زهدي الشامي يكتب: ركاب لله يا أولاد الحلال .. قطار بلا ركاب وعاصمة بلا سكان
—————————
خبر الأمس واليوم الذى لاشبيه له فى مصر هو إعلان وزارة النقل عن تخفيضات كبيرة لأسعار تذاكر القطار الكهربائى الخفيف الذى يصل لما يسمى العاصمة الإدارية الجديدة بنسبة تصل إلى 40 % بدءامن الغد السبت ، وكذلك الاشتراكات بنسبة تصل إلى 50 % . وليس ذلك فقط بل إن الوزارة الموقرة ومن كرمها قررت تسيير أتوبيسات مجانية من شرق القاهرة لمحطات القطار الكهربائى .
الوزارة تتسول ركاب لقطارها الجديد ، بل تعلن صراحة فى خبرها الذى نقلته كل الصحف والمواقع أنها قامت بذلك التخفيض لحين الإنتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة . يعنى ببساطة هى تعترف أن القطار بلا ركاب و أن عاصمتهم الجديدة لازالت خاوية على عروشها ، فأكبر جامع فى العالم وأكبر كنيسة يبدو أنهما مازالا يبحثان عن المصلين مثلهما مثل حال المدينة عموما .
ثم إن أسعار التذاكر التى خفضوها كانت تصل إلى 35 جنيها للمسافة الكاملة ، ويبدو أنهم كما نسوا أنه لايوجد سكان فى تلك العاصمة نسوا أيضا أن الناس لاتوجد فى جيوبهم مثل تلك المبالغ فاضطروا لتخفيضها من 35 جنيها إلى عشرين مرة واحدة .
ولكن كيف سيسددون إذن التكلفة الباهظة لذلك الكهربائى الخفيف ؟ تعرفون كم تبلغ تلك التكلفة ؟ يجتهدون لإخفائها أو تخفيضها ، ولكن الحقيقة كما تمكنت من الوصول لها كالآتى : مليار و 500 مليون دولار لشركة آفيك الصينية الموردة للقطارات ، و 530 مليون دولار للشركات المصرية المنفذة للأعمال المدنية ، يضاف لهم مليار و183 مليون يورو لشركة راتب ديف الفرنسية التى تعاقدوا معها للتشغيل والإدارة ، ولاحظ أن المستفيد الأساسى من ذلك البيزنس شركات أجنبية هى التى تستحوذ على حصة الأسد من مخصصات تلك الصفقة . تلك إذن قرابة 3.7 مليار دولار ستتغير قيمتها بالجنيه مع انخفاض سعره ، وهى تعادل اليوم حوالى سبعين مليار جنيه ، ولكن إذا إنخفض الجنيه ليصل الدولار مثلا إلى 25 جنيه ، فعليك إضافة حوالى 15 مليار أخرى . كيف سيسددون كل ذلك وبالعملات الصعبة ، تلك هى مأساة مصر فى ظل إدارة الهدر والتبديد الراهنة .
تخيل حجم إقتصاد الهدر هذا إذا تنبهت أنهم لم ينفذوا مشروع قطار واحد للعاصمة المزعومة بل ثلاثة خطوط قطارات مرة واحدة : قطار كهربائى خفيف ، وقطار كهربائى سريع ، ومونوريل ، شوفوا بقى الترف والفخفخة ، لكن من يقدر على سداد تلك المئات من المليارات ؟ لابد إذن أن تبيع الحكومة كل ممتلكات وأصول ومشروعات الشعب الرابحة !
طبعا اقتصاد الهدر يتضح أكثر ليس على ضوء خطوط القطارات الثلاثة فقط ، بل معها أمثلة أخرى كثيرة لمشروعات تبديدية فاشلة فى فائض انتاج الكهرباء غير المسبوق و تبطين الترع الذى أعنوا فجأة عن فشله ، وفى تلك العاصمة الإدارية ذاتها التى قال عنها ابن مصر و عاشق مصر العبقرى جمال حمدان إنه مشروع محكوم عليه بالفشل ، وووو !
ولكى الله يامصر !