«صالون التحالف» يناقش ضوابط الحبس الاحتياطي: تحول إلى عقوبة ويهدد استقرار الدولة.. وحبس من تجاوز عامين باطل بطلانا مطلقا (فيديو)
– أحمد راغب: المنظومة التشريعية المتعلقة بالحبس الاحتياطي لم تتغير.. وقرار حبس من تجاوز عامين «منعدم وليس له أي أساس»
أحمد قناوي: تعديل الحبس الاحتياطي وعدم تحويله إلى عقوبة ليس دور المحامين فقط بل هو دور المجتمع بكل مؤسساته وأحزابه وهياكله
أكمل قرطام: الحبس الاحتياطي تحول إلى عقوبة ويسبب إخلال بالعدالة وغضاضة لدى الشعب ما يؤدي إلى عدم الاستقرار
راجية عمران: لا بد من تخفيف وطأة الحبس الاحتياطي بإجراءات أخرى.. ويجب سن تشريع لتعويض المتهمين عن الأضرار الناتجة عن حبسهم احتياطياً
كتبت- آية أنور
أكد حقوقيون وسياسيون أن الحبس الاحتياطي تحول إلى عقوبة في ظل مخالفة ضوابطه وشروطه، مشددين على ضرورة عدم التوسع في هذا الإجراء الاستثنائي الذي يهدد استقرار الدولة، وأن يتم تفعيل بدائل أخرى أخف وطأة على المتهمين، وذلك خلال ندوة أونلاين نظمها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي لمناقشة ضوابط الحبس الاحتياطي.
وقال أحمد راغب، المحامي والباحث القانوني، خلال ندوة «صالون التحالف»، إن التعديلات التي أجريت على قانون الإجراءات الجنائية في العام 2013 لم تحول الحبس الاحتياطي إلى حبس بدون حدود قصوى، مؤكدا أن هذا «يشاع عنها بالخطأ»، وأن تلك التعديلات لم تغير في المنظومة التشريعية المتعلقة بالحبس الاحتياطي وخاصة المدد القصوى المتعلقه به.
وأضاف راغب أن قانون الإجراءات الجنائية تم تعديله في العام 2006، بوضع حدود قصوى للحبس الاحتياطي، موضحا أن هذه الحدود تمتد إلى ستة أشهر بالنسبة للجنح، وسنة ونصف السنة بالنسبة للجنايات فيما عادا الاتهامات التي تصل عقوبتها إلى الإعدام أو المؤبد، لنصل إلى أقصى حد للحبس الاحتياطي والذي يمتد لسنتين ويشمل جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وكل مراحل الدعوى الجنائية في التحقيق والاتهام.
وشدد راغب على أن الحبس الاحتياطي هو إجراء احترازي يستهدف بالأساس مصلحة التحقيق، ولا يمكن أن يتجاوز سنتين من التحقيقات، وما حدث في العام 2013 هو تعديل على سلطة محكمة النقض أو محكمة الإحالة بالنسبة إلى مد مدد الحبس الاحتياطي وهي «حالة قانونية صعب الوصول إليها» وتتطلب أن يكون هناك متهم تم التحقيق معه أمام النيابة، ثم أحيل إلى المحاكمة الجنائية، وصدر ضده حكم، وبعد ذلك طعن المتهم على الحكم الصادر ضده. وهنا تنظر محكمة النقض الأمر، وفي هذه الحالة يُمكن لمحكمة النقض أن تمد الحبس الاحتياطي للمتهم لأكثر من سنتين.
وأكد راغب أن حبس الشخص الذي تجاوز سنتين في الحبس الاحتياطي، باطل بطلانا مطلقا، وقرار حبسه احتياطيا «منعدم وليس له أي أساس» بحسب رأي بعض فقهاء القانون.
من جانبه، قال أحمد قناوي، المحامي ومؤسس بوابة مصر للقانون والقضاء، إن المادة (43) من قانون الإرهاب الصادر برقم 94 لسنة 2015 تنص على أن «تكون للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال، أثناء التحقيق في جريمة إرهابية، بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها قانوناً، السلطات المقررة لقاضي التحقيق، وتلك المقررة لمحكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، وذلك وفقاً لذات الاختصاصات والقيود والمدد المنصوص عليها بالمادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية»، وهذا يعني – وفق قناوي – أن «السنتين سواء في قانون الإرهاب أو في قانون الإجراءات العادية هو قيد أعلى فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي».
وشدد قناوي على أن الحبس الاحتياطي استثناء، والاستثاء لا يتم التوسع فيه، لكن المشاهد الآن يجد أنه يتم التوسع في الحبس الاحتياطي الذي يحتاج لشروط معينة لتقريره، لافتا إلى أن جريمة مثل بث أخبار كاذبة، تعني أن الخبر نُشر ومحفوظ، وليس هناك تخوف متعلق بالعبث بالأدلة ولا التأثير على الشهود لأن الدليل هنا يكون دليل مادي، ومع ذلك معظم قضايا الحبس الاحتياطي خاصة بهذه المادة، وهذا يخالف ضمانات الحبس الاحتياطي.
وأشار مؤسس بوابة مصر للقانون والقضاء إلى أن في الوقت الحالي يتم تجاوز السنتين بالنسبة للعديد من المحبوسين احتياطياُ، فالمتهم بعد أن يحصل على إخلاء سبيل يتم تدويره إلى قضية جديدة.
وأضاف قناوي أن القانون في أي مجتمع هو انعكاس للسياسة القائمة فيه، وأن الأدوات السياسية لا تقل عن القانونية، وتعديل الحبس الاحتياطي وعدم تحويله إلى عقوبة ليس دور المحامين والحقوقيين وحدهم، بل هو دور المجتمع بكل مؤسساته وأحزابه وهياكله.
بدوره، قال المهندس أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، إن الحبس الاحتياطي يهدد استقرار الدولة، لأنه يشعر الناس بأن هناك قوة للسلطة وهناك ظلم يقع عليهم باعتبار أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
وأضاف قرطام أن قانون الإجراءات الجنائية لا بد من تعديله، على الأقل في هذه الجزئية، مشيرا إلى ان حزب المحافظين تقدم بالفعل بمشروع إلى البرلمان في الدورة الماضية وشمل اختصاصات قاضي الحريات بمراقبة ووضع المتهم داخل أماكن احتجاز معينة والتأكد من مطابقتها للشروط المحددة، وتفعيل البدائل المناسبة لعملية الحبس.
وتابع: نحن نرى في حزب المحافظين أن الحبس الاحتياطي بشكل غير قائم تحول إلى عقوبة ما يسبب إخلال بالعدالة وغضاضة لدى الشعب وهو العنصر الرئيسي المكون للدولة ما يؤدي إلى عدم الاستقرار.
من ناحيتها، قالت راجية عمران المحامية والباحثة القانونية، إن بسبب جائحة كورونا كانت هناك صعوبة في التعامل مع المحبوسين احتياطيا، خاصة وأن الـ150 يوما الأولى في الحبس الاحتياطي يتم التجديد فيها أمام وكيل النيابة في أمن الدولة، لافتة إلى أن منذ آخر شهر مارس من العام 2020 تم وقف عرض المتهمين أمام نيابة أمن الدولة ويتم التجديد على الورق فقط للمحبوسين احتياطيا، هو «شيء مؤسف» لأن عرض المتهمين على النيابة كان فرصة للمحامين يلتقوا فيها بالمتهمين لمعرفة مدى احتياجهم لأدوية وللاطمئنان على حالتهم الصحية و لتوصيل الرسائل لأهاليهم.
وأكدت عمران ضرورة تخفيف وطأة الحبس الاحتياطي بإجراءات أخرى مثل المنع من السفر والتدابير الاحترازية الأخرى كالمراقبة في القسم مرة أو مرتين في الأسبوع. وطالبت بسن تشريع لتعويض المتهمين عن الأضرار الناتجة عن حبسهم احتياطياً وتأهيلهم مرة أخرى للقدرة على العودة للحياة مرة أخرى بعد قضاء مدد طويلة في الحبس الاحتياطي.