة للمحاكمة.
كما طالبت المؤسسة، في بيان صحفي، رئيس الجمهورية بإصدار قرار بالعفو عمن صدر بحقهم أحكامًا نهائية بسبب ممارسة عملهم الصحفي، مثل الصحفي إسماعيل الاسكندراني الذي يقضي عقوبة السجن 10 سنوات امتثالا لحكم محكمة جنايات شمال القاهرة العسكرية في القضية رقم 18 لسنة 2018 بعد اتهامه بالانتماء لجماعة محظورة أسست على خلاف القانون، وبث أخبار كاذبة عن الأوضاع في سيناء.
كما دعت رفع الحجب عن المواقع الصحفية والإعلامية الإليكترونية التي جرى حجبها منذ مايو 2017، عبر قرارات من جهة غير معلومة ودون أسباب أو أخطار للقائمين على إدارة تلك المواقع.
وشددت “حرية الفكر والتعبير” على ضرورة وقف التضييقات والملاحقات الأمنية والقضائية التي يتعرَّض لها الصحفيون المصريون والمراسلين الأجانب بسبب ممارستهم لمهام عملهم الصحفي، وتوفير البيئة الآمنة والحرة لعمل الصحفيين ووسائل الإعلام بما يمكِّنهم من القيام بأدوارهم في مواجهة أزمة الوباء العالمي في القطر المصري، مع إصدار قانون تداول المعلومات ما يسمح بإتاحة المعلومات بشكل ملائم من مصادرها الرسمية حتى يتمكن الصحفيون من ممارسة عملهم.
حجب ولفت نظر وترحيل.. وأزمة حرية الصحافة في زمن كورونا
وقالت إن اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق الثالث من مايو، أمس، تزامن هذا العام مع تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، والذي أودى بحياة أكثر من 200 ألف شخص حول العالم، ونتيجة لهذه الجائحة التي ضربت العالم، اتجهت غالبية الدول إلى فرض إجراءات استثنائية للتصدي لانتشار الفيروس، ورغم أهمية هذه الإجراءات في العديد من الأحيان للحفاظ على الصحة العامة، كانت هناك مخاوف من تأثيرها السلبي على الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، لاسيما حرية الصحافة.
وتزداد هذه المخاوف في مصر، حيث كلف رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات القانونية “حيال كل من أذاع أخبارًا، أو بيانات كاذبة، أو شائعات، تتعلق بفيروس كورونا المستجد“، مع بداية الأزمة، وقالت النيابة العامة إنها “ستتصدى لنشر مثل تلك الشائعات والبيانات والأخبار الكاذبة إعمالًا لنصوص القانون”.
وأعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حجب الموقع الإلكتروني لصحيفة الشورى لمدة 6 أشهر “لنشره تصريحات لم تُدل بها وزيرة الصحة وتسيء إلى الصيادلة، وإثارته القلق بين القراء بتشكيكه في المنظومة الطبية بشكل عام ومواجهة أزمة كورونا على وجه الخصوص، واستخدامه ألفاظا وعبارات لا تليق“.
كما وجه المجلس “لفت نظر” إلى ١٦ موقعًا إلكترونيًا وصفحة على مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة “نشر أخبار كاذبة عن اكتشاف حالة إصابة بفيروس كورونا في طنطا، وتضمن بيان المجلس التوجيه بـ“منع بث أي أخبار إلا من خلال البيانات الرسمية لوزارة الصحة”.
وقرر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في 17 مارس، سحب اعتماد مراسلة جريدة “الجارديان” البريطانية في مصر على إثر نشرها تقريرُا يتناول انتشار فيروس كورونا المستجد في مصر، وفي 26 مارس، نشرت “الجارديان” تقريرًا قالت فيه إن السلطات المصرية أجبرت مراسلة الجريدة على مغادرة البلاد.
ورأت “حرية الفكر والتعبير” أن هذا المناخ جعل تعاطي الصحافة في مصر مع أزمة انتشار فيروس كوفيد 19 محدودًا وحذرًا للغاية، حيث الاتهامات بنشر الأخبار الكاذبة وترويج الشائعات والإضرار بالمصالح العليا للبلاد كفيلة أن تتسبب في إغلاق الصحيفة وتغريمها، أو حجب موقعها الإليكتروني بشكل دائم أو مؤقت، فضلًا عن المسائلة الجنائية التي سيتعرض لها صانع المحتوى الصحفي.
إعادة ترسيم المشهد.. قوانين وتغيير ملكية وحبس
إلا أن المناخ السلبي فيما يتعلق بحرية الصحافة في مصر أقدم من أزمة كورونا والإجراءات الاستثنائية التي زامنتها، إذ يمكننا القول إن هذا المناخ المعادي لحرية الصحافة كما نعرفه الآن بدأ في التشكل منذ صيف 2013، منذ ذلك الوقت أٌعيد ترسيم المشهد الصحفي والإعلامي المصري مؤسسيًا وتشريعيًا بهدف السيطرة الكاملة عليه.
فمن ناحية أولى، فرض المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، منذ نشأته، سلطاته الرقابية على المحتوى الصحفي والإعلامي الذي يخرج للجمهور بأشكاله المختلفة، ومكنَّته القوانين الجديدة الخاصة بتنظيم الصحافة والإعلام ولائحة الجزاءات التي أقرها المجلس في سبتمبر 2019 من إخضاع الجهات التي تعمل على إنتاج المحتوى الصحفي أو الإعلامي لسلطته.
ومن ناحية ثانية، جرت عبر السنوات الأخيرة تغييرات جذرية فيما يتعلق بملكية وسائل الإعلام الخاص في مصر، ما نجم عنه تشكل مشهد صحفي وإعلامي جديد تملكه وتديره كيانات احتكارية يُشتبه في تبعيتها لأجهزة أمنية سيادية.
ومن ناحية ثالثة، اطلعت الهيئة العامة للاستعلامات ورئيسها الكاتب الصحفي ضياء رشوان، نقيب الصحفيين الحالي، بملاحقة المراسلين الأجانب ومكاتب الوكالات الصحفية الأجنبية في مصر، والتضييق على عملهم والهجوم على التغطيات الصحفية التي تخص الشأن المصري، من خلال اتهامهم بنشر الأكاذيب وترويج الشائعات والانحياز لجماعة الإخوان المسلمين.
ومن ناحية رابعة، شنت السلطات المصرية حملة غير قانونية تستهدف حجب المواقع الصحفية والإعلامية على نطاق واسع، حتى بلغ عددها، حسب آخر رصد قامت به مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 126 موقعًا منذ بداية الحملة في مايو 2017.
ومن بين الصحفيين المحبوسين رئيس تحرير موقع “مصر العربية“، عادل صبري، المحبوس احتياطيًا منذ أكثر من عامين على ذمة قضيتين مختلفتين، والناشر والصحفي الاقتصادي مصطفى صقر مؤسس شركة “بيزنس نيوز” التي تصدر عنها صحيفتي البورصة الاقتصادية باللغة العربية وDaily News Egypt باللغة الإنجليزية.
مناخ معاد.. ومطالب بتعزيز الحماية
وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن المطالبة بحرية الصحافة وحق المواطنين في المعرفة، لاسيما في أوقات الأزمات الكبرى التي يمر بها العالم، ليست رفاهية منبتة الصلة بالواقع وإنما هي فريضة واجبة تساهم في حماية المجتمعات عبر تداول الأفكار وتطويرها والرقابة على صانعي القرار ومؤسسات الدولة، مشددة على أن المناخ المعادي لحرية الصحافة والإعلام يضاعف من آثار الأزمة لا يساهم في حلها بأي حال من الأحوال.
وكررت المؤسسة النداءات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، في كلمته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة بضرورة أن تحمي الحكومات العاملين بوسائل الإعلام، وأن تعزز حرية الصحافة وتحافظ عليها، لأهمية وحيوية الدور الذي يضطلع به الصحفيون ووسائل الإعلام في ظل الأزمة التي يعاني منها العالم اليوم، إذ يُمارسون أدوارا بالغة الأهمية في توعية جمهور المواطنين وكشف الحقائق ومواجهة المسئولين وصناع القرار.
ومن المقرر أن تعمل مؤسسة حرية الفكر والتعبير طوال شهر مايو 2020 على نشر إصدارات ومواد تتعلق بالصحفيين المحبوسين، والمواقع الصحفية المحجوبة، والقضايا التي تشمل تقييد حرية الصحافة.