رائد سلامة يكتب: أسئلة مبدئية بشأن ظاهرة “الساندريزم”
أسئلة مبدئية جدًا بشأن ظاهرة “الساندريزم” لمحاولة الفهم و التحليل و التنبؤ بما هو آت علي يدي “بيرني ساندرز” فيما يتعلق بالإقتصاد الأمريكي و كيفية تعاطي القوى الإجتماعية المؤثرة في أمريكا مع تلك الظاهرة:
1- هل يستطيع “بيرني ساندرز” -بإعتباره رئيسًا للجنة الموازنة في الكونجرس- أن يمرر تشريعات تضرب النمط الرأسمالي المعتاد في أمريكا؟
– نعم، دستوريًا هو يستطيع ذلك بما هو متاح لديه من صلاحيات أهمها قدرته علي استخدام وسيلة الـReconciliation التي تتيح له تمرير أية تشريعات بالأغلبية البسيطة (50%+صوته هو شخصيًا).
2- هل سيسمح له الحزب “المُتَحَكِم” (حيتان وول ستريت ورجال البنوك والأعمال بما فيهم الديمقراطيين) بتمرير تشريعات جذرية للدرجة التي تقضي علي مصالحهم؟
– بالتأكيد لا، لكن ربما يسمحون بتمرير تشريعات رقابية و مالية تحد قليلًا من المستوى الوحشي الذي وصلت إليه ممارساتهم حتى يتم ضبط الأسواق نسبيًا للحيلولة دون الإنهيار التام الذي سيصيب مصالحهم بالدرجة الأولى، وأظنه سيتحرك علي هذه الأرضية برفع سقف مطالبه الإجتماعية لأعلى قدر ممكن (سياسة الوقوف علي حافة الهاوية)، ليدخل معهم بعد ذلك في تفاوضات وتفاهمات يتسنى له بموجبها ترويض النَمِرَة الرأسمالية المتوحشة مع تقليم أظافرها وتهذيبها بدرجة تجعلها أكثر إنسانية، بعدما توحشت فدخلت في مأزق تاريخي غير مسبوق (أحجام إستثنائية للدين العام وعجز الموازنة والميزان التجاري مع دول هامة، بالاضافة لأزمات إجتماعية مُرعبة) وهذا في ذاته خطوة تساعد الطرفين: الحزب “المُتَحَكِم” و التيار الذي يمثله ساندرز للوصول الي win-win situation.
3- هل سيتخلص الحزب “المُتَحَكِم” من ساندرز إذا أصر علي الصدام “جذريًا”؟
– حتى لو فعل -و أنا لا أظنه سيفعل بإعتباره سياسي محترف و واع- فهم لن يتخلصوا منه بأي وسيلة قذرة كما حدث مثلا مع “مارتن لوثر كينج جونيور” حتى لا يجعلوا منه “مَسيحًا” للإشتراكية الجديدة، في ظرف تاريخي غير متكرر بما يزيد من عدد مريديه داخل أمريكا وخارجها وبما يشكل خطرًا أصيلا علي الرأسمالية ولو في غيابه شخصيًا، لكنهم سيسعون لإفشال مشروعه بطرق أقل رُخصًا لو أصر علي مستوى أكثر جِذرية للصدام.
وجود هذا الرجل علي رأس لجنة الموازنة في الكونجرس بما يحمله من أفكار وما يمثله من تطلعات لتيار كامل يتعاظم عدديًا بشكل مطرد في أعتى حلقات الرأسمالية، هو في ذاته نجاح باهر علي طريق التطور الطويل والذي ستتخلله إرتدادات وإنقطاعات وأيضا إنتصارات قد تكون محدودة لكنها ستمثل تراكمًا كَميًا سيفضي في النهاية إلى تغيير نوعي ومن ثم تركيب جديد، وربما يكون الطريق الطويل قد بدأ بالفعل منذ أيام في وول ستريت.. و الله أعلم.