عائدون يوما إلى فلسطين.. 72 عامًا على ذكرى النكبة: حين طردت عصابات الصهاينة أصحاب الأرض (تقرير)
كتب – عبد الرحمن بدر
منعت جائحة كورونا إحياء ذكرى النكبة الفلسطينينة هذا العام، لكنها لا يمكن أن تمحو الواقعة المؤلمة من ذاكرة من شهدوها، أو من ضمير كل الأحرار في العالم.
اعتاد الفلسطينيون كل عام على إحياء ذكرى النكبة، عبر فعاليات واسعة، تعبيرا عن تمسكهم بحق العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها قسرا، عام 1948، لكن هذا العام غابت مشاهد العودة للقرى والمدن المهجرة لأول مرة منذ 23 عاما، لتتحول المشاهد والمسيرات إلى رقمية في العالم الافتراضي، وتجمع عبر شبكات التواصل الاجتماعي الشعب الفلسطيني وهو يندد بالعدوان ويستعيد الذكريات الحزينة ويجدد العهد على أن العودة آتية وإن طال الانتظار.
«عندما تحلّ ذكرى النكبة كل عام أشعر بغصّة ومرارة كبيرة، أستذكر ما حصل قبل 72 عاماً وكأنه بالأمس القريب، لا يغيب عن مخيلتي أبداً كيف هُجِّرنا من قريتنا الزِّيب على يد العصابات الصهيونية وخرجنا بملابسنا التي نرتديها»، هكذا تحدث الفلسطيني محمد أبوعوض، 80 عامًا.
يقول الحاج محمد لوكالة أنباء وفا الفلسطينية إنه ما زال يتمسك بالأمل في العودة، رغم الجرح النازف منذ عقود.
ويضيف: «عندما دخلت العصابات الصهيونية القرية خرجنا من البلد مشياً على الأقدام مسافة 50 كم تقريباً إلى منطقة رأس الناقورة، ومنها ركبنا سيارات لبنانية إلى قرية جويا، ومكثنا فيها مدة شهر، ومن ثم ذهبنا إلى صور، وبعدها ركبنا القطارات إلى سورية، ومكثنا أسبوعاً في منطقة النيرب في حلب، وبعدها بحوالي شهرين إلى منطقة أخرى اسمها أعزاز، ومنها إلى معرّة النعمان وبعدها استقر بنا الحال في مخيم اليرموك بدمشق».
ارتكبت العصابات الصهيونية، خلال النكبة، أكثر من 70 مجزرة ومذبحة بحق الفلسطينيين؛ وهو ما أودى بحياة ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني.
وسيطر الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه الفترة الحزينة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، ودمر 531 منها بالكامل.
أحداث كثيرة سبقت النكبة ومهدت لها ففي 2 نوفمبر 1917، بعث وزير خارجية بريطانيا في تلك الفترة، جيمس بلفور، برسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، لتُعرف فيما بعد باسم «وعد بلفور».
وجاء في نص الرسالة إن «حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية».
وبعد مرور عام على هذا الوعد، أعلنت كل من إيطاليا وفرنسا موافقتها عليه، لتتبعها موافقة أمريكية رسمية عام 1919. وأطلق الفلسطينيون على وعد بلفور وصف «وعد من لا يملك لمن لا يستحق».
الجدير بالذكر أن فلسطين كانت تحت الانتداب البريطاني ما بين عامي 1918 -1948، وهي مرحلة الهجرة الاستيطانية الصهيونية.
وفي 1948 أُعلن قيام دولة الاحتلال الإسرائيل على غالبية أراضي فلسطين التاريخية، بعد أن تم تهجير قرابة 800 ألف من أصل 1.4 مليون فلسطيني، من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة في واحدة من أبشع جرائم الاستيطان على مر التاريخ.
بسبب الظروف الحالية أعلنت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، أن فعاليات هذا العام ليوم النكبة ستقتصر على أنشطة رقمية على منصات التواصل الاجتماعي، ضمن حملة إعلامية تحمل شعار «سنعود إلى فلسطين»، وحثت الدائرة على رفع العلم الفلسطيني والرايات السوداء على أسطح المنازل الفلسطينية، وإطلاق صفارات الحداد، وتوقف الحركة لمدة 72 ثانية، بعدد سنوات النكبة، وإطلاق التكبيرات من مآذن المساجد، وقرع أجراس الكنائس.
تأتي ذكرى النكبة بينما تتعرض القضية الفلسطينية تتعرض لمخاطر غير مسبوقة، جراء نية دولة الاحتلال، ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية.
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، قال إن عدد الفلسطينيين تضاعف منذ النكبة، عام 1948 إلى ما يزيد عن 9 مرات.
وأوضح أن عدد الفلسطينيين بلغ نهاية العام 2019 نحو 13.4 مليون فلسطيني (في الداخل والخارج).
وبين أن أكثر من نصف الفلسطينيين يعيشون داخل فلسطين التاريخية (إسرائيل والضفة وغزة)، بواقع (6.64 مليون) نسمة.
وبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في العام 2019، بحسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حوالي 5.6 مليون لاجئ.
وأضاف الجهاز، إن نحو 28.4 بالمئة من اللاجئين يعيشون في 58 مخيما رسميا تتبع لوكالة (أونروا) الأممية، بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 في سوريا، و12 في لبنان، و19 في الضفة الغربية (بما فيها القدس)، و8 مخيمات في غزة.
لكنّ تلك التقديرات تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين؛ لوجود عدد غير مسجل لدى (أونروا)، إذ لا يشمل الإحصاء من تم تشريدهم بعد 1949، وحتى عشية حرب يونيو 1967، وأيضا من تم ترحيلهم على خلفية تلك الحرب.
أكثر من مائة ألف فلسطيني، استشهدوا منذ العام 1948، واعتقل مليون فلسطيني منذ 1967، بحسب تقارير متنوعة.
ستظل النكبة جرح غائر في جبين كل عربي وكل حر، وسيقى الحق الفلسطيني ثابتًا مهما حاولوا محوه وإقرار سياسة الأمر الواقع، وستبقى فلسطين عربية بحدودها وتاريخها، أما جرائم المحتل فلن تمحوها الأيام ولن يغفرها التاريخ ولن ينساها أصحاب الحق.