شيماء حمدي تكتب: ضحايا الإعلام البديل… عن ” حنين حسام” نتحدث
كان للإنترنت فضل كبير في تسهيل وصول المعلومات للمواطنين، كما ساهم في إحداث نقلة نوعية لعالم الصحافة والإعلام، حيث نشأت الصحافة الالكترونية التي قدمت شكلا جديد من الصحافة وساهم في انتشار وانتقال أكبر للأخبار في كل دول العالم.
ومع مرور الوقت وتطور التكنولوجيا، تطورت أيضا مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت أداة اعلامية سمعية وبصرية أيضا لا يمر يوما دون أن يستعملها الملايين من البشر، وتتميز وسائل التواصل الإعلامي بكونها منابر اعلامية مباشرة، غير مكلفة، ولا مكبلة بالقوانين كمثل التي تلاحق الصحافة الالكترونية، إلى جانب سهولة التعبير وممارسة حرية النشر دون التقيد بسياسة تحريرية معينة، وسهولة انتشار المعلومة، بالإضافة إلى ايضا التواصل السريع والسهل في أي زمان ومكان.
الأمر الذي أجبر الكثير من المؤسسات الصحفية الالكترونية في تغير نمط محتواها على المنصات الصحفية، فقد اتجهت تلك المؤسسات إلى انتاج التقارير والتحقيقات أكثر من كونها خبرية، كما وجهت أنظارها إلى مواقع السوشيال ميديا للاستعانة بها للترويج لمحتواها الصحفي.
وكذلك الأمر في البرامج التليفزيونية التي تسارعت من أجل تدشين صفحات خاصة على مواقع السوشيال ميديا، لعمل دعاية لتلك البرامج التي تقدم على فضائيات بطريقة أوفر من الدعايا والاعلان التقليدي المكلف، بالاضافة إلى ضمان انتشار المحتوى الذي يقدمه بطريقة أكبر وأسرع.
استغل بعض رواد السوشيال ميديا صفحاتهم التي تضج بالمتابعين لبث برامج حوارية تفاعلية مع أصدقائهم ومتابعيهم وتنوعت أفكار تلك البرامج ما بين الساخرة وغيرها التي تقدم محتوى تثقيفي ، أو تتحدث عن الموضة أو الطبخ، لم تكن تلك الفكرة جديدة فقد سبقها موقع اليوتيوب الذي استطاع الكثير في استخدامه في تقديم برامج مختلفة في محتوياتها، وقد ساهم اليوتيوب ايضاً في إشهار بعض من تلك البرامج وانتقلت من مرحلة بثها على اليوتيوب وفقط إلى بثها على بعض القنوات الفضائية على التلفاز، مثل برنامج البرنامج الذي كان يقدمه الإعلامي باسم يوسف، وبرنامج الدحيح الذي كان يقدمه أحمد الغندور.وهناك برامج أخرى عن الطبخ والموضة والرياضة وغيرها، حتى أصبح اليوتيوب مصدر للدخل للكثير.
من الواضح أن الإعلام البديل بدأ في اتخاذ محاور جديدة وطرق أكثر تطور للوصول إلى المواطنين، وأصبح يسبق بخطوات كبيرة الصحافة الورقية التقليدية وايضا الالكترونية في الوصول للمواطنين وانتشار المحتوى، لكن الغريب أن هناك اتجاه في الدولة لتقيد ذلك النوع من الاعلام البديل، جاء هذا الأمر مع بيانات النيابة العامة المتتالية والتي تضمنت أخبار بالقبض على فتيات مشتركات على برنامج التيك التوك.
إن تطبيق التيك توك ولايكي وغيرهم من التطبيقات لا تبتعد كثيرا عن مساحة الاعلام البديل التي نتحدث عنها، فقد استغل الكثير من الشباب تلك التطبيقات للإعلان عن مواهبهم المختلفة، مثل الغناء والرقص والتمثيل، فيما استغلته بعض الشركات ايضاً للترويج لمنتجاتها المختلفة، والسؤال الذي يطرح نفسه ما الفارق بين برنامج التيك توك ولايكي وغيره من برامج ومواقع السوشيال ميديا حتى يتم القبض عن فتيات مشتركات فيه.
وأخص بالذكر هنا الطالبة الجامعية حنين حسام التي القي القبض عليها بعد نشر مقطع فيديو تطلب فتيات فوق الـ 18 عام للعمل كمذيعات في تطبيق لايكي، ذلك التطبيق الذي قادني فضولي لتحمليه وتصفحه كي أعرف ما يقدمه وخصوصا بعد هذه القضية، لكن في الحقيقة بعد تصفح دام أكثر من ساعة لم أجد سوى فيديوهات مصورة تتحدث عن الطبخ والموضة والعناية بالبشرة والرياضة وغيرها من الموضوعات، ولم أجد ما يتحدثون عنه من دعارة إلكترونية أو حتى أشياء تشير إليها.
لا أخفيكم سرا، منذ اللحظات الأولى التي أثيرت فيها قضية حنين حسام وحتى الآن لم أرى أن هناك جريمة حقيقة ارتكبتها تلك الفتاة، تستوجب وجودها في السجن وسط المجرمين الحقيقيين، فهي فعلت مثلما يفعل الكثيرون الذي يحلمون بفرصة عمل تجلب لهم الرزق في وقت تغلق كل الفرص في وجه الشباب، تلك الفيديوهات التي لجأت لها حنين وغيرها سواء على وكالة ” لايكي” أو غيرها أحيانا هي مصدر رزقهم حال تسجيل عدد كبير من المشاهدات.
ولا يختلف كثيرا ما تقدمه وكالة ” لايكي” عن غيرها من المنصات التي ساهمت في خلق نوع جديد من الإعلام، تلك الوكالة التي تتضمن جميع أنواع الفيديوهات التي تتحدث في أشياء عديدة ما عدا” الدين والسياسية”، لا يقدم هذا التطبيق أكثر مما تقدمه البرامج التي تبث على قناة اليوتيوب، الوضع نفسه في القنوات الفضائية التي امتلأت ببرامج الطبخ والموضة والمسابقات والحديث في كل شيء سوى عن حقوق المواطن.
وأخيرا اغتيلت حنين إعلاميا خلال الفترة الماضية، بالرغم من أن القاعدة القانونية والتي تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته لازالت في كتب القانون ولن تحذف بعد، التهم التي تلاحق حنين حسام لا تقارن أبدا بما قدمته من محتوى على منصات السوشيال ميديا المختلفة، أن تطور التكنولوجيا واتساع رقعة الإعلام الرقمي جعلت الكثير ممن يقفون حتى الآن عند نقطة برامج التلفاز والجرائد الورقية لا يستطيعون إدراك حجم التغير أو التعامل معه، فهم نجحوا بجدارة في مهاجمة كل ما هو مختلف وجديد، هذا ما عناه ايضًا الإعلام الرقمي في بلادنا قبل أن يعترف به قانونا رغم القوانين المسنونة على رقبة هذا النوع من الإعلام.