صلاح الناجي يكتب: رسالة إلى قادة الداخلية.. استقالة أو إقالة أو اعتذار

واأسفاه من أجلكم، ليس بوسعي أن أبدأ رسالتي دون أن أكون مستاءا، مشفقا، ومحاولا الإنصاف، ضد هذ الهدر الذي ربما تتعرضون له فيما قد تتانسى الجموع -التي هتفت محتجة على ما حدث في انتخابات المرحلة الأولى- حجم الجهد والكفاءة والتضحيات التي بُذلت في تحقيق الأمن الجنائى. بعدما أوشك الأمن السياسي على السير في طريق ما قبل الثورة. كاشفا عن خلل ربما تمت السيطرة عليه بنجاح بعدما كاد ينال من استقرار الوطن، وصارت الأمور تستوجب وقفة ومسائلة وإجابات عن أسئلة عديدة، مثل:

من الذي سيدفع الثمن؟

ومن سيحاسب من؟

قبل أسابيع من بدء انتخابات المرحلة الأولى، شهد لكم الشعب كله، أشاد وزاد، وعاد يشيد، بدور رجال الداخلية في كل موقع في مصر، من أسوان للمعمورة، إذ كنتم تضبطون إيقاع المجتمع قبل أن يجنح للفوضى. وكانت منشورات صفحة وزارة الداخلية على فيس بوك هي التريند اليومي، الذي يشفي صدور المواطنين من أفعال المارقين والمستهترين بالقانون، ومعاتيه اللقطة والشهرة والتريند المزيف بلا قيمة أو معنى.

وكذلك منذ شهور وأعوام، شهد الجميع لرجال الشرطة وهم يدفعون الثمن غاليا مرصعا بالتضحية قبل أن يكون واجبا وظيفيا يؤدى للترضية. ومنهم من ضحى بروحه بالفعل في مواجهة أباطرة المخدرت بأنواعها، والسلاح بأشكاله، حتى صارت جهود الوزارة تناطح في قيمتها المعنوية والمادية، تلك الثروة المتمثلة في عائدات قناة السويس، بفضل مكافحة استنزاف أموال وقدرات الشعب المصري، المادية والبشرية. من جانب تجار المخدرات والسلاح والنقد الأجنبي التهرب من حق البلاد والعباد وعدم احترام القانون. بعدما بلغ حجم تجارة المخدرات في مصر وفق مركز بصيرة الرسمي لبحوث الرأي العام، 400 مليار جنيه. وهي مبالغ تستنزف من الشعب وتنافس دخل قناة السويس حرفيا، ولكن كإهدار وليس كعائد.

فمن الذي حاول أو عمل على تصفية أثر جهودكم، كما لو كان من مافيا تجار صنوف الإيذاء، وإهدار ثروات الدولة والشعب؟

هل هو المال السياسي؟ أم هو الغباء السياسي الذي يسيطر على بعض العقول في بعض مواقع الحياة الحزبية الحديثة؟

إن الحق الواجب الأن، هو ألا تكون أخطاء العملية الانتخابية، هي القميص غير الواقي، الذي يحاول البعض إظهار الوزارة به، في مواجهة الرأي العام الناقد. وكذلك بعض المرشحين الذين باتوا “حيص بيص” ولسان حال أحلامهم يقول كما قال ابن الفارض: هيهاتَ واأسفي لو كانَ ينفعني .. أوْ كانَ يجدى على ما فات واندمي.

فما حدث في العملية الانتخابية خطأ جسيم، وما جرى عقب ذلك، هو أهم مستند يؤكد هذا الخطأ. وكما قال الرئيس السيسي، في أحد أحاديثه في السابق (الواقعة المخالفة تؤكد وجود مخالف.. فمن هو المخالف هنا؟)

الواقع أنني كمواطن قبل أن أكون صحفيا، لا زلت لا أصدق أن من بذلوا كل هذا الجهد، ومن ضحوا بأرواحهم في سبيل حماية أمن المجتمع والبلاد، داخليا، بل ويشاركون في حمايته خارجيا أيضا. يمكن أن يكونوا هم الضحية بسبب أخطاء وقعت في العملية الانتخابية، خصوصا بعدما أكد بيان لنادي القضاة عن أن قضاة منصة العدالة وأعضاء النيابة العامة لم يشاركوا في الإشراف على انتخابات المرحلة الأولى. بينما الواقع لا زال يؤكد، أن هناك من كان وراء هذه الأخطاء الجسيمة.. فمن هو إذن؟

وبناء عليه..

يتطلب ذلك تحديد من يستحق المسائلة القانونية. كا أن الرأي العام أيضا يستحق أن يعرف الحقيقة. وقد اطمئن إلى وجود رئيس قوي، وهو كقيادة وفكر يغرس دوما بذور الوعي بهموم ومشكلات الوطن في العقول والضمائر، ليكون ومعه الشعب من حوله، مثل عمود الخيمة للاستقرار والأمن في محيط يموج برمال متحركة تتطلب وعيا أكبر من السير على طريق التقليد والنسخ لتجارب ليست ضاربة في عمق التاريخ كما لمصر دولة وشعب. 

وأخيرا أكرر.. أن رسالتي تلك إلى قادة الداخلية تبحث عن حقيقة موقف بعدما حدث. سواء تمثل ذلك في استقالة أو إقالة أو اعتذار. لكم أو منكم. وحفظ الله مصر دولة ورئيسا وشعبا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *