د. إيهاب الطاهر يكتب: تكليف الأطباء وضرورات المجتمع
طالعنا نتائج إجتماع لجنة التكليف برئاسة السيد وزير الصحة، والتى أصدرت توصية بأن يتم تكليف الأطباء وأعضاء المهن الطبية “طبقا للاحتياجات” اعتبارا من حركة تكليف عام 2025.
نعلم بالطبع أن هناك زيادة فى أعداد العاملين بالوزارة من بعض الفئات الطبية مثل الصيادلة وأطباء الأسنان، وفى المقابل نجد عجزا فى أعداد فئات أخرى مثل الأطباء البشريين والتمريض، وبالطبع فيجب وضع حلول عملية لإصلاح ذلك لأن استمرار هذا الوضع هو أمر غير محمود.
ولكن فى الحقيقة أرى أن لجنة التكليف قد نظرت للأمر بمفهوم ضيق، وبالتالى أصدرت هذه التوصية التى أختلف معها تماما.
أولا فهذه الزيادة فى أعداد بعض الفئات المسؤول عنها هى السياسات الخاطئة فى قبول أعداد ضخمة بهذه الكليات عبر سنوات طويلة سابقة وليس أصحاب الشأن أنفسهم، وبالتالى فإن قواعد العدالة تقتضى أن يتم الإعلان عن تطبيق أى قرار جديد بهذا الخصوص اعتبارا من دفعات الطلاب الموجودين حاليا بالثانوية العامة وليس تطبيقه بعد سنتين أو ثلاث على طلاب التحقوا ويدرسون فعلا بهذه الكليات.
وثانيا وهو الأهم: فإن تكليف الخريجين من الكليات الطبية وخاصة كليات الطب له أهمية قصوى للمجتمع نفسه لأن هذا الخريج يحتاج فى بداية حياته العملية لأن يعمل ويتدرب تحت إشراف المتخصصين حتى يصبح مؤهلا للتعامل بمفرده مع أرواح المواطنين، لكن ترك بعضهم فى منازلهم يبحثون عن فرصة عمل لسنوات أو اضطرارهم للعمل منفردين دون إشراف هو أمر فى غاية الخطورة على المجتمع لأنه قد يؤثر سلبا على صحة المريض الذى سيتعامل معه.
لذلك أرى أن الحل الأفضل لمشكلة زيادة أعداد بعض الفئات هو أن تنسق وزارة الصحة مع المجلس الأعلى للجامعات من أجل ضبط أعداد المقبولين بهذه الكليات ليصبح طبقا للاحتياجات الفعلية، وليس بأن نترك الطلاب يدرسون ويتخرجون ثم بعد ذلك نتركهم منفردين يواجهون مصائرهم ويصبحون مثل القنابل الموقوتة التى قد تؤذى المجتمع.
أما موضوع العجز فى أعداد الأطباء فلن يحلها بالطبع إطلاق العنان لفتح كليات طب جديدة، لأنه يجب أولا أن يتم الزام هذه الكليات بامتلاك جميع مقومات التدريس والتدريب وعلى رأسها مستشفى جامعى بكل كلية قبل السماح ببدء الدراسة وذلك حتى نحافظ على الحد الأدنى المقبول لمستوى الخريج، كما يجب التقيد بالحد الأقصى لأعداد المقبولين بجميع الكليات سنويا.
وبالطبع فإن أى زيادات فى أعداد المقبولين بكليات الطب لا نتوقع أن تثمر عن تغطية العجز فى أعداد الأطباء طالما بقيت ظروف العمل الحالية على وضعها، فالأمر يحتاج لوضع حلولا جذرية لأسباب هجرة الأطباء من تدنى الأجور ونقص الحماية وبيئة العمل والمسئولية الطبية وغيرها من الأمور التى يعلمها القاصى والدانى.
.