علاء عبدالخالق خارج الحدود.. رحيل قطعة غالية من ذكريات جيل الثمانينات (بروفايل)
كتبت: إيمان عوف
“وإحنا فايتين على الحدود مستمرين في الصعود.. اختفى النيل الجميل من تحتنا.. المدن والريف وأول عمرنا.. ابتدى شئ ينجرح جوه الوجود.. وابتدينا أسئلة مالهاش ردود.. ميلنا على الشباك نخبى دمعة فرت مننا”، مع هذه الكلمات بدأ علاء عبدالخالق مشواره الفني عام 80 مع فرقة “الأصدقاء” التي تكونت من “علاء عبد الخالق-حنان -منى عبد الغني) وعمار الشريعي ملحنا للفرقة، اشتهرت الفرقة بأغاني “الموضات -الحدود-مع الأيام -الفلكي” استمر علاء معهم أربع سنوات إلى أن التقى الفنان حميد الشاعري وبدأ كل مطرب في فرقة الأصدقاء الاستقلال بنفسه وإنتاج أغاني مستقلة.
“بحبك كون وشيء مجنون وقلبي يكون على هواكي، بحبك في الوجود نسمة، بحبك ع الخدود بسمة، وكل الكون بيهواكي، يا غنوة شوق و نغماية، بحبك جنبي ورداية، بحبك بحر وقناية وقلبي هو مرساكي”، بعدما ترك علاء عبدالخالق فرقة الأصدقاء كون ثنائي نجح في العديد من الدويتوهات مع صديق عمره حميد الشاعري، من بينها: «بحبك كون»، «صديق»، «تعدي مواصم وفصول»، «متاخدش بالمظاهر»، «أجيلك»، وألبوم علاء الذي حمل اسم «وياكي» كان من توزيع حميد الشاعري، فكانت علاقتهما وطيدة ومترابطة، حيث كان الشاعري يقول عنه إنه كان دائمًا يملك إحساسا رائعا وصوتا قويا وظل مصاحبًا له في الأغاني أكثر من أربع سنوات كانت بمثابة ميلاد جديد لعلاء عبد الخالق في عالم الطرب.
رغم توقفهما عن العمل سويًا احتفاظ علاء عبدالخالق وحميد الشاعري بصداقتهما وعلاقتهما القوية، حتى نعاه حميد الشاعري فور وفاته أمس بهذه الكلمات عبر صفحته على “فيس بوك”: «لا حول ولا قوة إلا بالله.. وفاة أخي وصديق العمر الفنان علاء عبدالخالق.. وجعت قلبي ياعلاء.. إنا لله وإنّا إليه راجعون»، ولم يكشف حميد كواليس بشأن اتصالاتهما الأخيرة، ولكن حميد كان أول الحضور في حفل زفاف ابنة الراحل الذي احتفل به في أحد الأماكن الأثرية.
علاء عبدالخالق الذي ولد عام 64 أصدر العديد من الألبومات التي حققت نجاحا كبيرا في فترة الثمانينات والتسعينات وحتى عام 2000 ، واستطاع بمهارة شديدة أن يكون نجمًا بين نجوم الجيل الذهبي، ليس لشيء سوى أنه كما وصفه الناقد الفني، كمال خالد، أنه عندما فتحت المدرسة الحديثة للأغنية المصرية أبوابها توافد عليها العديد والعديد من المطربين، وكان كلا منهم يحمل ملفا ورقيا به مستندات اعتماده ، وعندما دخل الفنان علاء عبد الخالق كان يحمل ملفًا آخر مختلفًا، والسبب أن هذا الملف كان يحتوى ثلاثة مستندات هى الأهم وهي أنه خريج مدرسة فنية من المدارس صاحبة المقام الرفيع، وهى مدرسة الفنان عمار الشريعى، والثاني أنه درس فى معهد الموسيقى العربية، وتخصص في العزف على آلة الناي، وهو ما مكنه من أدواته الفنية، وآخرها أنه جاء يحمل معه تاريخ فنى خارج المنافسة قد صنعه مع فرقة الأصدقاء، حيث قدم معهم العديد من الأغانى “مع الأيام”، “الحدود” وغيرها من الأعمال ذات القيمة الفنية شكلا وموضوعا.
ويعد الفنان علاء عبد الخالق أول مطرب افتتح به الفنان حميد الشاعرى مشواره في هذه المدرسة الحديثة، ومنذ أول ألبوماته وحتى آخرها كان لعلاء عبد الخالق رؤية فنية مختلفة عن جيله، أراد أن يقدمها، ولكن لأنه كان مرتبطا بتفاصيل وملامح فنية لموسيقى عصره، قرر أن يفرض أفكاره، ولو حتى فى عمل أو عملين فى كل ألبوم يتعاون فيهم مع ملحنين وشعراء من نوعية خاصة جدا بجوار أعماله الأخرى، حيث كان دائما يسبح ضد التيار فقدم أعمال كانت تسبق هذا الجيل بمراحل فقدم لنا على سبيل المثال لا الحصر لحن العملاق احمد منيب “الحب ليه صاحب” التى كتبها الشاعر “مجدى نجيب”، كما قدم لمنيب “الحب بحر” و”قلبك قارب” وأغنية “ياليل”، و”بناديلك”، و”أسمر” وغيرها.
كما لحن له الفنان أحمد الحجار العديد من الأعمال، ومنها أغنية “مشاعر” التي سبقت هذا الزمن بسنوات وسنوات، والتى قال فيها الشاعر عثمان إسماعيل ” اضحك رغم الحزن الساكن….رغم ضباب مرسوم حواليكى لكن “.
وبكل تاكيد لاننسى واحدة من أجمل الأغانى الرومانسية فى هذه الفترة الزمنية “هتعرفينى” والتى كتبها “محمد فضل” ووزعها “عماد الشارونى”.
ولاننسى دويتو “باجيلك من ورا الأحزان” والتى لحنها العملاق أحمد منيب، وقال الشاعر مصطفى زكى فيها: “أنا حضنك وتكوينك والمكتوب على جبينك”.
واستمر علاء عبدالخالق فى رحلته ضد التيار ليقدم لنا أغنية تتحدث عن الأب، فقدم أغنية “إيدى” والتي كتبها الشاعر عماد حسن، ولحنها الفنان جمال لطفى، ووزعها الفنان محمد عبد الجواد، حيث أنه كان من النادر في تاريخ الأغنية أن تجد فنان يغني للأب.
لم يكتف علاء عبدالخالق بالغناء فقط، بل قدم نفسه لنا كملحن فى أغنية شديدة الرقى وهى أغنية “بحلم” والتى كتبها طارق البلهاسي، ووزعها عماد الشارونى، فمن يستطيع فى ذلك التوقيت أن يقول” يا آخر حصن كان باقى وبعده الموت،الخطوة محسوبة يا كلمة مشطوبة رقيقة قاسية مجنونة، حياتى معاكى ملعونة رعونة وطيش”.
عانى علاء عبدالخالق من العديد من الأمراض قبل وفاته عن عمر يناهز الـ59 عامًا حتى وصل لفقدان البصر، لكنه ترك سيل من المحبة الخالصة له ولفنه عبر عنه رواد التواصل الاجتماعي نعته الناقدة ماجدة خير الله عبر حسابها الشخصي بـ”فيس بوك”، قائلة: جيل بحاله عمال يتآكل، وينسحب من الحياة نتيجة الإحباط، وانعدام الأمل، وقلة التقدير، غياب الفرص، لخبطه إنسانية، أمراض غير مفهومة، وتغير كامل وارتباك في المحيط العام يعجز البعض عن التعايش معه.. وداعا صاحب الصوت الجميل والأخلاق الأكثر جمالا، علاء عبد الخالق.”.