د. يحيى القزاز يكتب: الوصاية باسم الوطنية.. يحيى حسين وساويرس وخالد يوسف
“فارس مقاومة الخصخصة”، المدافع عن المال العام، المهندس يحيى حسين عبدالهادى المناضل السلمى باللسان والقلم. قضى ثلاث سنوات ونصف في آواخر عمره -متعه الله بالصحة وطول العمر- في سجن طرة بتهمة نشر أخبار كاذبة، وهى كما وصفوها تهمة كاذبة. خرج بعفو رئاسى. الرجل بالرغم من مقامه الرفيع وأسرته العريقة ووطنيته وطهارته ونضاله وشجاعته ومواجهته للظلم والاستبداد والفساد إلا أنه حين تراه يسير على قدميه في شوارع المحروسة بقميصه نصف الكم تشعر أنه بسيط مثلنا كسائر أهلنا البسطاء، ليس هذا هو من زلزلت كلماته حصون الطغاة، وصار ملء السمع والبصر. أحب الناس بغير مزايدة، ودافع عنهم ببسالة فأحبوه. لو شاء هذا الرجل بإغفاءة طرف لصار شيئا آخر في السلطة والثروة والجاه، لكنه فضل أن يكون منا ومعنا، لسان حالنا نحن المعذبون في الأرض وقت أن قُطعت وشُلت ألسنتنا.
عاد يحيى حسين عبدالهادى إلى بيته بعد غيبة ثلاث سنوات ونصف أنفقها راضيا في حب الوطن في سجون طرة، اعتبرها ضريبة أو زكاة مال في زمن عز فيه المال. محبوه ومن يعرفون قدره تسابقوا لزيارته، وان اختلفوا ايدلوجيا معه. في تلك المناسبات يتم التقاط الصور التذكارية مع الزوار. نشرت صفحة المهندس يحيى حسين عبدالهادى (القيسبوك) صورة له بين زائرين؛ رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس والمخرج المهندس خالد يوسف.
تبارى بعض ملحوظ من رواد السوشيال ميديا في استنكار استقبال يحيى حسين لضيفيه ونشره صورة على صفحته تجمعه معهما. بأى حق يمارس البعض حريته على حساب حرية الآخرين! وهل كان يحيى حسين قاصرا والضيفان من الشياطين؟! ظاهرة مقلقة بدأت تنتشر وتتمدد في محيطنا؛ ممارسة الوصاية باسم الوطنية. انتقلت من السلطة لبعض النخبة بغير حق. كيف نستنكرها على السلطة ونفعلها نحن مع بعضنا؟!!! أكتب هذا بوضوح لأننى لا أعرف الزائرين معرفة شخصية، ولم التق بهما قط حتى اتهم بالدفاع عنهما. دفاعى عمن نسوا وتجاوزوا في حق أنفسهم فجاروا على حق غيرهم.. فوجب التذكرة. زيارة لمختلفين فرقتهم السياسة وجمعتهم لحظة إنسانية فيها تقدير ومحبة وامتنان واحترام لرجل ضاع من عمره ثلاث سنوات ونصف وهو في نهاية العقد السابع. لست في حاجة للتأكيد على اختلافى السياسى مع المهندس نجيب ساويرس لكن فيه مايستحق الإعجاب والتقدير: جرأته وشجاعته وممارسته لحريته في وطنه على أرضية المواطنة ولا يستسلم بسهولة.. “عُقر”. عندما اختطف مسلحون اثنين من المهندسين العاملين في شركته بالعراق، لم يهدأ ولم يتهرب ولم يتركهم لمصيرهم كما يفعل مسؤولون كثيرون. ذهب العراق، دفع الفدية، عاد بهم. ساعتها الناس وصفوه ب”الراجل الجدع”.
من حق أي منا أن يختلف ويبدى رأيه وينتقد صديقه ورفيقه إلا فيما يخص الحرية الشخصية. ليس من حق أحد أن يمارس الوصاية على أحد باسم الوطنية. هناك أشياء كثيرة يمكن انتقادها والحديث عنها. حبنا لبعض وحرصنا على بعض يتطلب احترام الخصوصية لا المزايدة وتسجيل المواقف. كان بإمكان محبو المهندس يحيى حسين أن يخبروه بما يعتقدون على الخاص وليس على الملأ ليجنبوه الاحراج. النصيحة على الملأ فضيحة وتسجيل موقف غير لائق أخلاقيا. ولا أظن أن الرجل ارتكب خطأ ينصح عليه، وزيارة ساويرس وخالد يوسف دليل تقدير ليحيى حسين ومواقفه وان اختلفا معه.
اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
#المقاومة_هي_الحل
