د. ممدوح سالم يكتب: حج بلا تصريح إساءة لفقه الفريضة
تابع الملايين من الناس المآسي التي نجمت من وراء إقدام ألوف الحجيج والمصريين خاصة على السفر إلى مكة؛ هؤلاء الذين قصدوا أداء الفريضة بلا تصريح من قبل السلطات الرسمية.
وأيما تكن الأسباب التي جعلت هؤلاء لا يتمكنون من الحصول على سبل السفر ضمن الحملات الرسمية سواء تلك التي هي منظمة من قبل الدولة أو المنافذ الأخرى المعروفة والمصرح بها، والتي تقع في نطاق المسئولية القانونية، فإن إقدام هؤلاء لأداء مناسك الحج كان فيه من العنت والمسالب والآثار الضارة المضرة على النفس من موت وفقد وهلكة، وعلى الغير من تضييق ومزاحمة وجدال ما يسيء إلى فهم الناس لفقه الفريضة التي ذكرها الله تعالى صراحة في محكم التنزيل من قوله تعالى: {من استطاع إليه سبيلا} (آل عمران:97)
وللعلماء أقوال في تفسير (السبيل) الوارد في الآية؛ فقال ابن عباس رضي الله عنه: (السبيل) مِلْك الزاد والراحلة. وعلى هذا، فإذا كان المسلم مالكًا لما يوصله إلى أداء فريضة الحج، وكان مالكًا كذلك لما ينفقه على حاجاته، من طعام وشراب ومسكن زائداً عن حاجة من يعولهم، فقد وجب الحج عليه، وإلا فهو غير مالك للسبيل.
(تابع الملايين الكثير من الحجاج الذين فقدوا نتيجة التيه، أو السير بين الجبال، وفي الطرقات الوعرة في درجة الحرارة غير المحتملة ما تسبب عنه الفقد والإعياء والهلكة)
وقال عكرمة: المقصود بـ (السبيل) الصحة، فإذا كانت صحة الإنسان لا تمكِّنه من أداء فريضة الحج، فهو من الذين لا يملكون السبيل.
وقال مالك: (السبيل) القدرة، والناس على قدر طاقتهم وسيرهم وجَلَدِهِم.
وحاصل تلك الأقوال، أن المقصود بـ (السبيل) أن يملك من يقصد الحج من الوسائل المادية والمعنوية ما يمكنه من أداء تلك الفريضة، من غير أن يفوِّت واجباً عليه، كواجب النفقة على عياله، ونحو ذلك. وللعلماء تفصيل في هذه المسألة، ليس هذا مكان بسطه.
وللذين يلقون باللوم على المملكة في العمل على حصار هؤلاء ومنعهم من الدخول أضرب مثلا لتقربب الصورة، هب أنك قد ضايفت نحو عشرين من الناس في بيتك، فإذا هم يصطحبون عائلاتهم وذويهم، أو جاءك من الناس ما لم تدعهم، فبلغوا نحو مئة أو يزيد، أيكون بيتك مستوعبًا عددهم ومأكلهم ومشربهم وما يلزم من القيام بأمورهم؟ أيكون؟!
فتدبروا يا أولي الألباب..