د. ممدوح سالم يكتب: إهانة المعلم الإنسان
أما قبل..
هل من أحد تحرك، أو هيئة انتفضت، أو برلمان ناقش حال المعلم الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا؟!
وبعد..
قامت الدنيا ولم تقعد لما تم تداوله من إهانة وزير التعليم وتعنيفه أعلى قيادة تعليمية في محافظة المنوفية، بالتحديد السيد مدير الإدارة بالباجور الذي توفاه مولاه إثر هذه الواقعة.
ولا يزال الأمر قيد التحري المجتمعي وأقوال الشهود الذين يثبتون الواقعة، بينما آخرون ينفون، ويثبتون أن الوزير له من اسمه أعظم نصيب! كان الرجل لطيفا ودودا بل مشيدا ومعززا.. والعلم عند الله بالحقيقة، وإلى أي مصير تجري الأمور..
لكن اللافت أن لا أحد ينتبه إلى تعنيف بعض تلك القيادات للسادة المعلمين أثناء زياراتهم الميدانية إلى المدارس تنفيذا لتعليمات ذلك السيد الوزير نفسه، أو سابقيه، سواء كانت مقنعة مبررة أم لا أصل لنقاشها.
كم من مرة نقل إلينا، أو سمعنا ورأينا مثل تلك المواقف التي يتم فيها تعنيف المعلم، أو توبيخه أمام زملائه أو تلاميذه، أو على صفحات التواصل، وفي المسلسلات والأفلام الدرامية منذ أمد بعيد..
السؤال: هل من أحد تحرك، أو هيئة انتفضت، أو برلمان ناقش ؟!
غدا المعلم مهملا في وزارة التعليم، وقل في ذلك ما تشاء.. مستباحا في راتبه الذي لا يكفيه دواء، ولا كسوة صيف أو شتاء، مستباحا في معاشه وفق اتفاقات الوزارة مع التأمينات، مستباحا في كثير من نقاشات الطلاب وأوليائهم في غرف الدردشة وأروقة الأندية، ومجالس تجمع العائلة في الإجازات.
كم من إعلان لتوظيف المعلمين، أو رفع أجورهم وليس من تنفيذ فيما نعلم..
ثم نأتي باللوم على من اعتزل الميدان احتراما لكرامته، أو سنه، أو تخوفا مما يمكن أن يلحق به حال زيارة مدير أو مسئول في مدرسته.
فرفقا أيها المسئولون بالمعلم الصادق الأمين العامل في مدرسته على تربية النشء وتعليم الأجيال!
رفقا بالمعلم الذي يخرج من بيته قبل طلوع الشمس ويغدو يحمل أمانة العلم والتعليم والتربية لأبنائه، صابرا محتسبا جهده وعمره وأنفاسه، صابرا مصطبرا لا يرجو إلا أن يترك أثرا نافعا فيما استخلف فيه.
رفقا به إذا يعود إلى بيته وقد أنهكه العمل، وأرهقته المتابعة، وأضناه التصحيح.
رحم الله أمير الشعراء يشدو للمعلم قبل (ترندات) أباطرة التعليم ومسوقي أغاني المهرجات في المراكز التعليمية التي ساءت وأساءت حتى طفح الكيل..
عموما، نسمع شوقي أحسن، فلعل في حديثه شفاء…
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ
عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ
وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا
#ود_سالم