عبد العظيم عبد الحق.. «متمرد من أجل الفن» غنّى أمام سيد درويش ولحن «تحت الشجر يا وهيبة» وتألق في «الإرهاب والكباب»
كتبت: كاميليا السيد
فنان متمرد، متعدد المواهب لم ينل حظه الكافي من الشهرة، لحّن لكبار المطربين وغنّى أمام سيد درويش وكان مطربًا خاصًا للملكة نازلي لمدة 4 سنوات وعرفه الجمهور ممثلًا قدم أدوارًا مميزة ببصمة خاصة بها عصارة حياته التي عاشها «على كيفه» ففعل ما أحب دون إملاء من أو إغراء، إنه الفنان الراحل عبد العظيم عبد الحق، ابن المنيا الذي عانى في طفولته من رفض أسرته لحبه للموسيقى مما دفعه الأمر للهرب إلى القاهرة.
مرّ بالعديد من التجارب التي لا يعرفها الكثيرون عنه، فالبعض يتذكره في مشهد الأتوبيس في مسلسل “الإرهاب والكباب” بجانب عادل إمام أما غير ذلك لا أحد يعرف أنه من كبار الملحنين بمصر.
عبد العظيم عبد الحق
ملحن وممثل ولد 1 يناير 1905 بمركز أبو قرقاص بمحافظة المنيا، لأسرة ارستقراطية فشقيقاه من أقطاب السياسة هم “عبد الحميد باشا عبد الحق” و”عبد المجيد باشا عبد الحق”.
والتحق الفنان الراحل عبد العظيم عبد الحق، بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 1948 وخلال دراسته بالمعهد حصل على دروس خصوصية في كتابة النوتة، ورحل عن عالمنا في 3 أبريل 1993.
“إنسان لا مستقبل له”.. عبد العظيم عبد الحق ونظرة أسرته للفن
يعد الفنان الراحل عبد العظيم عبد الحق، أحد أبناء الصعيد، فقد ولد في محافظة المنيا داخل بيئة ترى الفن شيئًا خارجًا عن التقاليد، لذا كانت طفولته قاسية بسبب حبه الشديد للموسيقى والتمثيل.
وحكى الفنان عبد العظيم عبد الحق، في حوار قديم له مع قناة “ماسبيرو”، عن طفولته قائلًا: “أنا مولود في بلد اسمها أبو قرقاص بمحافظة المنيا”.
وتابع عبد الحق: “وأنا طفل دخلت الكُتّاب فحفظت القرآن بالتجويد، وانتقلت إلى طنطا قعدت 6 أشهر عند الشيخ الكرداني كان أستاذًا في القراءات، ودا لإن والدي كان يرغب في إلحاقي بالأزهر”.
وعن نظرة أسرته له بسبب حبه للفن، قال عبد الحق: “الصعيد زمان ماكنوش يعرفوا حاجة اسمها مزيكا وكانت في نظرهم (الموسيقي) معناها شخص هايف وضايع”.
واستكمل الفنان الراحل: “أهلي كانت نظرتهم ليا وحشة أوي، وكنت دايمًا معاقب باستمرار علشان بحب المزيكا والتمثيل، فكنت في نظرهم إنسان لا مستقبل له”.
من أجل الموسيقى.. عبد العظيم وقصّة هروبه من امتحان البكالوريا
كلما ذكر حبه للفن ورغبته في دراسة الموسيقى كان يتعرّض للضرب، فما كان من والده إلا أن قطع عليه وعدًا بأن يجعله يدرس الموسيقى والتمثيل بشرط أن يكمل دراسته أولًا وهذا عكس ما حدث تمامًا.
فكان عبد العظيم عبد الحق متشككًا في وعد والده له بأن يسمح له بدراسة الموسيقى والتمثيل، خاصة وأنه يعلم بنيّة والده في إلحاقه بكلية الحقوق ليصبح وزيرًا-كما كان والده يعتقد-، وهذا ما دفعه للهرب.
وتحدّث الفنان الراحل عبد العظيم عن المعاناة التي مرّ بها لرغبته في دراسة الموسيقى وقصّة هروبه من امتحان البكالوريا، بقوله: “أبويا لما كنت أقوله عايز أتعلم مزيكا يضربي”.
وتابع عبد الحق: “في الآخر قالوا له خده على قد عقله وقوله لما تخلص تعليم تتعلم مزيكا إنما هو ماكنش يقبل كلمة مزيكا دي ولا تمثيل فأنا كنت دايمًا متشكك في وعده ليا”.
واستكمل الفنان الراحل: “وصلت في الدراسة لغاية البكالوريا، أبويا كان في باله إن اللي بيدخل كلية الحقوق بيبقى وزير لأنها كلية بتخرّج وزراء، وكنت سقطت في إمتحان الإنجليزي”.
ويضيف: “فأنا يوم إمتحان الملحق فأنا قلت في عقلي أنا لو نجحت دلوقتي أبويا هيدخلني الحقوق ومش هشوف الحقوق هربت من العربية، كنت بنزل القاهرة وبروح اتعرف على المنشدين بتوع الفرق”.
بعد أن انتقل الفنان الراحل عبد العظيم عبد الحق إلى القاهرة، اتجه إلى الفرق الغنائية وتعرّف على المنشدين هناك حتى شاهده المسرحي أمين صدقي وقام بتعيينه معه بالمسرح.
وقال عبد العظيم، عن أول عمله له بالقاهرة: “تعرفت على المنشدين بتوع الفرق، لحد ما في مرّة ظبطني أمين صدقي دا كان صاحب مسرح وهو والد الفنانة لولا صدقي، واشتغلت معاه بـ 8 جنيه في الشهر”.
“غنّى لسيد درويش وللملكة نازلي”.. عبد العظيم مغنيًا
وبجانب عمله في مسرح أمين صدقي، كان يغني من ألحان الشيخ محمود صبح والشيخ زكريا أحمد والشيخ سيد درويش وتأثر بهم، وبفضل حفظه للقرآن أجاد التلحين وتدرّب على الشرقيات.
وتحدّث عبد الحق عن مقابلته بالشيخ سيد درويش: “في سنة 1922 كان شيخ سيد نازل ضيف في القاهرة عند حد اسمه مناع عطيّة، ومنّاع ده قاله فيه ولد صغير حافظ كل ألحانك وكنت أنا بالصدفة في مصر”.
وتابع الفنان الراحل: “فرحت وقعدت مع الشيخ سيد درويش 3 أيام وغنيت له كل ألحانه كان وقتها عندي 14 سنة، أنا ماكنتش أعرف إن اللي بعمله دا اسمه تلحين، فأنا تدرّبت على الشرقيات من قراءة القرآن”.
وبجانب التلحين، كان الفنان عبد العظيم يغني ولكن ليس بشكل احترافي: “كنت بغني في الإذاعات الأهلية، أغاني ألحان الشيخ صبحي، لكن في شبابي كنت بغني في سهرات خاصة”.
وتابع الفنان عبد العظيم عبد الحق حديثه قائلًت: “ماحترفتش الغناء على مسارح أو حفلات ودا لإن التلحين عاوز كل الوقت فأنا مافكّرتش إن أنا أغني”.
وواصل: “إنما أنا في بداية حياتي الشيء الوحيد اللي يعتبر بالنسبة ليّا كان فترة احتراف كانت 4 سنوات كنت فيها مطرب الملكة نازلي”.
واختتم عبد الحق: “هيّ كانت تعمل استقبالات من الأميرات والأمراء وكانوا بيبعتوا لي أروح ومعايا واحد بيلعب على آلة القانون كان اسمه “كامل إبراهيم”، وكان وقتها عمري فوق التلاتينات يعني”.
فنان متعدد المواهب.. عبد العظيم ممثل وملحن
وبعد أن التحق الفنان الراحل عبد العظيم عبد الحق، بالمعهد العالي للفنون المسرحية وكان ذلك عام 1948، قرر حضور دروس خصوصية في كتابة النوتة من أجل إتقان التلحين.
وبجانب دراسته بالمعهد وحصوله على دروس في كتابة النوتة، كان يعمل الفنان الراحل عبد العظيم عبد الحق موظفًا في وزارة التموين، حيث عمل مديرًا لمكتب وزير التموين.
وقال عبد العظيم عبد الحق: “سنة 48 قدمت في المعهد العالي للفنون المسرحية بالخبرة لأن كان عندي محصول وخبرة في المجال”.
وتابع عبد الحق: “كنت وقتها بشتغل كنت مدير مكتب وزير التموين، وكنت برضه بخلص دراسة بالمعهد واروح دروس خصوصية في كتابة النوتة”.
وخلال دراسته بالمعهد، قرر عبد العظيم عبد الحق ممارسة التلحين، فعمل لحن “يا أم التوب أخضر” و”البشاير” للمطرب سيد إسماعيل، كما لحن “الصيادين” للفنان كارم محمود.
وقدم العديد من الألحان لكبار المطربين أمثال محمد رشدي، فايزة أحمد، ليلى مراد، كارم محمود وغيرهم، كما أنه وضع تترات كثير من المسلسلات منها مسلسل “الرحيل”، “هارب من الأيام” وغيرها.
من أشهر ألحان عبد الحق «هنبنى السد»، و«بشاير»، و«تحت الشجر يا وهيبة»، ثم بدأ عمله في تترات المسلسلات، وضع ألحان أشهر الأغاني لكبار المطربين والمطربات في هذا الوقت، ومنها على سبيل المثال “الصيادين” لكارم محمود ، “رايداك والنبي رايداك” لليلى مراد، “تحت الشجر يا وهيبة” لمحمد رشدي، “وحدة ما يغلبها غلاب” لمحمد قنديل، “في قلبي غرام” لمحمد عبدالمطلب، “سحب رمشه ورد الباب” لمحمد قنديل.
وانتقل عبد العظيم عبد الحق من التلحين إلى التمثيل، فظهر لأول مرّة على الشاشة منذ عام 1961 حتى عام 1993، وذلك من خلال تجسيده لأدوار الجد الطيب لكبر سنه.
ولعل أشهر الأدوار المعروفة له كان مشهد الأتوبيس الذي جمعه بالفنان عادل إمام في فيلم “الإرهاب والكباب” الذي عرض عام 1992.