د. أحمد حسين يكتب عن العرض المسرحي «101عزل»: يجب أن يشاهدها الشعب وتدرسها الحكومة
من رحم واحد أنجبت العديد، تباينت أوصافهم وأنواعهم وألوانهم، إلا أنه جمعهم نسب واحد منبته هذا الرحم.
ولد منها وبها العامل والطبيب والضابط وغيرهم، عاشوا ويعيشوا يُسرها وعسرها، تتكيء هي على بعضهم حينًا وتجور على البعض الأخر أحيانًا، ولا تعدم من يجور عليها، هذه الأم وكذلك الوطن يعدل بين أبنائه وقد يظلم.
أخوين أحدهما طبيب والأخر ضابط تودعهما الأم الريفية، بينما تودع الأبنة الوحيدة أمها الممرضة، وفي مشهد ثالث زوجة تودع زوجها الطبيب وزوج طبيبة يودع زوجته.. يلتقي المُودعَون في ساحة الحرب على فيروس كورونا، يحمي الضابط أسوار المستشفى بينما يواجه الطاقم الطبي الفيروس أو الموت.
ماتت الأم المريضة بكورونا بالمستشفى، ربما من وجع استنكار أبناءها لها وخوفهم على أنفسهم من العدوى، ولحقت بها الطبيبة الشابة وفقد الطبيب المرابط بالمستشفى بصره..انحسر الفيروس وعاد الناجون يشهدون أفراح ذويهم يحتفلوا بإنقاذ الحياة.
حياة إجتماعية خاصة أصبحت قاعدتها هي عدم الإستقرار والتحفز المستمر، فرضتها طبيعة مهن أصحابها مصل مهنتي الطب والتمريض، هذه الحياة تضطرب أكثر وتختل وقت الأزمات والكوارث عن حياة أي فئة أخرى..هذا ما استطاعت مسرحية 101 عزل تجسيده في عرض مسرحي استمر ساعة ونصف حاكى الواقع في جائحة كورونا بصورة تستحق الإشادة.
علمت من مخرج عزل 101 أنه قضى شهور في التواصل مع الفريق الطبي بالمستشفيات للوصول إلى قصص حقيقية تجسد واقع أصحاب المهنة والأحداث التي احتوتها مواجهة فيروس كورونا خاصة في أوقات اشتداد الجائحة، وأخبرني مدير فرقة المواجهة والتجوال المنتجة للمسرحية أنهم قضوا ثمانية أشهر في عمل البروفات والتدريبات قبل إنطلاق المسرحية.
حالة من الإمتنان أظهرتها نوبات التصفيق من الجمهور لكل أبطال مكافحة الأزمة، لم يفرق الجمهور بين الأطباء والتمريض الذين واجهوا الموت وبين الضابط الذي ربط على أسوار المستشفى، تمامًا كما لم تفرق الأم بين أبناءها.
وباء كورونا أظهر أمراض أخرى في المجتمع، فكما كانت بطولات البعض وانتماءهم بدون تردد أو مقابل، ألقى العرض المسرحي الضوء على بعض تجار الكوارث المتربحين بدماء المنكوبين..وبرغم موضوع العرض الذي يحكي تجارب مؤلمة إلا أن الإطار الدرامي الذي لم يخلو من الكوميديا جعل المشاهد لم ينظر في ساعته إلا ليتأكد أن مدة العرض بالفعل ساعة ونصف وليست دقائق.
مسرحية 101 عزل التي تقدمها فرقة المواجهة والتجوال التابعة للبيت الفني بوزارة الثقافة المصرية على مسرح عبد المدبولي أمام مترو العتبة بدءً من السابعة مساءً لمدة أسبوع قادم بأسعار رمزية، تستحق أن يشاهدها جميع أطياف المجتمع، ويجب أن تدرسها الحكومة لتتعلم ألا تفرق بين فئة وأخرى من أبناء الوطن، فكل بطلُ في مجاله وكلُ يحتاجه الوطن في أزماته ورخائه.