د. حازم حسني يروي كواليس تنفيذ قرار إخلاء سبيله: أتمنى أن يلحق بي كل سجناء الرأي.. وأشكر كل من وقفوا بجانبي
أستاذ العلوم السياسية: قد يبدو إجراء الإقامة الجبرية بعد إخلاء السبيل قاسياً لكنه أقل قسوة بكثير من إجراءات احترازية أخرى
حسني: أتعامل مع الأيام على أرضية أساسها تفهمى الكامل لقوانين الحياة وتقلباتها مع قبولى بدفع ثمن اختياراتي
كتب: عبد الرحمن بدر
روى الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية، كواليس تنفيذ قرار إخلاء سبيله بعد عامين في الحبس الاحتياطي.
وفي أول تعليق منذ إخلاء سبيله نشر حسني في صفحته على (فيس بوك) صورة حديثة له، قال إنها التقطت له بعد سويعات فقط من وصوله إلى بيت العائلة حيث يقضى فترة الإقامة الجبرية التى قررتها النيابة بديلاً عن استمرار الحبس، وهى فترة قدرتها النيابة بخمسة عشر يوماً قابلة للتجديد.
وقال حسني: “قد يبدو إجراء الإقامة الجبرية بعد إخلاء السبيل إجراءً قاسياً، لكنه فى نظرى أقل قسوة بكثير من إجراءات احترازية أخرى مهينة للكرامة ومرهقة للنفس وللجسد؛ فعلى مدى سبعة عشر شهراً من الحبس لم أكن أحمل هموم السجن بقدر ما كنت أحمل هموم ما سيتبع مغادرتى إياه من إجراءات”.
وتابع: “جاءت الأمور – فى تصورى – أفضل كثيراً مما قدَّرت؛ ومن ثَمَّ فلا بأس من تحمل القسوة النسبية لنصيبى من هذه الإجراءات الاحترازية حتى ترى النيابة إنهاءها أو تخفيفها أو وفقما تراه من أمرها، خاصة وأن الإجراء الاحترازى بتحديد إقامتى بعد إخلاء السبيل لم يقترن بأية قرارات تمنعنى من الولوج إلى شبكة الإنترنت، ولا بأية قيود على حقى فى التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى”.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية: “الإرهاق الذى يبدو على وجهى فى الصورة سببه ليلة بيضاء طويلة اختلطت فيها بدايات إخلاء السبيل بنهاياته، وهى الليلة التى قضيتها بين ليمان طرة وبين حبسخانة المحافظة، ثم قسم الشرطة، حتى انتهت إجراءات إخلاء السبيل المعقدة فى نهاية ليلة طويلة ومرهقة لم أذق فيها طعم النوم؛ وعلَّه من الأمور النادرة أن تكتمل هذه الإجراءات خلال ساعات وإن كانت قد طالت هذه الساعات حتى قبيل الفجر، إذ من المعتاد أن يقضى المفرج عنهم أياماً أو أسابيع، وربما أكثر من ذلك، حتى تنتهى هذه الإجراءات”.
وأردف حسني: “أنا لا أشكو من هذه الليلة البيضاء حتى وإن بقيت مستيقظاً بسببها أكثر من خمس وعشرين ساعة متواصلة، إذ كنت قد تعودت أن أستيقظ ما بين الساعة الثالثة والساعة الخامسة فجراً، وأن أبدأ رحلة النوم ما بين السابعة والتاسعة مساءً، حتى كان يوم الإثنين الماضى الموافق 22 من فبراير إذ فوجئت – وأنا أغمض عينىّ، وأكاد أسامرملَك النوم – برئيس مباحث الليمان وهو يفتح باب الزنزانة بعد الساعة التاسعة مساءً ليستدعينى ويطلب منى جمع أغراضى استعداداً للرحيل”.
وقال أستاذ العلوم السياسية: “ارتبكت بعض الشئ، خاصة وأن النوم كان لا يزال يداعب عينىَّ.. كانت هناك إشارات – لا معلومات – منذ نحو أسبوعين باقتراب موعد إطلاق سراحى، لكن مغادرة الليمان ليلاً وعلى عجل، وسط إجراءات تفتيش صارمة، زاد الارتباك الذى استدعاه الموقف ارتباكاً؛ غير أن إجراءات التفتيش هذه، وما تلاها من خروج من بوابة الليمان، لم يكونا إلا بداية إجراءات لم تنته بإخلاء السبيل فعلياً إلا بمغادرتى قسم الشرطة بعد الساعة الثانية من صباح يوم الثلاثاء 23 فبراير، وبالطبع فإننى لم أبدأ فى مسامرة ملَك النوم بمجرد خروجى من بوابة القسم، ولكم أن تتخيلوا متى أتيحت لى رفاهية هذه المسامرة التى لم أنعم بها إلا بعد أن طغى الخيط الأبيض على الخيط الأسود من الفجر وبدأ ما يمكن أن نسميه بالنهار!”.
وتابع: “دعونى أُطَمئن الآن كل من يحسنون الظن بى وتعنيهم سلامتى، وأولئك الذين كان ولم يزل ديدنهم الشماتة بى وبكل من يخالفهم الرؤية ولا يتفق معهم فى الرأى من أى معشكر كانوا، بأننى قد خرجت من السجن إلى بيت العائلة وأنا بصحة جيدة والحمد لله؛ وحديث الجودة هنا هو حديث نسبى بطبيعة الحال، فهو حديث شيخ لا تبعده عن تتمة سن السبعين إلا نحو ستة أشهر لا غير”.
وأضاف: “بالطبع ليست صحتى كما كانت وأنا شاب فى العشرينات، أو حتى فى الأربعينات، لكنها صحة نفسية وجسدية جيدة على أية حال، وهى تكفينى لمواجهة مصاعب الحياة فى مقبل الأيام إلى أن يأمر الله – والله وحده – بإنهاء رحلتى فى هذه الحياة الدنيا؛ وحتى يحين هذا الأجل، الذى لا يعرفه إلا مُقَدِّر الآجال، فإننى أتعامل مع الأيام على أرضية أساسها تفهمى الكامل لقوانين الحياة وتقلباتها، مع قبولى بدفع ثمن اختياراتى وأنا أجتاز دروب هذه الحياة وأواجه تقلبات الأيام .. أو هى على أية حال أرضية أساسها تفهمى الكامل لقوانين الحياة القائمة فى مصر، وتحملى لثمن أن أكون مصرياً فى هذا الفصل من فصول التاريخ؛ فلا أنا آسى على ما فاتنى خلال سبعة عشر شهراً قضيتها وراء الأسوار وبوابات العنابر وأبواب الزنازين، ولا أنا فرح بما أوتيت من حرية مشروطة أقضى أيامها بين أفراد عائلتى الذين اطمأنت نفوسهم بعودتى إليهم سالماً لأكون بينهم من جديد”.
وواصل حسني: “أتمنى بالطبع أن يلحق بى كل سجناء الرأى الذين ما زالوا حبيسى الزنازين، حتى وإن اختلفت معهم فى هذه الرؤية أو تلك، وكان لى من الآراء غير هذا الرأى أو ذاك”.
وقال أستاذ العلوم السياسية: “اسمحوا لى قبل أن أنهى هذه الرسالة أن أشكر كل من وقفوا بجانبى منذ عرضى لأول مرة على نيابة أمن الدولة: الأستاذ خالد على ومساعديه، والأستاذ طارق العوضى ومساعديه، ومن قبلهما الدكتور محمد نور فرحات، وكل من تطوع بالانضمام لفريق الدفاع – ولو وقتياً – وأيدنى بالدعم القانونى والمعنوى خلال جلسات تجديد الحبس الدورية مثل الأستاذ محمد منيب، والأستاذ ناصر أمين، والأستاذة وفاء المصرى، والأستاذة راجية عمران، والأستاذة داليا زخارى وآخرين أعتذر لهم لو كانت قد ارتبكت فى الذهن أسماؤهم، فهذا لا يقلل من شأنهم ولا من قدر ما أدين به لهم من مشاعر التقدير والعرفان”.
واختتم حسني: “بقى لى أن أعطى، حتى لمن اختصمونى أمام نيابة أمن الدولة وأمام الرأى العام، حقهم فى الاعتراف لهم بحسن معاملتى منذ لحظة اعتقالى – أو أياً كان التوصيف القانونى الذى سجلته الأوراق لهذا الاعتقال – وحتى لحظة خروجى من قسم الشرطة، ولهذا تفاصيل قد لا أرى من المناسب الخوض فيها ولا فى أسماء أصحابها، وإن كنت قد أعود لبعض ملامحها العامة فى منشور لاحق إن هو أَذِن الرحمن بهذه العودة وكان لى من الحياة الدنيا بقية نصيب”.
وفي وقت سابق قال المحامي خالد علي، إن نيابة أمن الدولة العليا أخلت سبيل الدكتور حازم حسني واستبدلت حبسه بتدابير احترازية في القضية رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة.
وأضاف خالد علي، إن الدكتور حازم كان محبوسا في السابق احتياطيا على ذمة القضية٤٤٨ لسنة ٢٠١٩، وكنا حصلنا على قرار من غرفة المشورة بمحكمة الجنايات بإخلاء سبيله.
وتابع خالد علي: “ليكون القرار الأخير هو ثاني قرر يصدر من أجل إلغاء الحبس الاحتياطى بحقه”.
وكانت محكمة الجنايات بالقاهرة قررت إخلاء سبيل د. حازم حسني بتدابير احترازية على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، بينما فوجئ محاميه بظهوره بعدها بأيام في نيابة أمن الدولة للتحقيق في قضية جديدة في نوفمبر 2020.
وكانت قوات الأمن ألقت القبض على الدكتور حازم حسني في سبتمبر 2019، وظهر في اليوم التالي بنيابة أمن الدولة العليا متهما على ذمة القضية المعروفة إعلاميا باسم “فخ اصطياد المعارضين”.